لبنانيات >أخبار لبنانية
بقرادوني: الأمن القومي في خطر واستهداف اللواء إبراهيم بداية وليس نهاية
بقرادوني: الأمن القومي في خطر واستهداف اللواء إبراهيم بداية وليس نهاية ‎الثلاثاء 3 08 2021 10:46
بقرادوني: الأمن القومي في خطر واستهداف اللواء إبراهيم بداية وليس نهاية


تعددت الاسباب والهدف واحد، وهو التصويب على كل شخصية مضيئة في لبنان تعمل بجهد متواصل بلا كلل ولا ملل، ملتزمة سقف القوانين المرعية الاجراء لاتمام مهامها على اكمل وجه، ولدرء المخاطر الماثلة امام الجميع. كأن المطلوب دفن اي امل في الخروج من الازمات التي وقع لبنان تحت ثقلها.

ليس استهداف شخصية امنية ذات صلاحيات تتصل بالامنين السياسي والمجتمعي هي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بالامر العابر او العرضي الذي ينتهي مع انتهاء الاستهداف، انما لا يمكن قراءته الا من خلال خطة ممنهجة ومبرمجة تعتمد تكتيكات مختلفة ووسائل متعددة، وتتوسل كل الطرق البشعة من اجل النيل من شخصه، باعتبار ان تهشيم هذا الشخص هو الممر الالزامي لتهديم البنيان الامني بتفرعاته المتعددة في لبنان. الحملة سبقت انفجار مرفأ بيروت بسنوات طوال، اذ لم يسلم اللواء ابراهيم في اي موقع شغله او مهمة انجزها او خطر منع وقوعه وتحوله الى مأساة، من السهام والتشكيك واختراع السيناريوهات المضللة بهدف التعمية على اي انجاز، هو انجاز وطني بامتياز. ولأنه لم يهتز رغم كل الصعاب والاستهدافات، لانه مؤمن بأن ما يتعرض له هو ضريبة النجاح، اكمل مسيرته من دون ان يلتفت الى الخلف، لأن قطار النجاح لا بد من ان تعترضه بعض العوالق التي لن تؤثر في مسيرته. الا ان الاخطر في الاستهداف الاخير، انه جاء بعد سلسلة من المهام الكبرى التي اوكل الى اللواء ابراهيم التصدي لمسؤولية اتمامها وانجازها، حائزا ثقة المراجع الدستورية وتفويضها، من رأس الهرم الى كل المواقع الاخرى. فسلك طريق المشقة والصعاب، واستطاع انجاز ما لم يستطعه الاخرون، لاسيما لجهة دخوله على خط معالجة القضايا التي تمس الاساسيات في حياة الناس في ظل الازمة المعيشية الخانقة لا بل المرعبة. من هذه الانجازات، اتمام اتفاق تزويد لبنان النفط العراقي لابقاء معامل انتاج الطاقة الكهربائية تعمل وعدم دخول لبنان في ظلام دامس، يبدو ان قلوب البعض اكثر ظلمة وسوادا منه.

ولأن اسم اللواء ابراهيم صار رقما صعبا في معادلة الحلول الوطنية الكبرى، لم يرق للبعض هذا الامر من ضمن مشروع هدم بنيان الدولة لاسباب او احقاد شخصية وربما غير شخصية، فكانت محاولات وضع اسافين في علاقات اللواء ابراهيم العابرة لبنانية وعربيا ودوليا، وصولا الى محاولة الباسه ثوبا بشعا يشبه نياتهم وهو المال الناتج من مأساة عبر تسريبات ستوقع مطلقيها في شر افعاله. هذا الامر اضاء عليه بالتفصيل الوزير السابق المحامي كريم بقرادوني الذي اوكل اليه اللواء ابراهيم متابعة هذه القضية. 

* كيف تنظرون الى الحملة المبرمجة التي تستهدف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم؟

- هذه الحملة ليست على اللواء ابراهيم كشخص فقط، بل الحملة على الامن في لبنان ايضا، كون موقع اللواء ابراهيم هو موقع امني بامتياز، ولأن الامن في لبنان بين الامن العام والجيش وتحديدا مخابرات الجيش، والجهازين (الامن العام والمخابرات) يشكلان الامن القومي. هذا الاستهداف هو استهداف للامن القومي بشخص اللواء ابراهيم. اما لماذا شخص اللواء ابراهيم؟، فاعتقد كونه الاقدم في موقعه المستمر فيه منذ 2012، واكثر من يمتلك علاقات خارجية، وبالتالي مسه هو مس عمود فقري للامن في لبنان، وايضا انه اهون من مس قائد الجيش. لذلك اتوقع في الاشهر المقبلة ان يحصل اكثر من اهتزاز على المستوى الامني، واول مؤشر على اهتزاز الامن هو استهداف الشخص الذي يعتبر واحدا من اثنين يمسكان الامن في لبنان. هم يحاولون التشهير باللواء لاضعاف شخصيته بشكل محترف، اذ فجأة ينشر على وسائط التواصل الاجتماعي خبر يستند الى شخص يقول فيه ان حساب اللواء في احدى الدول العربية صار 3,8 ملايين دولار، وهذا يعني ان اللواء يهرّب امواله، وهذا استهداف وضرر واضحان على المستوى الشخصي. لكن ارتكبت اخطاء في ما نشر في هذا الخصوص، لأن في فبركة هذا الخبر والمستند المزعوم، ثغرا كبيرة ابرزها: عدم كتابة اسم اللواء بشكل صحيح، عدم معرفة هوية الشركة او المصرف. لدى سؤالي عنها بوسائل متعددة لم يعرف احد شيئا، وما زلت ابحث عنها. ليس الاسم خطأ انما العنوان ايضا، اذ ما هو مكتوب في المستند المزعوم ليس عنوان اللواء ابراهيم بل هو عنوان في دبي. عندما سألت اللواء عما اذا كان يعرف المصرف، اكد لي بالنفي. وسألته اذا كان يعرف المدعو خالد الشيخ، اجاب ايضا بالنفي. كما سألته اذا كان لديه حساب في هذا المصرف، فاكد لي ان لا حساب له فيه ولم يسمع به لا في الماضي ولا في الحاضر، ولم يتعامل مع مصرف كهذا. من هنا اقول ان الهدف من هذا المستند المزعوم ونشره، بداية عملية تشهير بصورة ناجحة في لبنان تتعلق بالامن، ما يدل بالنسبة اليّ على انها بداية اهتزاز امني سيتلاحق. فحتى لو ارتكب من وراء الحملة كل هذه الاخطاء يبقى الهدف القول ان هذا الشخص في هذا الموقع المسؤول يخرج امواله الى الخارج. اي لبناني يسمع ان هذه الشخصية تخرج اموالها من لبنان يقول فورا ان البلد وقع في الخراب. في رأيي الامن القومي في خطر وهذه بداية وليست نهاية، كما ان هذا الاستهداف ستتبعه استهدافات مماثلة بطرق مختلفة وفي الاتجاه ذاته.

* في اي خانة تضعون التسريبات التي سبقت ورافقت وتلت طلب المحقق العدلي الاستماع الى اللواء ابراهيم؟

- اعتقد ان من نشر الكتاب المزعوم على وسائط التواصل الاجتماعي، يريد ايصال رسالة الى اللواء ابراهيم مفادها ان عيننا عليك وانك تحت الرقابة، وتشجع من يريدون المس والاساءة الى شخص اللواء ابراهيم داخليا بالاستناد الى سبب خارجي وتدفع القضاء للشك به. كما اعتقد ان نشر هذا الكتاب المزعوم الهدف منه الدفع في اتجاه محاكمة اللواء ابراهيم، اي من حيث يقصدون او لا يقصدون، يدفعون الى خلق قناعة لدى المحقق العدلي لمحاكمة اللواء. هناك ارادة مبيتة للوصول الى هذه النتيجة اي المحاكمة، وكل ما حصل مع المحقق العدلي لجهة ما صدر عنه وما بوشر به من حملة مبرمجة، هو فتح موضوع كبير في وقت دقيق، حيث لا توجد حكومة، والرئيس المكلف اعتذر وبوشر التفتيش عن رئيس حكومة جديدة، مع استمرار التحدي الصحي نتيجة كورونا وانفجار مرفأ بيروت الذي هو رابع انفجار في العالم. مجموع هذه المسائل تعني انهم يريدون جعل لبنان وبخاصة نهاية عهد الرئيس العماد ميشال عون في حالة كارثية، كما ان هناك انتخابات نيابية قبل نهاية العهد، وبالتالي ما يحصل قد يدفع في اتجاه خسارة الاكثرية الحالية للانتخابات النيابية المقبلة. هناك شخص اسمه اللواء عباس ابراهيم علاقاته عابرة لكل الطوائف والمذاهب والاحزاب. هذا الشخص بهذا الحجم من العلاقات مع القوى الحزبية وغير الحزبية، فان استهدافه وهزه يعنيان التأثير على نهاية العهد من جهة، وبالتأكيد على الانتخابات النيابية.

* كيف قرأتم ابعاد الكتاب الموقع من المدعو صالح الشيخ الذي قال انه واحد من كبار مدراء المصارف في دبي وزعم امتلاك اللواء ابراهيم مبلغا يفوق 3 ملايين دولار؟

- ترافقت الحملة على اللواء ابراهيم لاسيما المستند المزعوم، مع كلام صدر في بعض وسائط التواصل الاجتماعي، اذ يقولون ان المحقق العدلي استطاع الاستنباط من التحقيقات التي اجراها بأن اللواء ابراهيم كان مع شبكة سورية هربت النيترات الى لبنان، ومن لبنان تم نقل جزء منها الى سوريا، اي ان هذا الامر ليس مجانا. اللافت ان مصادر قريبة من المحقق العدلي نفت هذه المعلومات، علما ان الكلام نقل عن المحقق العدلي وبالتالي النفي لا يصدر عن مصادر انما يجب ان يصدر عنه شخصيا. لقد صدر عن لسان المحقق العدلي خبر بأن اللواء ابراهيم يهرب نيترات الى سوريا بالتنسيق مع شبكة ضباط سوريين، وهذه الحملة تكمل قصة النيترات واستكملت بالاموال في الخارج والاتي اعظم، ما اضطر مصادر قريبة من المحقق العدلي الى نفي هذه المعلومات نظرا الى اهميتها وخطورتها، علما انه ليس ملزما عادة اصدار تصريحات في القضية او القضايا التي ينظر فيها.

* طلب منكم اللواء ابراهيم متابعة هذا الموضوع ما هي الخطوات التي لجأتم اليها؟

- اول ما حضر في ذهني هو التأكد من اصحاب هذا الكتاب عبر ارسال انذار باسم خالد الشيخ الى الشركة التي يعمل فيها، والامر الثاني قمنا في مكتب المحاماة باجراء بحث عن هذا الاسم وهذه الشركة ولم نعثر على شيء. لكن البحث مستمر للحصول على معلومات منشورة واخرى خاصة، ونحن نستعين ايضا بمكتب محاماة في دبي. فاذا عرفنا ان الشركة او المصرف والشخص غير موجودين نصبح امام امر معين، واذا تبين وجودهما علينا البحث والتفتيش عمن يقف وراءهما. كذلك ارسلت كمحامي رسالة تكذيب وطلبت تصحيح هذا الخبر تحت طائلة اقامة دعوى تشهير ضدهم، ونقوم كمكتب باتصالات مع مكاتب اخرى ومحامين في دبي لمعرفة هذا الشخص وانتمائه وهوية هذه الشركة او المصرف.

* هل من الممكن ان يحصل تواصل مع دولة الامارات العربية المتحدة وخصوصا مع امارة دبي حول هذا الموضوع؟

- هذا الامر ممكن، لاسيما عبر السفارة الاماراتية في بيروت بشخص السفير او القائم بالاعمال، التي في امكانها المساعدة في تبيان حقيقة الشركة او المصرف والشخص، وهناك اتصالات ستتم مع الجانب الاماراتي للتأكد من كل هذه الامور.

* هل يكفي نفي اللواء ابراهيم لهذه المزاعم التي وردت في الكتاب المزعوم؟

- الضرر وقع  ويجب ملاحقة المتسبب به لمعاقبته. في اعتقادي هناك جانب سياسي يجب مقاربته، لأن اللواء هو في موقع امني سياسي، وبالتالي هناك جانب امني سياسي سنتعاطى فيه، لأن هذا الامر ليس موجها فقط الى اللواء ابراهيم والوضع الامني، انما له انعكاسات سياسية اكيدة، وبالتالي يجب النظر فيه من منظار سياسي والقيام باتصالات انطلاقا من هذا المعنى.

* اذا لم يصدر النفي الذي طلبتموه في المراسلة، ما هي الاجراءات القانونية اللاحقة؟

- الذهاب الى تقديم دعوى عبر مكتب محاماة في دبي لان الأمر جدي، وستكون دعوى قدح وذم وتشهير وملاحقة المتسبب. واذا كان ممكنا ملاحقته جزائيا سنقوم بذلك، خصوصا وان دولة الامارات تعتبر من الدول المتقدمة على مستوى القوانين، لاسيما القانون الانغلو - ساكسوني. يجب ان نقيم دعوى لوقوع الضرر، وايضا نحن على اقتناع بأن المحاكم الاماراتية هي محاكم عادلة ومنفتحة ومستقلة تماما، هناك استقلال قضائي في الامارات.

* حكي عن استنسابية شابت قرار المحقق العدلي ماذا تقولون؟

- لا شك انه في لبنان، نظرا الى القوانين المتطورة، اعطيت حصانات الى بعض المواقع بحيث لا يتحكم اي كان بموظف، ووضعت شروط لاقامة الدعوى على موظف لانه يقوم بعمل عام، كما اعطيت حصانات للنائب كونه يمثل الامة. هذه الحمايات المعطاة للنواب والموظفين هي حمايات طبيعية موجودة في كل انحاء العالم وفي معظم الدول، لحماية الموظف في حال رد طلبا ما لمواطن ان لا يدعي المواطن عليه الا بعد الاستحصال على اذن من الوزير. بالنسبة الى الحصانات النيابية التي اقرت في اول قانون فرنسي اذا ادلى بتصريح لا يسجن، والحصانات تضمن حرية النائب في الذهاب في أي اتجاه حتى في معارضة اي نظام.

* كيف تقرأون قرار وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي الذي استند الى رأي الهيئة القانونية في عدم اعطاء الاذن بملاحقة اللواء ابراهيم؟

- هذا امر طبيعي. في معظم الدول يتم حماية قرار الموظف من سهولة الادعاء عليه، وعند توافر سبب للادعاء عليه المرور بموافقة الوزير، علما ان كل مجالس النواب لها حصانات نيابية. نحن امام ازمة انسانية غير مسبوقة، وهناك تعاطف كبير من الرأي العام مع اهالي الشهداء والجرحى والمتضررين، وثمة شعور مباشر بالحزن والالم، لذلك يجب التعاطي بكثير من العاطفة مع هؤلاء والتأكيد لهم انه على الرغم من كل شيء التحقيق مستمر.

* ماذا تقولون عن الشعبوية التي تستغل قدسية قضية شهداء ومتضرري مرفأ بيروت؟

- هذه المأساة لم يشهد لبنان مثيلا لها من قبل، حتى في الحروب والزلازل الطبيعية التي ضربته. هناك 200 شهيد و6 الاف جريح و300 الف مواطن بلا سكن وبلا عمل وخسروا كل مدخرات اعمارهم. لا شك ان هناك كارثة مأساوية حصلت في لبنان، لم تحصل من قبل وقد لا تحصل من بعد، وهي رابع كارثة في العالم. لذلك يجب التعاطي معها بالقانون وبكثير من الحوار والكلام مع المتضررين لجهة حتمية تطبيق القانون والذهاب الى المحاكمة، وان ما يجري حاليا ليس تعطيلا للمحاكمة، كما ان مسألة اعطاء اذن او رفع حصانة لا يوقفان عمل المحقق العدلي او يمنعانه من اكمال عمله في انتظار بت الناحية القانونية لبعض الذين تم استدعاؤهم ولهم وضعية قانونية يجب احترامها. هناك بعض الذين يستفيدون لاسباب سياسية ولاسباب شخصية من هذه المأساة لاستخدام المتضررين لاسباب شخصية، وقد تكون واحدة من الاسباب هو اقتراب الانتخابات النيابية التي ستحصل في خلال اشهر قليلة. لذا ننبه الى ان هذا الامر خطير جدا، ونطلب من المحقق العدلي عدم الاخذ بلعبة بعض المستفيدين لاسباب سياسية او انتخابية او شخصية. كل عمل على الارض قد يضر ولا ينفع، ويجب ان لا نحفظ في اذهاننا ان هناك قرارات نفذت تحت ضغط الشارع، لأن معنى ذلك انها غير صحية، وليس لمصلحة المتضررين الظهور بمظهر انهم يتحركون في الشارع لاخذ حقوقهم في الشارع، لأن قوتهم بالقانون وليست في الشارع، ومن يزايدون على المتضررين يخطئون تجاه الشهداء. اقول للقضاء ان يطبق القانون الى اقصاه، وان لا يعمل تحت الضغط، وان يركز على سبب انفجار مرفأ بيروت كون ذلك المدخل لكشف كل الامور الاخرى. في اعتقادي ان اسوأ ما يحصل هو تسييس القضية، والاسوأ انه يتم تسييسها في آخر العهد.

 

المصدر : مجلة الأمن العام