لبنانيات >أخبار لبنانية
الرئيس بيطار... اللواء عباس إبراهيم... ويحيا العدل!
الاثنين 5 07 2021 08:31درويش عمار
إذا قُدّر لك يوماً ان تقول كلمة حق يراد بها حق فلا تبخل أو تتوانى او تتأخر عن ذلك ولو لبرهة واحدة مهما كلف الأمر، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، أما إذا كان لا بد لك من أن تختار بين الصح والخطأ فلا تتردد على الاطلاق في خيارك الذي يجب ان يتكل ويعتمد دائماً على «الصح» لأنه في نهاية المطاف وكما يقول المثل الشائع «ما بيصح الا الصحيح».
قال احدهم يوماً إذا لم تجد أناساً حاقدين عليك فاعلم أنك انسان فاشل، فيما هناك حكمة للإمام علي تقول: الصبر صبران، صبر على من تحب، وصبر على من تكره. وهذا ما ينطبق على اللبنانيين جميعاً فيما يتحمّلون من معاناة يومية بسبب ممارسات المسؤولين والسياسيين والمصرفيين وأرباب الاحتكار الفاسدين في هذا البلد عل وعسى أن يكون الصبر عليهم مفتاح الفرج. أما لماذا الاستعانة واللجوء إلى الأقوال المأثورة والحكم لا لشيء إلا للتأكيد على ان ما نعيشه ونسمعه ونشاهده في هذا الزمن الرديء خلال هذه الأيام العجاف تجعلنا اكثر اصرارا على التمييز بين الحق والباطل وبين الصح والخطأ وبين «الأوادم» وغيرهم ممن تقرأ في عيونهم بوضوح كل ما تعني اللصوصية من أسرار والتي يتقنون فنها من دون خجل أو وجل والذين يتحفوننا على مدار الساعة بالكلام المعسول الذي يخفي في طياته كل مكنونات الكذب والدجل والرياء مع عنوان عريض «ليس عندهم ذرة ضمير أو وجدان». وهم يتصدرون الشاشات وأثير الإذاعات ليدلوا بآرائهم التي لا تغني من جوع ناهيك بتغريداتهم التي لا تعد ولا تحصى وكالعادة هي «جعجعة من دون طحين» مع كل ما يرافق ذلك من كلمات معسولة زد عليها الآمال والتمنيات والتطلعات والتوقعات بشأن الحلول المطروحة وكأني بهم يحملون المواطن الطيب المسؤولية عن كل ما يجري ويحصل في البلد، فيما هم يكتفون بالتنظير على الناس وينعمون بحياة من الرفاهية والترف والفجور في فيلاتهم ومنتجعاتهم والقصور، بينما الشعب يتلظى بنار جهنم وجحيم حر تموز في غياب شبه تام للتيار الكهربائي وتقنين المولدات إلى الحد الأقصى رغم ما يدفعونه من اشتراكات شهرية لأصحاب المولدات اضافة إلى الفواتير المتراكمة والمتأخرة التي تأتيهم تباعاً من مؤسسة كهرباء لبنان دفعات دفعات إلى غير ذلك من النفقات والأعباء والمصاريف اليومية في ظل غلاء معيشة لا يحتمل ولا يطاق وإذلال ما بعده إذلال أمام محطات الوقود والصيدليات والمصارف و«الخير لقدام»!!
بالعودة إلى سياق مقدمة هذه المقالة، فقد استوقفني كما كل اللبنانيين القرار الجريء الاخير الذي اتخذه قاضي التحقيق في جريمة 4 آب الرئيس طارق بيطار، والذي بموجبه اتخذ الاجراءات القانونية المناسبة التي تتلخص بالطلب من الجهات المختصة في كل من المجلس النيابي ووزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى عبر النيابة العامة التمييزية ونقابتي المحامين في بيروت والشمال لرفع الحصانة عن شخصيات سياسية ومحامين وأمنيين وقضاة من بينهم عدد من النواب والوزراء والسياسيين الذين صُمّت آذاننا كلبنانيين ونحن نسمع بهم منذ سنوات وسنوات وعما اقترفوه من فساد وموبقات وسرقات وسمسرات على مدء حقبة طويلة من الزمن من دون شفقة أو رحمة أو ذرة من الإحساس والشعور مع الناس.
هنا لا بد لنا من أن نشدَّ على يد القاضي بيطار للاستمرار بالتحقيق في هذا الملف حتى نهاية المطاف رحمة بالضحايا والشهداء الذين سقطوا جراء هذا الانفجار الرهيب، كما رحمة بذويهم وبكل اللبنانيين والوطن بأسره، وبلؤلؤة الشرق بيروت التي دمر الانفجار نصفها ومرفأها نتيجة استهتار وإهمال وعدم مبالاة كل من كان يتحمّل مسؤولية ومهاماً وظيفية أو وزارية ولم يقدر مدى خطورة تلك الكمية الهائلة من نيترات الأمونيوم والمواد المتفجرة التي زنروا بها العاصمة ومرفأها حتى حلت الكارثة في الرابع من آب 2020.
مهلاً أيها السادة، إنه اللواء عباس ابراهيم، ومع احترامنا لقرارات القاضي بيطار ووزير الداخلية العميد محمد فهمي، لا يمكن لنا ان نتخيل انه قد تم تصنيف هذا الرجل ووضعه في نفس الخانة ممن تم استدعاؤهم للتحقيق او اعطاء افاداتهم بشأن هذا الملف الخطير. بالله عليكم، كيف يمكن لنا كلبنانيين مخلصين اوفياء لهذا البلد ولقضائه الذي نجل ونحترم أن نصدق استدعاء شخصية وطنية مرموقة ومخلصة لهذا الوطن اسمها اللواء عباس ابراهيم، حتى ولو للإدلاء بإفادته أو شهادته أو أي شيء آخر من هذا القبيل، وبالتالي هل بالامكان ان يوضع «الأوادم» كاللواء ابراهيم، الذي لم يتأخر يوماً ولو للحظة واحدة عن القيام بواجباته الوطنية والانسانية والاخلاقية والوظيفية على أكمل وجه بشهادة الأقربين والأبعدين، فكم من الأسرى والمعتقلين قد أنقذهم من غياهب السجون ومن أيادي جماعات ارهابية وقطاع الطرق، حيث غامر بحياته ونفسه مرات ومرات وكان يعمل ليل نهار بصمت وهدوء بعيداً عن المزايدات والمشاحنات وحب الظهور لانقاذ تلك الأرواح البريئة وإعادتهم إلى ذويهم والى الوطن سالمين غانمين.
وبالله عليكم ايضاً وايضاً، ألم يسمع الجميع انه في أوج هذه الأزمة الوطنية الكبرى في لبنان وفي ظل كل الخلافات السياسية المتحكمة والمتجذرة بالبلاد والعباد والتي وصلت إلى حد نشر الغسيل الوسخ على السطوح بين السياسيين والمسؤولين الفاسدين وما يدور في فلك التيارات والاحزاب السياسية في هذا البلد من مهاترات وتشنجات حول تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان حيث لم يجدوا سوى اللواء ابراهيم يصول ويجول للقيام بالمهمات المستحيلة لإقناع هذا الطرف او ذاك وعقد الاجتماعات المتتالية على مدار الساعة في السر والعلن في محاولة منه لإنقاذ ما يمكن انقاذه بتجرد واخلاص لاخراج لبنان من هذه المحنة رأفة باللبنانيين جميعاً قبل السقوط في المحظور وقبل فوات الأوان وحينها لن ينفع الندم، فالرجل لم يقصر يوماً بإرسال المراسلات والكتب إلى كل المسؤولين المعنيين وتحذيرهم من خطورة وجود هذه الكمية الهائلة من النيترات في مرفأ بيروت. وتحديداً في مراسلته السرية في 16 أيار 2014، معدداً ومفصلاً الأسباب والموجبات التي دفعته لمثل ذاك التحذير للايعاز بضرورة العمل والاسراع باتخاذ كل الاجراءات المناسبة والكفيلة لمعالجة الأمر قبل فوات الأوان، لما تشكله من خطر محدق بالعاصمة وأهلها. وهذا ما أقدم عليه اللواء ابراهيم في حينه دون تردد او تأخير او تقصير.
لا لم ولن أسمح لنفسي يوماً أن انبري للدفاع عن اي شخص مهما علا شأنه، إلا أنني كمواطن مخلص وجدت أنه لزاماً علي أن اقول كلمة حق يراد بها حق وهي تحتم علينا جميعاً كلبنانيين ان نضع النقاط على الحروف، فاللواء ابراهيم سيبقى بنظرنا نموذجاً للنجاح والوطنية والاخلاص والتجرّد، وهو كبير من بلادي، يعمل بصمت في خدمة الوطن كل الوطن، ويعكس الصورة الوطنية والحضارية والاخلاقية والانسانية عن قلة قليلة من امثاله في وطن الأرز لبنان، وأنا على يقين ان اللواء ابراهيم ليس بحاجة لأي كان ان يكتب او يدافع عنه وعن تاريخه المشرق، وما المحاولات للنيل منه ومن سمعته عن طريق تسريب اخبار ملفقة وكاذبة الا محاولات دنيئة ورخيصة لن تستطيع المس بمصداقيته وأخلاقه وتربيته البيتية والوظيفية حيث أثبت منذ سنوات وسنوات انه أهل لتسلم المسؤوليات بكفاءة وجدارة وقد حقق النجاحات بكل ما اقدم عليه حتى الآن.
إذاً، الكل بانتظار قرار الرئيس بيطار بعد اجراء التحقيقات المطلوبة مع الشخصيات السياسية وغير السياسية الملوثة بالفساد والسرقات والسمسرات وهي لا تزال حتى الآن مستمرة في غيها وظلمها وجورها وارتكاباتها وفسادها عل وعسى ان يأتي قرار الرئيس بيطار باستدعائهم للتحقيق وفق الأصول وتحت سقف العدالة والقانون عل ذلك يشفي غليل اللبنانيين جميعاً، كما يشفي ايضاً غليل ذوي شهداء وضحايا انفجار المرفأ ويريح أرواح اولئك الشهداء في عليائهم وفي دنيا الآخرة.
إذاً، فإن اللواء عباس ابراهيم سيبقى اكبر وأسمى من أولئك «الثرثارون» كما قال هو نفسه عنهم يوماً فيما سيستمر بمسيرته الوطنية وتحمل مسؤولياته الوطنية الجسام لخدمة لبنان مهما حاولوا النيل منه، وهم لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً.
مرة جديدة إلى حضرة الرئيس بيطار نتوجه اليه بكل محبة وتقدير واحترام كسائر اللبنانيين جميعاً، ونقول ان الآمال ستبقى معلقة على موقفك الجريء لإنصاف الأوادم ومحاكمة المتورطين الفاسدين المتاجرين بدماء الناس وأموالهم وأرزاقهم دون شفقة او رحمة، وستبقى أنظار كل اللبنانيين شاخصة ومشدودة إلى قوس عدالتك حتى نسمع منك النطق بالحكم العادل، ولن نغالي إن قلنا لك بصريح العبارة ان الكل ينتظرون بفارغ الصبر تلك اللحظة مع الأمل ان ميزان عدالتك لن يزيح قيد أنملة عن مساره وحتى صدور القرار الظني أو الاتهامي عندها سيقول لك كل مواطن لبناني شريف ولأمثالك من القضاة الشرفاء، نعم، لقد نطقتم بالحكم باسم الشعب اللبناني بأسره ويحيا العدل.