ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
الإمام والبابا.. قصة وثيقة تاريخية
السبت 7 08 2021 08:22وحيد عبد المجيد
لقي كتاب «الإمام والبابا والطريق الصعب.. شهادة على ميلاد وثيقة الأخوة الإنسانية» إقبالاً واسعاً في معرض القاهرة الدولي للكتاب في الفترة من 30 يونيو إلى 15 يوليو. ويساهم الكتاب في تعزيز المعرفة بكيفية إنجاز هذه الخطوة الكبرى بما تعنيه من تحول تاريخي في العلاقة بين الأديان، على نحو يُعزِّز قيم التسامح والمحبة واحترام الآخر، ويساهم في مواجهة التعصب والتطرف والعنف.
وقد نجح مؤلفه المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للجنة الأخوة الإنسانية، في التعريف بخلفيات الوثيقة التاريخية، والتفاعلات التي مهدت لها منذ إعلان تأسيس مجلس حكماء المسلمين في 19 يوليو 2014 برئاسة شيخ الأزهر الإمام الدكتور أحمد الطيب، وأمانة الدكتور على النعيمي حتى 2018، ثم الدكتور سلطان الرميثي حتى الآن، ليكون هيئة دولية مستقلة تعمل من أجل تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وإبراز قيم الإسلام في التعامل مع الآخر. وعندما أُنشئ هذا المجلس، كان قد مضى عام وبعض العام على تنصيب البابا فرنسيس الأول. وظهر منذ يومه الأول، في قيادة كاثوليكيي العالم على المستوى الروحي، مدى اختلافه عن سابقيه، ليس فقط في زُهده وتقشفه وتواضعه، ولكن أيضاً في دعوته إلى السلام والمحبة ورفضه التمييز بين البشر على أساس الدين أو غيره.
وللمرة الأولى، صار على رأس كل من الفاتيكان والأزهر الشريف في الوقت نفسه رجلان يؤمنان بالسلام والتسامح وبأن مبادئ الأديان كلها تحث على التعاون والتقارب والتسامح وترفض الحرب والتعصب والعنف.
وكان ذلك التطور مشجعاً لشيخ الأزهر للقيام بمبادرة غير مسبوقة لزيارة الفاتيكان من أجل السلام للإنسانية كلها. ويكشف المستشار عبد السلام كيف أنه فوجئ عندما أخبره الدكتور الطيب في نوفمبر 2015 بأنه قرر زيارة الفاتيكان. ويُوَّثق تفاصيل الإعداد لتلك الزيارة، التي لقيت ترحيباً حاراً من البابا فرنسيس ومن مجلس حكماء المسلمين، حتى تم الاتفاق على موعدها في مايو 2016. كما يعرض ما حدث خلالها، وهو جد كبير بكل المقاييس.
كان الأمر أشبه بحلم يتحقق، إذ التقى رمزا الأزهر والفاتيكان بعد طول قطيعة ومُخاصمة. وفتحت تلك الزيارة الباب أمام تطور غير مسبوق في العلاقة بين الأزهر والفاتيكان، إذ التقى رمزاهما مرة ثانية بالقاهرة في أبريل 2017، حيث عُقد مؤتمر دولي كبير للسلام.
ولم تمض ستة أشهر حتى كان لقاؤهما الثالث الذي عُقد في الفاتيكان بُعيد زيارة الدكتور الطيب إلى روما للمشاركة في ملتقى الشرق والغرب في نوفمبر 2017. وفي ثنايا ذلك التطور التاريخي وُلدت فكرة وثيقة الأخوة الإنسانية خلال اللقاء الثالث بين رمزي الأزهر والفاتيكان، واحتضنتها دولة الإمارات العربية المتحدة في إطار دعمها كل ما يساهم في تعزيز قيم السلام والتسامح في عالمنا. ويُوَّثق المؤلف تفاصيل إعداد تلك الوثيقة، وصولاً إلى الاتفاق على إطلاقها من أبوظبي. وهكذا، فبعد التقارب غير المسبوق بين رمزي الأزهر والفاتيكان، تحقق الحلم الثاني بتوقيعهما وثيقة الأخوة الإنسانية في 4 فبراير 2019 في ختام مؤتمر دولي كبير نظمه مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي، وتعهد سمو الشيخ محمد بن زايد برعايتها.
كما اتفقا على تشكيل لجنة الأخوة الإنسانية من ممثلين للأزهر والفاتيكان ودولة الإمارات بوصفها الدولة التي فوق ثراها الطيب تم توقيع الوثيقة، والتي تتعهد برعايتها ودعمها وفق ما جاء في رسالة البابا إلى شيخ الأزهر المؤرخة بـ18 أغسطس 2019 بشأن تأسيس اللجنة. وليست تلك الرسالة إلا واحدة من أوراق كثيرة جمعها المؤلف بين دفتي كتاب يُوثِّق حدثاً سيذكره التاريخ ضمن أكبر أحداث القرن الحادي والعشرين وأكثرها أهمية.