بأقلامهم >بأقلامهم
"نبوغ التسوّل" لـ"بلوغ التسلّل"
"نبوغ التسوّل" لـ"بلوغ التسلّل" ‎الأربعاء 21 07 2021 14:16 غازي العريضي
"نبوغ التسوّل" لـ"بلوغ التسلّل"


في زمن الطوابير، طابور أمام محطة رئاسة الحكومة يقف فيه زبائن يحلمون بالحصول على بطاقة تكليف. خدمة البلد واجب وطني وتستحق كل تضحية. وعندما نقول تضحية نتحدث عن نبلاء عقلاء وأحرار كبار. لديهم ما يعطونه ويريدون العطاء. أما ضعفاء النفوس الصغار أسرى الشهوات والمصالح كما هو حال بعض زبائن طابور اليوم، يمـــارسون الترفّع والتعفّف على الهواء والتشفّع والتزلّف فـــي الخفاء !! لا يمتّون الى العفة بصلة، بل هي منهم براء وسلوكهم لا يوحي بعفّة بل بكل خفّة إذا عدنا قليلاً الى الوراء !!

وبالتالي عفّة " اللحظة " مصطنعة عندهم ولحظة العفّة ممتنعة عنهم !! يظهرون على الهواء التألق في التواضع وعدم الرغبة في الوصول الى الموقع " إلاّ " !! أما في الخفاء فيبرزون التعلّق به ويمارسون التملّق من أجله والتسلّق على كل الرافعات للوصول اليه !!

تشدّد على الهواء في هذا الاتجاه، وتمدّد في الخفاء في كل الاتجاهات. إنه نبوغ التسوّل لبلوغ التسلّل !! 

ما هو مضمون ال " إلاّ " كشرط في الظاهر للقبول ببطاقة تكليف في هذا الزمن القاهر؟؟ 

1 – موافقة نادي رؤساء الحكومات.

2 – موافقة المملكة العربية السعودية.

3 – ضمان السرعة في التأليف. 

4 – ضمانات دولية لإقرار الإصلاحات !!

- في البند الأول قيل للبنانيين إن ثمة اتفاقاً بين أركان النادي ألا يكون أحد منهم في رئاسة الحكومة في فترة ولاية الرئيس ميشال عون. وقيل أن الأمر عرض على عضوين ولم يقبلا لأن التجربة غير مشجعة بل صادمة. وذهب بعضهم الى القول : ليتحمّل عون وداعموه مسؤولية المرحلة المقبلة. ليحكموا وحدهم. وفي معزل عن صوابية أو عدم صوابية هذا الموقف كيف يمكن لأحدهم أن يقبل مجرد السعي الى الموقع من خلال  جهات خارجية في وقت يقول بعض آخر إن المعني الراغب في الحصول على بطاقة التكليف والدخول الى رئاسة الحكومة كان يحفر ل " السلف " للخروج منها ومطلوب أن يتبنى تغطيته اليوم ؟؟ كنا نسمع أن أعضاء النادي جميعاً غير موافقين على " الشروط " " والعقبات " " والاستعصاءات " التي وضعت في طـــريق " المكلف الخارج "، فماذا تغير ليكون لين وقبول هادئ بآخر كان يزايد عليه آخذين بعين الاعتبار الخطايا التي ارتكبها " الخارج " ؟؟

  -  في موضوع موافقة المملكة العربية السعودية ثمة تذاك مؤذ لها ولمن يتطلع الى دورها الفاعل في لبنان. لماذا ؟؟ لأن الفريق الصادق في علاقته بها، أو " المتملّق " أو أو أو.... يتهم " حزب الله " بالعرقلة والإمساك بالسلطة فعلياً وبتغطية ممارسات الرئيس عون وفريقه في استباحة الصلاحيات والدستور ويؤخرون معاً تشكيل الحكومة لأسباب تتعلق بإيران وهم يأتمرون بأمرها. ألا ينتبه هؤلاء الذين يضعون شرط موافقة المملكة وقبولها طلب اعتمادهم أنهم يربطون مصيرهم ومصير رئاسة الحكومة بكلمتها تماماً مثلما يفعل الآخرون في علاقتهم بإيران وقبول قرار " ولي الفقيه " ؟؟ سيأتي من يقول لهم : هم لهم وليّهم وأنتم لكم وليّكم وبالتالي لا يحق لأحد منكم الحديث عن الارتباط بالخارج بغض النظر عن رأينا بسياسات هذه " الولاية " أو تلك لأننا نتحدث هنا عن إدارة اللعبة السياسية في لبنان من قبل أطرافها المحليين وربما كان البعض ينتظر نتائج الحوار السعودي – الإيراني وكأن لبنان يحتمل الانتظار !!

  - في مسألة ضمان السرعة في التأليف. من الخفّة بمكان الرهان على أن الرئيس عون ومن معه سيسهّلون تشكيل الحكومة لأي كان من الشخصيات المقبولة لأنهم لا يريدون استفزاز الطائفة السنية من جهة ونكاية ب سعد الحريري من جهة أخرى !! ألا تشكل هذه النكاية التي أخرجت الحريري معطوفة على خطاياه استفزازاً " للسنة " ولنادي رؤساء الحكومات وللمجلس الشرعي الذي أصدر بيانه الشهير منذ أسابيع ؟؟ وهل المسألة شخصية مع الحريري بما يمثل ؟؟ هذا أيضاً تشاطر في غير محله وتمنٍ ووهم لا يبنى عليه حساب سياسي.

الرئيس عون سينطلق في المشاورات من التجربة السابقة، والمبادرات التي اعتمدت، ومن النقطة التي تم الوصول اليها في إطار التفاهمات المبدئية آخذين بعين الاعتبار أن من رفض تشكيل حكومة سيكون عمرها  ممتداً لأشهر قبل انتخابات الرئاسة المقبلة وهي ستكون في موقع إدارة الحكم في لبنان إذا حصـــل فراغ ما، وبالتالي كما قالوا لا يأتمنون الحريري على إدارة الدولة فهل يأتمنون غيره ممن يقولون هم أن لهم تجارب معه لا تشجع وأنهم سيتصرفون على أساس " لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة " ؟؟ وهل إذا قبل طامح بشروط هؤلاء يكون قد التزم بموقف نادي رؤساء الحكومات وبيان المجلس الشرعي وحمى كرامة الموقع ؟؟ 
  -  في ما يتعلق بضمانات دولية لإقرار الإصلاحات. ثمة ملاحظات. أولاً، اعتذر الرئيس المكلف السابق بعد اشهر وانهيار البلد، في ظل ضغوطات دولية وتهديدات بعقوبات وتأنيبات ومبادرات واستنفارات لحثّ الأطراف المعنية على تشكيل الحكومة ولم يحصل شيئ. فماذا تغيّر ؟؟ ما هي قدرات الخارج على فرض رأيه في مثل هذه الحالة والتجربة ؟؟  فهل المواقف الدولية مبنية على استحسان وتفضيل هذه " الشبوبية " على تلك ؟؟  ثانياً : لماذا الاستهتار بعقول اللبنانيين ؟؟ في كل مرحلة من المراحل، الإصلاح قرار ذاتي. إرادة ذاتية داخلية. لو فعلنا ذلك كلبنانيين دون تعميم في الاتهامات بالتأكيد، لما وصلنا الى هنا ولطالما تحدثنا عن هذا الأمر. لكن الأهم، هل المطالبون بذلك اليوم إصلاحيون جدّيون يشير تاريخهم في الدولة وإدارتها الى ذلك ؟؟

باختصار نقول للمعنيين بهذا الكلام : كفى تشاطراً وعفّة مصطنعة وخفّة واستخفافاً بعقول الناس ومحاولات تذاك عليهم، وإدعاء أن بعض من في الطابور رجال دولة وطنيون أقحاح وهم يستجدون الخارج في كل ناح ومحصنون  مناعتهم قوية في وجه شهوة السلطة والمال وليسوا بحاجة الى لقاح !! إن في ذلك إهانة للأمانة والمكانة والهيبة والجدية والمقام والمقال. 

أوقفوا هذا الانهيار والتلاعب بمواقع القرار هنا وهناك...

المصدر : جنوبيات