لبنانيات >أخبار لبنانية
من مكسة البقاع إلى لبنان والعالم
من مكسة البقاع إلى لبنان والعالم ‎السبت 31 07 2021 17:06
من مكسة البقاع إلى لبنان والعالم

حسان حلاق

سماحة مفتي زحلة والبقاع العلامة الشيخ خليل محي الدين الميس ١٩٤١ - ٢٠٢١ سماحة العلامة المفتي الشيخ "خليل الميس" من مواليد مكسة البقاع الاوسط التي تلقى فيها دراسته الاولى في مدارسها وبرعاية والده مختار البلدة. ونظراً لطموحاته فقد توجه الى بيروت المحروسة لمتابعة دراسته في كلية الشريعة التي نال منها عام ١٩٦٣ الثانوية الشرعية. وبسبب تفوقه العلمي فقد نال منحة من وقف العلماء وذلك لمتابعة دراسته في الأزهر الشريف في القاهرة التي نال منه إجازة في الشريعة الغسلامية عام ١٩٦٧. ونظراً لاجتهاده وطموحه العلمي، فقد نال درجة الماجستير في الفقه المقارن من الأزهر الشريف عام ١٩٦٩. وكان رحمه الله يطمح لنيل العالمية اي الدكتوراه من الأزهر الشريف، غير أن الظروف لم تسمح له آنذاك فعاد إلى بيروت المحروسة عام ١٩٧٢ متمتعاً بالعلوم الشرعية والفقهية على مستوى عال. وماهي إلا سنوات حتى لمع اسمه وعلمه وعمله فاختاره صاحب السماحة الشهيد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد عضواً في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى. ونظراً لاهمية أفكاره وعلمه، فقد اسهم في تأسيس أزهر لبنان في بيروت وعين رئيساً له. ونظرا لتميز وعلم الشيخ خليل الميس فقد تم تعيينه في عام ١٩٨٥ مفتياً لزحلة والبقاع ورأى أن منطقة البقاع بحاجة الى بناء مؤسسات أزهرية تسهم في بناء الإنسان المسلم لذلك حرص على تأسيس أزهر البقاع في مجدل عنجر وفق رؤية علمية وإسلامية متقدمة. لقد أسهم سماحته في وضع أسس متينة لأزهر البقاع، فعمل على تطويره والنهوض به، فتحول الى مؤسسة تربوية أزهرية بقاعية عملاقة لخدمة أبناء المسلمين في البقاع ولبنان والعالم الإسلامي خاصة بعد افتتاح جامعة أزهر البقاع في عام ٢٠١٣. والحقيقة فقد برز ولمع اسم سماحته في الأوساط العلمية في لبنان وفي العالمين العربي والإسلامي. لذلك فقد أصبح عضواً في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جده وقد أثرى هذا المجمع بفقهه وعلومه الشرعية. كما كان استاذاً مهماً في كلية الشريعة الإسلامية في بيروت وأستاذا في المعهد العالي للدراسات الإسلامية التابع لجمعية المقاصد. وكان أستاذاً مشرفاً على رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه في مختلف الجامعات الدينية والشرعية باعتباره مرجعاً إسلامياً فقهياً من الدرجة الأولى. ونظراً لمكانته اللبنانية والعربية والإسلامية فقد منح الكثير من شهادات الدكتوراه الفخرية وشهادات التكريم والتقدير وأوسمة لبنانية وعربية وإسلامية. وفي أثناء اقامته لسنوات طويلة في بيروت المحروسة فقد تصاهر مع أسرة بيروتية عريقة من آل قريطم. وبفضل علمه وأخلاقه أحبه البيارتة بل أحبه كل من تعرف إليه. فقد كان سماحته ملك المنابر والخطب الدينية والوطنية، وكان رمزاً من رموز الاعتدال والوسطية ونبذ العنف والتطرف، وكان مدرسة في العيش المشترك. رحم الله العلامة المفتي الشيخ خليل الميس صهر البيارتة وحبيبهم وعالمهم الجليل، فقد كان عالماً فاضلاً وصاحب كلمة حق وجرأة وكان فقيها ومن أبرز العلماء في فقه الإمام أبي حنيفة النعمان. لقد عرفت سماحته أخاً وزميلاً من خلال عضويتنا في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ولمدة ست سنوات ۲۰۰۰-۲۰۰٦. لقد تعاونا معاً مع أعضاء بررة ومع سماحة المفتي الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني من أجل نهضة وتقدم المسلمين في لبنان، وذلك من خلال تقديم ودراسة الكثير من المشاريع التي تكفل نهوض الوقف السني الإسلامي في لبنان ونهوض المسلمين الديني والاجتماعي والاقتصادي والتربوي. كان سماحة المفتي الشيخ خليل الميس قيمة دينية وعلمية واجتماعية وفقهية مضافة ليس في لبنان فحسب وإنما أيضاً في العالمين العربي والإسلامي. بالإضافة إلى ذلك فقد كان سماحته رجل المؤسسات يؤمن ببناء المؤسسات الإسلامية بعيدا عن الشخصنة والفردية والتفرد وبعيداً عن التوريث. ونظراً للثقة المعطاة له من المجتمع الإسلامي، فقد قدم له وقف البر والإحسان في بيروت قطعة أرض في البقاع تخصص لمؤسسات أزهر البقاع وأوقافه السنية الإسلامية. رحم الله الاخ الفاضل سماحة العلامة مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس وأسكنه جنات النعيم وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان. لقد ترك رحمه الله علماً غزيراً ومبادئ كثيرة وأوقافاً خيرية إسلامية غزيرة. وترك لنا مؤسسات تربوية وتعليمية ثانوية وجامعية مهمة للغاية. وهنا يصدق قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بهذا العالم الجليل: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له... صدق رسول الله. والحقيقة أن عالمنا الجليل رحمه الله لم يترك الثلاث فحسب بل ترك المئات من الخيرات والصدقات الجارية والأبناء والطلاب، الذين يدعون له بكرة وأصيلاً كما ترك مؤسساته البقاعية الإسلامية العملاقة وكلها خير شاهد على استمرار هذه الخيرات والصدقات والعلم النافع والمؤلفات النافعة. رحم الله عالمنا الجليل وأسكنه جنات النعيم. رئيس مجلس أمناء جامعة الإمام الاوزاعي ونائب رئيس مجلس أمناء وقف البر والإحسان

المصدر : جنوبيات