بأقلامهم >بأقلامهم
المواجهة بوعي والمحافظة على الانتصار بحروف مسؤولة
المواجهة بوعي والمحافظة على الانتصار بحروف مسؤولة ‎الثلاثاء 6 07 2021 11:13 لينا وهب
المواجهة بوعي والمحافظة على الانتصار بحروف مسؤولة


لم يتسنّ لي خلال اللقاء الإعلامي الوطني، الذي عقد مساء اليوم تحت عنوان "فلسطين تنتصر: تجديد الخطاب الإعلامي وإدارة المواجهة" بكلمة افتتاحية للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله وبحضور حشد من الإعلاميين والنخب، أن أجري مداخلتي حيث استدعى التزامي بأمور شخصية أخرى مغادرة اللقاء بعد أن أنهى سماحة السيد كلمته.

وجاء الخير في أن أدلي بمداخلتي هنا على موقع جنوبيات الإلكتروني ليكون متاحًا أمام الرأي العام ولمن يجد فيها إفادة تعود عليه.

حقيقةً كثيرة هي النقاط التي تناولها سماحة السيد نصر الله والتي يمكن الوقَوف عندها بدءًا من حديثه عن أهمية النصر الاستراتيجي الذي حققته جبهة المقاومة اقليميًا وبشكل خاص في معركة سيف القدس التي ساهم الإعلام المقاوم فيها كما في سابقاتها من المعارك دورًا مهمًا في صنع الانتصار كما تثبيته، من خلال نقل الحقائق والصورة على أرض الواقع بكل موضوعية مبينًا للعالم بأسره وحشية العدو وأحقية أصحاب الحق ولا سيما الشعب الفلسطيني في قضاياهم، حيث كان لوسائل التواصل الاجتماعي في ذلك الدور الأبرز. وأكدّ سماحته أنه لا يجب أن تنشغل الشعوب العربية وكذلك الإعلام المقاوم عن قضية أساسية كالقضية الفلسطينية بقضايا أخرى، وإن كانت الأزمة اللبنانية واحدة من تلك القضايا المهمة، داعيًا وسائل الإعلام إلى تغطية الأحداث في كلتا القضيتين بشكل متوازي دون إغفال أي منهما. 

ولفت إلى أن الحل للأزمة اللبنانية يكمن في جذب الاستثمارات أو المساعدات الدولية النقدية، إلا أن ذلك لم يحصل حتى الساعة بإيعاز قانون قيصر وخشيةً من التهديد الأميركي بفرض العقوبات على من تسول له نفسه تجاوز المحظورات الأميركية بكسر حصار قيصر ومساعدة لبنان. إضافةً إلى غياب الشجاعة والجرأة لدى المسؤولين المعنيين في الدولة لاتخاذ قرار في هذا الشأن لإنقاذ لبنان خوفاً  على مصالحهم الشخصية.

إلا أن أكثر ما استوقفني أكاديميًا كمتخصصة بعلم المعلومات وأستاذة جامعية هو تسليطه الضوء على مسألة غياب الوعي لدى شريحة واسعة من الناس حيال ألاعيب إعلام العدو الذي لطالما كان يسعى باللعب على الوتر العاطفي لتشويه الحقائق وخلق الأخبار المفبركة لتحقيق مآربه وادعاء النصر، أو أقله ابعاد الناس عن قضايا المقاومة وتشويه صورة المقاومة والهائهم بقضايا أخرى.

و انطلاقاً من هذه النقطة حيث للوعي أهمية في تلقف الأخبار وانتقاءها والتدقيق بصحتها قبل إعادة نشرها بين أفراد المجتمع حيث لم يسلم حتى البعض منا نحن المتخصصين من الوقوع في ذلك الفخ، فكما قال سماحة السيد حسن نصر الله لسنا بمعصومين عن الخطأ وبعضنا قد يخطىء. إلا أن التنبه للخطئ واستدراكه واجتناب الوقوع فيه مجدداً مسألة تحتاج من كل فرد منا أن يعي ما وراء الخبر وتحديداً التدقيق بالمصدر وتحليل المحتوى للتمييز بين الخبر المفبرك أو المبالغ فيه والآخر الصحيح والموضوعي.

وفي هذا السياق، كمتخصصة ومن خلفية علمية لا بدّ من العودة والإشارة إلى موضوع الوعي المعلوماتي الذي تعرفه جمعية المكتبات الأميركية بأنه قدرة الفرد على اكتشاف المعلومة  حين يحتاجها مع القابلية على تقييمها واستعمالها بالشكل الفعال، بمعنى آخر أنّه الاستخدام الصحيح للمعلومة أو الخبر والتمييز بين الصحيح منها والمزيف أو المفبرك والملفق وخصوصاً في ظل وجود التكنولوجيا التي أتاحت عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي صحافة المواطن، بحيث أصبح كل من يملك هاتف-ذكي وحساب على وسائل التواصل الاجتماعي مشاركًا في العمل الإعلامي وهو بذلك يؤثر حتماً في أي مواجهة بالوعي الجماعي المجتمعي. 

وفي هذا الصدد إن كان لا بد من توصية فإنني أقترح على مراكز الأبحاث والدراسات إقامة ورش عمل، تشمل لفيف من الاختصاصيين، بشكل دوري لتثقيف المواطنين وإعادة بناء الوعي المعلوماتي لديهم،  لضمان مجتمع قوي وواعي لا يبتلع طعم العدو في تناقل الأخبار الملفقة. والجدير بالذكر أنه في تخصيص فقرة إعلامية لتحليل المحتوى الإعلامي الأكثر تداولاً أو رواجًا بشكل عام، ومشاركة نتائج التقييم مع الجمهور،  تجديد للخطاب الإعلامي بلا ريب. 

هنا نتذكر مقولة الشيخ راغب حرب "الموقف سلاح" في دلالة على أهمية الكلمة في صنع الانتصار والمحافظة عليه. وهذا ما شهدناه عمليًا في أكثر من محطة تاريخية حيث وثق الإعلام وقائع المعارك والانجازات والانتصارات وليس آخرها كان في معركة سيف القدس حيث استطاع الموقف الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي من إعادة القضية الفلسطينية وأحقية الشعب الفلسطيني إلى وجدان وضمير الشعوب العربية إضافةً إلى إثارة مسألة حقوق الإنسان وهمجية العدو دوليًا، مشكلاً بذلك أداة ضغط على صناع القرار. فسرعان ما استغاث الكيان الإسرائيلي المحتل لوقف اطلاق النار لو من جهة واحدة معترفًا بذلك بانتصار القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية عليه لو بالحجم المعنوي مرغمًا وممرغًا أنفه بصواريخ وإعلام المقاومة لا بطلاً.

المصدر : جنوبيات