مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
الحاجة هلا أبو ظهر ... قيمة وطنية تربوية واجتماعية مُناصرة لقضايا المرأة
هيثم زعيتر
يُشكّل فقدان عزيز خسارة قاسية، وهكذا هو رحيل الحاجة هلا رياض أبو ظهر، بعد مسيرة عطاء حافلة على مر عقود من الزمن.
عرفتُ الراحلة في المجالات كافة، التي تركت فيها بصمات، مُربية وأستاذة، ومُديرة "روضة المقاصد"، التي عندما يُذكر اسم المدرسة يكون مُتلازماً لاسم الحاجة هلا، فأضحت أختاً وزميلةً للأساتذة والمُعلمين والإداريين، وبمكانة الأم الحنون للطلاب، وعلى تواصُل أخوي مع الأهل، لإيصال رسالة المقاصد الخلّاقة.
لم يقتصر نشاط الحاجة هلا على التربية والتعليم، بل أولت اهتماماً بأوضاع الطلاب وأسرهم، وقضايا المرأة، فكان لها دور مُميز في تأسيس "الهيئة النسائية الشعبية"، التي كانت تُنظّم مع بداية كل عام دراسي تبادل الكتب بين الطلاب، لمُساعدة من لم تُمكنه ظُروفه تأمين الكتب، من إتاحة الفرصة له للحصول عليها.
كذلك في النشاطات الثقافية والاجتماعية، وتنظيم لقاءات وزيارات لشخصيات لبنانية وعربية رائدة، خاصة في المجال النسائي، باستضافتهم في صيدا وإطلاعهم على واقع المدينة ودورها.
تنوّعت المهام التي اضطلعت بها الحاجة هلا، تربوياً، نقابياً، اجتماعياً، ومُناصرة لقضايا المرأة، والدفاع عن القضايا المطلبية والوطنية، ونُصرة لقضية فلسطين، التي آمنت بها وناضلت لأجلها.
إنْ جلستَ إليها، سعدت بطيب اللقاء، وأُنست بمحياها وحديثها العذب، النابع من وعي ثقافي، أدبي وفلسفي وبلغات عدة، ودماثة الخلق، وحب الآخرين ومُساعدتهم بلطافة.
هذه القيم نابعة عن تربية صالحة مُفعمة بالإيمان والتقوى، تربّت عليها الحاجة هلا في منزل والديها الحاج رياض أبو ظهر والحاجة عفيفة كامل أبو ظهر، مع شقيقيها الحاج غسان وعمر وشقيقتها أمال.
شكّلت مسيرة حياة الحاجة هلا، سليلة عائلة أبو ظهر الصيداوية العريقة، محطة مُضيئة في تاريخ "عاصمة الجنوب"، ستبقى بصماتها راسخة في ذاكرة الأوفياء.
ترحل الحاجة هلا أبو ظهر في ذات يوم رحيل شقيقها الحاج غسان من العام 2019، ولتُوارى الثرى أيضاً في اليوم ذاته 3 آب/أغسطس 2021، وهو التاريخ ذاته، التي ووري فيها شقيقها الثرى بمقبرة صيدا الجديدة - سيروب قبل عامين، لتستمر مسيرة المحبة خلال حياتهما وبعد رحيلهما.
تغمّد الراحلة بواسع رحمته، وأسكنها فسيح جنانه، وألهم أهلها ومُحبيها الصبر والسلوان.