لبنانيات >أخبار لبنانية
هل يُسلَّم سجن رومية إلى منظمات دولية للعناية بنزلائه؟
الجمعة 6 08 2021 21:34جنوبيات
كلما استفحل الانهيار الاقتصادي والمعيشي في لبنان، عادت قضية نزلاء سجن رومية إلى الواجهة، مع تفاقم حجم معاناتهم والمخاطر التي تحيط أمنهم الغذائي والصحي، فيما لبنان يعيش مرحلة تاريخية في انحلال معظم مؤسساته.
وبعد القصص التي جرى الكشف عنها مسبقًا، حول معاناة النزلاء من توفير الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية والدواء، يبدو أن أزمة الكهرباء امتدت إلى داخل أروقة رومية، الذي يعاني من أكتظاظ كبير يتجاوز أضعاف قدرته الاستيعابية. وبات التقنين يشمل معظم ساعات النهار، والذي يتسبب بتوقف الأدوات الكهربائية التي يحتاجونها (براد ومروحة..)، إلى جانب تلف بعض المواد الغذائية التي يخزنوها، ناهيك عن انقطاع مستمر للمياه، وما يتبع ذلك من حالات اختناق ومعاناة صحية، بظل الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة، من دون اتخاذ أي اجراءات عملية لتخفيف من حجم الاكتظاظ داخل الغرفة الواحدة.
قصص السجناء
وفي السياق، يشير أحد السجناء، أن أوضاعهم الإنسانية تزداد سوءًا داخل السجن، نتيجة التقنين القاسي للكهرباء وانقطاع المياه وشح المواد الغذائية.
وسبق أن أبلغت إدارة السجن النزلاء عن توجهها لتقنين الكهرباء، لساعتين صباحاً وساعتين بعد العصر، لكنهم تفاجأوا بانقطاعها طوال ساعات النهار. والسبب غالبًا وفق حجة الإدارة، هو إما أن مولدات الكهرباء معطلة، أو العجز عن تأمين المازوت.
وهذا الوضع، وفق رواية عدد من السجناء، أدى لتعطل بعض المراوح الكهربائية التي يستعملونها خلال فصل الصيف. وسعر الواحدة لا يقل عن 20 دولارًا أميركيًا، في وقت تعجز الإدارة عن توفيرها، كما تعجز عائلاتهم عن شرائها.
ويشير أحد السجناء أن بعض البرادات تعطلت ببعض غرف رومية، وسعر الواحد إن كان مستعملا لا يقل عن 2 مليون ليرة، وهم يعجزون أيضًا عن توفيرها.
ويذكّر السجناء بمعاناتهم الصحية، بعدما تراجعت الرعاية الصحية من قبل الإدارة لحدودها الدنيا، تأثرًا بأزمة انقطاع الدواء وشح الموارد المالية للسجن، وأصبح يتكبد السجناء دفع أكثر من 20% من قيمة العمليات والصور الطبية التي يحتاجها السجناء.
وأحد السجناء البالغ 65 عامًا، وفق معلومات، كان يحتاج لعملية قلب مفتوح، وطُلب منه توفير نحو 60 مليون ليرة كبدل لـ20% التي يجب أن يدفعها، لكنه امتنع عن إجراء العملية، نتيجة عجزه عن توفير المبلغ، فاضطرت الإدارة أن ترفع كتابًا لقوى الأمن الداخلي لرفع المسؤولية عن نفسها، في حال تعرض لطارئ صحي يشكل خطرًا على حياته.
كما يذكّر السجناء أيضًا بالغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية داخل الحانوت، فإدارة السجن لا تقدم وجبات غذائية كافية للسجناء، كما تغيب عنها اللحوم، وتقتصر على تكرار بعض المواد، كالأرز والفاصوليا والبطاطا والبرغل.
وحذر بعض السجناء من انفجار وشيك داخل السجن، وأن تخرج الأمور عن السيطرة، ويعبرون عن تضامنهم مع عناصر القوى الأمنية، الذين يعيشون معاناة شبيهة بحالة الفقر والحرمان، بعد أن تآكلت أكثر من 95% من قيمة رواتبهم.
العفو العام؟
وتحت شعار المطالبة بـ"العفو العام"، عادت التحركات صباح الخميس 15 تموز أمام سجن رومية. إذ عمد بعض الأهالي للتجمع رافعين يافطات تطالب بإقرار قانون "العفو العام".
وإحدى الأمهات، صرخت قائلة: "يا مسجون، يا ابني بالحبس، أنا صرت فخورة فيك، لا تستحي بنفسك، لأنك مسجون والمسؤولون المجرمون ما زالوا خارج القضبان، رغم كل ما فعلوه بحق الشعب".
وفي السياق، يشير مدير مركز حقوق السجين في نقابة المحامين في طرابلس، المحامي محمد صبلوح، أن وزارة الداخلية الموكلة بإدارة السجون، بلغت مستوى يقارب العجز عن توفير مختلف الحاجات الصحية والغذائية واللوجستية للسجناء، وأصبحت تكبد السجناء دفع فاتورة كل الفروقات التي تعجز عن تسديدها.
ورغم الاجتماعات العديدة التي عقدت في البرلمان حول إعداد خطة وطنية لحقوق السجناء، تكمن المشكلة، وفق صبلوح، بالاكتظاظ الكبير داخل السجن الذي تجاوز قدرته الاستيعابية بنسبة 182%. فسجن رومية لا يتسع لأكثر من 1500 سجين.
ويعتبر صبلوح أن وزارة الداخلية قد تضطر للاعتراف بحجم الكارثة داخل السجون، وقد تشرع الأبواب لمختلف المنظمات الدولية والجمعيات الحقوقية كي تتدخل لإغاثة السجناء الذين يعانون من ظروف انسانية مؤلمة، نتيجة عجزها عن أداء الواجبات الموكلة إليها.
أما الحل، وفقه، فـ"يبقى بالعمل على تسريع المحاكمات وإعادة النظر بالسنوات السجنية وتخفيفها، وكذلك إعادة النظر بقانون العفو العام، بما يتماشى مع المصلحة العامة، وإلا تنذر الكارثة داخل السجون بتداعيات مقلقة".