لبنانيات >أخبار لبنانية
اللواء إبراهيم: ليكن الرابع من آب "يوم العدالة" التي من دونها لا دولة تقوم
اللواء إبراهيم: ليكن الرابع من آب "يوم العدالة" التي من دونها لا دولة تقوم ‎الاثنين 2 08 2021 15:10
اللواء إبراهيم: ليكن الرابع من آب "يوم العدالة" التي من دونها لا دولة تقوم

جنوبيات

كتب المدير العام للامن العام اللواء عبّاس إبراهيم، في ذكرى مرور سنة على فاجعة ٤ آب ٢٠٢٠ التالي:

"4 آب يوماً للعدالة

الرابع من آب هو يوم استشرس الظلم وجن جنونه على لبنان وهي بلاد وقف الرب. هو يوم تجرأ القهر على العدل، والموت على الحياة، والاجرام على القانون، فكانت النتيجة ان انفجرت بيروت وصارت اول مدينة على المتوسط من دون مرفأ الذي حتما سيُعاد إعماره، لكن ما لا يمكن تعويضه بأي شكل من الاشكال هو الضحايا والارواح البريئة التي صعدت الى باريها ظلما وعدوانا.  
في لحظة اختفاء مدينة معنويا وماديا، ومغادرة اجساد وارواح، وتشتت آلام اطفال ونساء ورجال في كل زاوية من بقايا الاشياء، كان ضوء صغير في غيبوبتنا يبحث عن امل لا يمكن له ان يعيد الوقت ولا الحياة ولا الحلم، انما امل ينير طريق الايمان الذي يوصلنا الى معرفة حقيقة من وكيف ولماذا؟

ظلام لبنان الحقيقي كان في ذلك التاريخ. ولكي لا نقف في عتمته، علينا ان نسير في مساحة بيضاء، متفقين على انطلاقة واحدة، وهي الحق. بالحق وحده العاري من اية توظيفات سياسية نصل الى الحقيقة. وبالحق  نلج البداية التي منها نصل الى نقطة العبور من الشك والاتهام الى اليقين، عبر المعطيات والادلة والبراهين، مترفعين عن اية ارهاصات وكيديات شخصية او سياسية او طائفية ومذهبية. 

ان العمل المسؤول لا يمكن ان يخرج عن اطارالوضوح ومعايير الشفافية بأرفع مستوياتها، وهو ان ضل الطريق سقط واسقط معه كل شيء. ولا يمكن ان يعتبر اي مسؤول فعلي، في الضمير والموقع والسلوك، نفسه انه فوق القانون، شريطة ان تكون عناصر هذا القانون في الاصول والتطبيق والممارسة في غاية الشفافية والوضوح، وبعيدة من اية استنسابية، والا سيصبح كل ما يقال وما يطلب تبديدا للهدف المرجو والمنشود بكل صدق من كل اللبنانيين. وسيصبح استعمالا واستخداما للجريمة من اجل غايات قد تبدد كل مسعى مسؤول وجاد للوصول إلى الحقيقة.

وحينما توضع المأساة  في قالب مصطنع، ويعيد الحدث نفسه في مقياس مبرمج، علينا ان نرثي حزننا لأن مأساتنا  تكون قد رحلت الى مكان آخر.

ان احترام الحزن والترحم على الشهداء والدعاء للجرحى، لا يمكن ان يصبحوا روتينا يوميا. بل علينا ان نجعل منهم حاجة فعلية لمعرفة الفعل والفاعل، فلا يجب ان يكون هناك اي مستور. وحدها المحاسبة كفيلة ان تعيد بعضا من ملامح الحياة الى الاهالي الذين يتألمون ويدركون ان ارواح ضحاياهم لن ترتاح قبل كشف القتلة. 

انبل ما في يوميات اهالي الضحايا هو تمسكهم الصادق بمعرفة الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة المجردة الخالية من اي استخدام او توظيف. وهذه طريق شاقة لأنها طريق الحق. وعلى قول الامام علي "لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه". 

اهم ما يجب ان يعرفه ويتيقن منه الاهالي الصابرين "ان دولة الظلم ساعة ودولة الحق الى قيام الساعة".

لبنان اليوم وسط ازمة وجودية، ووسط صراعات اقليمية ودولية قد لا تكون جديدة عليه. لكن المستجد فيها هو شراستها، تلاقيها داخليا حدة الانقسامات والاختلافات حتى على جنس الملائكة. وهنا يكمن الخطر الاكبر على مجرى قضية التحقيق في انفجار المرفأ وقتل الابرياء. فحجم المأساة كبير جدا، وحجم المخاطر اكبر، والتمسك بقيم الحق والعدالة وحده يكشف القتلة ويحمي لبنان الذي نريده جميعا وطنا ورسالة. ولن يكون هناك وطن او دولة من دون عدل وعدالة. 

"لبنان للجميع والكل من اجله"، ليس شعارا بل التزام اخلاقي ووجودي.

في الرابع من آب، العزاء في كل منزل وفي كل مؤسسة، والصوت في هذا اليوم هو لانتصار الحقيقة التي لا يمكن ان تتجزأ. الالم لا يزول، فقدان الاحبة لا ينتسى، وما يبقى من الحياة المستمرة هو الامل. فلنتضامن حوله بنقاء وبنيّة صافية. 

فليكن الرابع من آب "يوم العدالة" التي من دونها لا دولة تقوم. وحدها العدالة تصون حق الحياة".

المصدر : جنوبيات