عام >عام
دول خليجية ترحّل لبنانيين.. ومؤسساتها تلاحق "قروضهم"
السبت 13 08 2016 10:47
- أدهم جابر
«الترحيل» أو «التسفير» أو «الإبعاد» مصطلحات مختلفة، تستخدم في الدول الخليجية للدلالة على عمليات الطرد التي تتم بحق مقيمين وبينهم بطبيعة الحال مواطنون لبنانيون، بعضهم يقيم هناك منذ فترة طويلة والبعض الآخر لم تمض سنوات قليلة على إقامته.
الأخطر من الترحيل، هو الانتقال الى مرحلة المحاكمات في ضوء القرارات الأخيرة التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي بتصنيف «حزب الله» تنظيما «إرهابيا»، وبالتالي، صار يحق للمحاكم في الدول الخليجية أن تخضع أي «متهم» للتحقيق استنادا الى هذا التصنيف، وخير دليل على ذلك أن بعض الدول ومنها دولة الإمارات أنشأت دوائر رسمية لمكافحة الإرهاب بكل مسمياته، وصار هناك أكثر من لبناني قيد المحاكمة، ابرزهم اللبنانية (ر. ع.) التي تخضع للمحاكمة في دولة الامارات بتهمة الصلات التي تربطها بـ «حزب الله» علما أنها متزوجة من إماراتي منذ سنوات عدة!
في كانون الثاني من العام 2013، اتصل ضابط في «دائرة البحث والمتابعة» القطرية، بأحد اللبنانيين المقيمين، ولدى مثول الأخير أمامه، قال له الضابط إن هناك أمر ترحيل بحقه وزوجته وأولاده، وعليهم جميعا المغادرة خلال 72 ساعة. طلب الأمن كفيلا قطريا وإذا تعذر فليكن لبنانيا، لضمان المغادرة.
لاحقا، احتجزت جوازات سفر الشاب وعائلته إضافة إلى جواز سفر الكفيل، في ظل إيحاءات من الأمن القطري بإمكان دخوله السجن، خصوصا أن القانون في قطر يمنح وزير داخليتها حق توقيف أي شخص إداريا لمدة ستة أشهر من دون أي تهمة.
ولدى مغادرته مطار الدوحة، تسلم الشاب اللبناني ورقة كتب عليها أن سبب «الإبعاد»، هو «بأمر من سعادة السيد مدير عام الأمن العام» (القطري)، مع منع عودة يشمل الطفلين اللذين حُرم أحدهما من إكمال عامه الدراسي.
كان الشاب واحدا من بين 20 لبنانيا قررت قطر طردهم، في بداية العام 2013 لتتوالى بعدها عمليات إبعاد اللبنانيين، بعضها جرى مباشرة عبر «دائرة البحث والمتابعة»، وبعضها غير مباشر كأن يتم فصل اللبنانيين من وظائفهم ومنعهم من نقل الكفالة إذا ما حصلوا على فرصة عمل أخرى.
وتشترك قطر مع السعودية في تطبيق نظام للكفالة، يمنع بموجبه على «المكفول» مغادرة الأراضي القطرية والسعودية إلا بناء على إذن من كفيله ولا يحق له تغيير عمله إلا بإذنه. وحدث أن بعض الكفلاء كانوا يتقاضون مبالغ مادية تتراوح بين 5 إلى 10 آلاف دولار لقاء نقل الكفالة.
وإذا كانت قطر قد لجأت إلى ترحيل اللبنانيين بصيغة «مجموعات صغيرة» حتى لا يبدو الأمر وكأنه عملية ترحيل منظمة، إلا أن ما يجري في الإمارات هو الأخطر، إذ لم تكتف هذه الدولة بالترحيل بل عمدت الى اعتقال لبنانيين ولا تزال تسجن بعضهم بلا توجيه تهم إليهم وبلا محاكمات، ومؤخرا بدأت تعتقل وتحاكم.
آخر دفعة تم طردها من الامارات كانت في رمضان الماضي، إذ تم ترحيل نحو ثلاثين شخصا معظمهم من بلدة جنوبية واحدة. بين هؤلاء الشاب أشرف (اسم مستعار) الذي تلقى اتصالا من دائرة البحث والمتابعة خلال تناوله طعام الإفطار. أشرف البالغ من العمر 27 عاما ولد في الإمارات وعاش فيها ويتكلم بلهجة أهلها، لكن كل ذلك لم يشفع له. وكان المستغرب أن الضابط الذي أبلغه بالقرار سأله: لماذا لا تبكي، فأجابه ولمَ أبكي؟ بالعكس أنا سعيد جدا.
قبل أشرف، تم ترحيل جميل (اسم مستعار) واثنين من إخوته، ومأساة هذه العائلة ليست فقط بترحيل ثلاثة من أبنائها، بل بوجود ابن لها داخل السجن الإماراتي منذ سنوات من دون أي التفاتة لبنانية رسمية لهذا الأمر.
يذكر رئيس لجنة المبعدين من الإمارات حسان عليان أن أحد الشبان تم توقيفه لمدة 55 يوما في السجون الإماراتية من دون أي تهمة، فقط لأنه من عائلة أحد مسؤولي «حزب الله»، مشيرا إلى أنه عندما كان يتم توقيف اللبنانيين، لم يكن يسمح لهم بالاتصال بعائلاتهم التي كانت تظل لشهور لا تعرف عنهم شيئا.
معاناة المبعدين اللبنانيين لا تنتهي بمجرد مغادرتهم الخليج، إذ عمد بعض المؤسسات المالية الإماراتية إلى ملاحقة هؤلاء، بسبب التزامات مالية كانوا قد وضعوها على كاهلهم بشكل قروض أو بطاقات اعتماد.
وبحسب رئيس لجنة المبعدين اللبنانيين من دول الخليج، فإن المؤسسات الدائنة انتدبت شركة «أصول» لتحصيل أموالها من المبعدين، وقد أوكلت الشركة المذكورة هذا الأمر إلى بعض مكاتب المحاماة التي بدأت بالاتصال بالمبعدين وتلوح برفع دعاوى بحقهم أمام القضاء، ما زاد في معاناتهم، خصوصا أن معظمهم ليسوا من أصحاب الأموال بل كانوا موظفين عاديين، إضافة إلى أن آخرين سلبوا شركاتهم وممتلكاتهم أو اضطروا للتنازل عنها بأبخس الأثمان.