بأقلامهم >بأقلامهم
طوابير الذل أم طوابير الحاجة؟ - وفاء ناصر
طوابير الذل أم طوابير الحاجة؟ - وفاء ناصر ‎الأحد 4 07 2021 12:22 وفاء ناصر
طوابير الذل أم طوابير الحاجة؟ - وفاء ناصر


"بدك تصوريني صوري، تعوّدنا نوقف بالصف"، لم تتقصد عدسة الكاميرا ان تحوي وجه الرجل الستيني الملامح ولا سيارته التي أوشكت على لفظ انفاسها، بيد ان عبارته الحزينة اثلجت قلبي هنيهة وصفعته احزانا جمة.

بعدما انقطعت المحروقات لاسيما البنزين والمازوت من معظم محطات الجنوب وأعادت الكارتيلات بث المادة التي أحرقت اعصابنا تدريجيا في حياتنا اليومية لم تتوقف طوابير السيارات على المحطات قبل تزويدها بالبنزين ولا بعدها.

جولة ميدانية صباحية على قرى إقليم التفاح وقضاء صيدا تبعتها أخرى عصرا أظهرت فظاعة المشهد الذي لا ينفك يخدش إنسانياتنا ويهدد استمراريتها.

وإن كانت بعض المحطات المتواجدة في المدن وعلى الاوتوسترادات تشهد إشكالات فردية وظاهرات استثنائية تستدعي تواجد القوى الأمنية، يظهر دور شرطة البلدية جليا في القرى والبلدات لحفظ الأمن من جهة وتنظيم السير من جهة ثانية، ويلفت نظرنا أعداد الشبان المتواجدين لحماية المحطة وصاحبها.

رغم اتساع الطرقات العامة نسبيا حيث تتواجد المحطات الا انها تضيق بشدة ويتعذر على الآليات المرور أحيانا كثيرة ما يضطر البلدية المعنية إلى إرسال شرطييها لتسيير الأمور وضمان عدم حدوث حوادث سير او تلاسن ما قد يؤدي إلى اشكال بغنى عنه.
وغالبا ما تمتد هذه الطوابير إلى الأحياء السكنية، فتستقر الآليات أمام المنازل ويفرد السائقون أجسادهم على جوانب الطريق، في مداخل المنازل وتحت فيء الأشجار.

والملفت ما جاء على لسان المحامي الدكتور وسام صعب عاكسا رأي جيرانه لجهة عدم الانزعاج من هذه الطوابير عازيا السبب إلى المعاناة المشتركة، "كلنا منوقف بالصف، المصيبة جامعة كل اللبنانيين، كيف لنا أن نتضايق ونحن بنفس الخندق؟"، معولا على دور بلديته التي لا تنفك تنظم أمور السير. ورغم وجود فصيلة في البلدة الا أن شرطة البلدية تقوم بالواجب على احسن ما يرام.

في المقلب الآخر، تنقسم وجهة نظر اصحاب المتاجر حول هذه الظاهرة. بعضهم يتذمر من الزحمة غير المبررة ويجد فيها سببا في "تطفيش الرزقة" سيما ان الآليات تتسبب في تعذر وصول الزبون إليهم فيتعمدون وضع إشارات او كراسي او حتى صناديق فارغة ان لم تنفع الكلمة. بينما البعض الآخر ينظر بعين الرحمة إلى السائقين ويتأسف على ما وصلنا إليه دون أي اكتراث بالماديات وجوابهم الشافي "الرزق على الله، نحن مش اكرم منو".

بالقرب من إحدى المحطات، تقف امرأة على بلكونها واضعة يدها على خدها وفي عينيها كلام كثير. تحسّرها الظاهر يكشف فهمها "اللعبة"؛ " خبَّيْتو لتبيعو عالغالي، يا ويلكم من الله".

هذه الغشاوة التي طبعت على الأعين لا تخرج من دائرة كيّ الوعي، ولكن رغم الارتفاع الكبير لسعر المحروقات وساعات الانتظار الطويلة التي تثقل كاهل المواطنين الا ان الحاجة تفرض على معظمهم تزويد آلياتهم بالبنزين كي لا يخسروا أعمالهم مصدر رزقهم من جهة وحتى ييسروا امورهم لا سيما الطبية من جهة ثانية.

ولكن إلى متى سيستمر ارتفاع الاسعار؟ وهل يعلم المعنيون بهذا الملف ان عددا لا يستهان به قدم استقالته من عمله او يدرس جديا هذا الموضوع كون "النقل صار كسرة"؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر : جنوبيات