لبنانيات >أخبار لبنانية
المواطن في قبضة أصحاب المولدات
المواطن في قبضة أصحاب المولدات ‎الثلاثاء 6 07 2021 09:37
المواطن في قبضة أصحاب المولدات

سمار الترك

صار المواطن في قبضة أصحاب المولدات بعد أن تبخرت كهرباء الدولة وتلاشت إلى نقطة الصفر.

حكاية الكهرباء ومأساتها في لبنان مزمنة،لكن الأزمة اليوم تخطت كل الحدود وجعلت اللبنانيين محاصرين بين تخلي الدولة عن مسؤولياتها ومزاجية أصحاب المولدات والأزمة الإقتصادية والمالية،ولم يعد من سبيل أمامهم سوى التعايش مع العتمة أو دفع نصف الراتب أو المعاش للحصول على 5 «أمبير» وأحيانا إلى 3» أمبير» لتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

هكذا اكتمل سيناريو قهر المواطن ...استقالت الوزارات المختصة من الحد الأدنى من مسؤولياتها،وتراجعت معظم البلديات عن تدخلاتها مع أصحاب المولدات متجاهلة أو مقصرة أو متواطئة،وفاقمت أزمة المحروقات المشكلة، وغابت الحلول الناجعة والمدروسة لتوفير وتنظيم توزيع مادة المازوت،ونشفت عروق التيار الكهربائي الرسمي..

وبقي المواطن المطحون يدفع فواتير الأزمات المتفاقمة ويعض على جرحه العميق .

فوضى قاتلة تضرب البلد والناس والحكام ماضون في حروب الحصص والصلاحيات يتربعون على أوجاع الشعب ومعاناته اليومية.

حكاية الكهرباء طويلة ومأساة اللبنانيين معها لا تنتهي،لكن ما يذوقونه اليوم من مرارة الوضع تجعلهم ضحية إهمال وتقصير الدولة وجشع ومزاجية أصحاب المولدات الذين صاروا «أسياد اللعبة».

اشتراك المولدات ... وكأن اللبناني لا تكفيه همومه

«أسياد اللعبة»

«اللواء» قامت بجولة ميدانية التقت خلالها «أسياد اللعبة»:

أصحاب المولدات الكهربائية، وذلك في مناطق متعددة حيث أجمعوا جميعهم على أنهم يتمنون لو أن الدولة تعود لتؤمن الكهرباء، كونهم لم يعد بإمكانهم تحمل الكلفة العالية لجهة شراء المازوت.

{ حسن غملوش صاحب إحدى هذه المولدات يقول: «كنا نشتري المازوت بـ31 ألف ل.ل اليوم بتنا نشتريها بـ70 ألف ليرة هذا عدا عن ارتفاع سعر الزيوت وكلفة الصيانة التي لا بد من القيام بها لضمان استمرارية عمل المولد،خصوصا في هذا الموسم الحار.

في السابق شركة الكهرباء كانت تعطي على الأقل 6 ساعات كهرباء وأحيانا أكثر،أما اليوم فهي بالكاد تعطي ساعة أو ساعتين من التيار الكهربائي.

صدقيني نحن نخجل من زبائننا لدى استيفاء الفواتير لكن ما باليد حيلة، وقد عمدنا إلى تقنين الساعات التي نمدهم فيها بالتيار الكهربائي كي لا نضطر إلى زيادة الفاتورة أكثر من ذلك.

هناك زبائن كثر عمدت إلى تخفيض عدد «الأمبير» فبدلا من 20 «أمبير» استبدلتها بـ10 ومن كان يأخذ 10 بات يأخذ 5 «أمبير» حتى أن هناك زبائن باتت تأخذ 2.5 «أمبير» فقط لا غير.

نحن نعلم أن ظروف العالم المادية باتت صعبة للغاية لا بل مأساوية وأننا في موسم الصيف والجو حار جدا، لكن في المقابل صدقيني نحن أيضا لدينا مدفوعات ولا نعلم كيف سنتمكن من تسديدها في المستقبل ولاسيما مع ارتفاع سعر «الدولار» وغياب الدولة بالكامل عن مسؤولياتها.

نتمنى أن تحل أزمة المحروقات في أقرب فرصة وتنظم ويحدد سعرها وتتوفر كي لا نضطر من أن نشتريها من السوق السوداء، وبالتالي نضطر لأن نرفع الفاتورة أكثر من ذلك، لأن المواطن لم يعد بمقدوره تحمل ارتفاع الكلفة، خصوصا وأن لديه التزامات أخرى عليه أيضا أن يؤمنها بينما ما زال يقبض راتبه بالليرة اللبنانية! 

دفع نصف الراتب للحصول على 5 «أمبير» لتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة ماذا يقول المواطن؟

{ نوال بحصلي تعيش جهنم بكل معنى الكلمة، تقول: «قالوا لنا أننا ذاهبون إلى جهنم وهاهم للمرة الأولى يفون بوعودهم. ما نعيشه اليوم لم نعيشه حتى في زمن الحرب الأهلية. اعتدت دوما أن آخذ 10 «أمبير» في فصل الصيف بدلا من 5 «أمبير» لأتمكن من تشغيل المكيف والتنقل بارتياح أكثر في المنزل خصوصا وأن الحر على أشده وهناك أحفادي الذين يأتون يوميا لدي بسبب عمل إبنتي ومن الطبيعي أن تؤمني لهم جوا معتدلا كي يتمكنوا من اللعب دون أن يشعروا بالحر .

لكن هذه المرة لم أتمكن من ذلك، لأن سعر الـ5 «أمبير» بات يعادل 600 ألف ل.ل أي في حال أردت أن آخذ 10 «أمبير» عليّ أن أدفع مليون ومئتي ألف ل.ل أي راتب شهر كامل .

أضيفي إلى ذلك،أن صاحب المولد يعطينا ساعة في اليوم فقط لا غير، ليعود ويمدنا بالكهرباء من السابعة مساء حتى الثالثة فجرا. صدقيني إن قلت لك أنني أشعر بالإحباط واليأس والحزن لما آلت إليه أوضاعنا جميعا كلبنانيين، والمؤسف أن أحدا من المسؤولين لا يرف له جفن بل هم ينامون في سبات عميق، وكأننا نعيش حياتا وردية، لكن الحق كل الحق يقع على عاتقنا لأننا نحن من أوصلناهم كي يتحكموا بنا لأننا لم نحاسبهم يوما».

{ عارف الحصري يشتكي الأمرين، يقول: «بعد أن توفيت زوجتي أصبحت أعيش وحيدا وكنت قد اعتدت أن آخذ 5 «أمبير» كي أشغل على الأقل البراد لأشرب المياه الباردة وأحفظ المأكولات...

لكنني فوجئت هذا الشهر بأن الفاتورة وصلت قيمتها إلى 560 ألف ل.ل ما لم يعد باستطاعتي تحمله، لذلك طلبت أن آخذ 2.5 «أمبير» فقط لا غير لأنه لم يعد باستطاعتي دفع الفاتورة، فأنا رجل متقاعد وراتبي بالكاد يكفيني لتأمين لقمة العيش ولولا ان أولادي يرسلون لي المال بين الحين والآخر لما تمكنت من تحمل كل هذه الضغوطات المادية خصوصا وأنني شهريا أحتاج لتأمين الأدوية كوني أعاني من مرض الضغط والقلب.

 أضيفي لذلك، أن صاحب المولد بات يقنن بدوره ساعات الكهرباء، فهو يمدنا بها من الـ 7.30صباحا حتى الـ11.30 ومن الـ1.30 حتى ال5 من بعد الظهر ليستأنفها في الثامنة مساء حتى الـ1 فجرا،وذلك بسبب عدم توفر مادة المازوت.إلى أين نحن ذاهبون ؟ لا أعلم!!

{ علي المولى يجيبنا وهو يطلق الشتائم على كافة الزعماء في هذا البلد، يقول: «رضينا بالهمّ والهم ما رضي فينا»، وافقنا على أن ندفع فاتورتين للكهرباء بدلا من فاتورة كي نؤمن نوعا من الراحة لكنهم حتى ذلك منعونا من التمتع به.

أنا متزوج ولدي 3 أولاد، وأكبرهم سنا لديه شهادة رسمية هذا العام، والكهرباء غير متوفرة وهو محتاج لها كي يتابع دروسه عبر «الأون - لاين».

فاتورتي تتخطى المليون ل.ل لأنني مشترك بـ10 «أمبير»، نتيجة الضرورة لكن ما أن ينتهي إبني من تقديم إمتحاناته الرسمية سأكتفي بـ5 «أمبير» وربما 3 «أمبير» لأنه لم يعد بمقدوري تأمين احتياجات المنزل.

عملي بات يقتصر على الإستيقاظ يوميا لتأمين الدواء والحليب والتجول من الصيدلية إلى السوبرماركت لتأمين ما يلزم، مع مراقبة الأسعار لشراء ما هو أقل سعرا من غيره.

كيلو اللبنة وصل سعره إلى 40 ألف ل.ل، هل هذا يصدق؟!!!!!

أين وزارة الإقتصاد وأين حماية المستهلك من كل ذلك؟

كلمة واحدة أكتفي بقولها لكل المسؤولين:«يا عيب الشوم»

وإن شاء الله لا يجدوا من يقدم لهم نقطة من الماء ليشعروا بما نشعر به، بالنهاية «ما في حدا أكبر من الله».»

المصدر : اللواء