بأقلامهم >بأقلامهم
البريستيج والإتيكيت!!
القاضي م جمال الحلو
البريستيج كلمة تعبّر عن الإطار الاجتماعيّ الذي يضع المرء نفسه فيه، وما يتعلّق به من أمور تناسب المكانة الاجتماعيّة أو الوضع الاجتماعيّ الذي يحدّده الإنسان لذاته أمام الآخرين.
كما يمكن اعتبار البريستيج بمنزلة شخصيّة المرء ووضعه العامّ في المجتمع. ويدخل فيه عوامل كثيرة كالمظهر اللائق والمكانة المرموقة.
ويظنّ البعض إلى حدّ كبير أنّ لكلمة بريستيج دلالاتها الأخرى فيرون أنّ في استخدامها إشارة إلى التعالي والتكبّر، وهو استخدام في غير محلّه.
أمّا الإتيكيت فيعرّفها البعض بأنّها من آداب السلوكيّات الاجتماعيّة سواء بالعلاقات مع الآخرين، أم بالتصرّف بشكل لائق. كما يسمّيها البعض بأنّها من أنواع المجاملة.
والإتيكيت ترسم الكثير من القواعد التي تتحكّم في تعاملات الإنسان وسلوكيّاته مع الآخرين، ممّا يساعد في الارتقاء بالحياة نحو الأفضل وتكوين صورة مميّزة للإنسان تجاه أقرانه.
وعلى ذكر البريستيج والإتيكيت، روى لي أحد الأصدقاء واسمه «سعدو المزرقط» قصّة طريفة عن تعرّفه على زوجته قائلًا: عندما أحببتُ زميلتي في العمل وتدعى "نانسي" وأحبّتني، لاحظت أنّها تستخدم أحرف إنجليزيّة حين تتحدّث عن عمل والدها ووالدتها وعمّتها وخالتها، فتقول: والدتي تعمل في مجال ال(H.R) أي الموارد البشريّة، ووالدي (M.S.T.E) أي مدير شركة تطوير عقاريّ... إلخ.
لقد كانت نانسي، وهي (زوجتي الآن) من أسرة غنيّة ومن الطبقة المخمليّة، وأنا من أسرة متوسّطة الحال، وحين سألتها لماذا تستخدم الحروف التي تختصر الأسماء الإنجليزيّة للعمل بدلًا من الكلمات العربيّة، قالت بشكل عفويّ: "ما بعرف... هيك بيلفظوها عنّا بالبيت".
لم تكن نانسي تحبّ "شوفة الحال"، ولا يهمّها البريستيج.
وحين ذهبتُ لخطبتها، قال لي والدها: دعنا نتعرّف على عائلتك. فقلت له: جدّي يعمل في مجال (T.B.K). فلاحظتُ من ملامح وجهه أنّه لم يفهم رموز هذه الأحرف، ولكنّه أُحرج من سؤالي عن دلالتها.
وتابعتُ: وأمّا جدتي فهي مديرة (M. M. A. B). بدا واضحًا أيضًا أنّه لم يفهم دلالة رموز الأحرف، ولكنّه لم يسأل كي لا يبدو جاهلًا، وربّما قال في نفسه: "العمى، إذا جدّو وستّو هيك، شو ممكن يكون شغل بقيّة العيلة".
وربّما لهذا السبب قاطعني، ولم يدعني أكمل، وقال: "مبروك يا ابني"، ثمّ نظر إلى "نانسي" وقال لها: «ألف مبروك سوسي».
المهمّ في اليوم الثاني سألتني نانسي: شو يعني شغل جدّك (T. B. K)؟ قلت لها : يعني " تصليح بوابير كاز"، وجدّتي (M. M. A. B) يعني "مديرة محلّ ألبسة بالة".
"الله يلعن الشيطان، كنت مشتريلها «كاظوظة» تشردقت فيها من كتر الضحك".
وفي نظرتنا للواقع المأساويّ الذي نعيشه اليوم في بلد الحرمان والطغيان وانهيار مقدّرات الدولة بمرتكزاتها على كلّ الأصعدة والمستويات الحياتيّة والبنيويّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والتربويّة والصحّيّة والنفسيّة إلى ما هنالك من أمور مأساويّة، فإنّ البريستيج والإتيكيت أصبحا في خبر كان مع تداعيات إجهاض جميع الاستحقاقات.
"ولات ساعة مندم"...
القاضي م جمال الحلو