ما أجمل أقوال الكبار، ففيها كلّ الاعتبار، ومنها نستقي أفضل الأخبار، ويصير لدينا حسّ الاختبار، فنحسن الاختيار، وتزهو معنا الخبرة بتمدّد الأعمار، بحيث نصبح محطّ الأنظار. 

فلقد قالت لي جدّتي "رحمها الله" ذات يوم: انتبه على نفسك من البرد القارس. وكن على حذر من "الحمار" الدارس. وتجنّب النذل إذا أصبح فارسًا. وابتعد عن اللصّ إذا أضحى حارسًا. ولا تتبع خطوات الشيطان إذا كنت متحمّسًا. ولا تنظر إلى حرمات جارك إذا صرت مؤنسًا. ولا تقرب الخسيس ولو صار آنسًا. 

والأهمّ من هذا وذاك، ابتعد عن رجال السياسة تعش أبد الدهر في الهناء جالسًا. 

آخ يا جدّتي كم كانت نصائحك مهمّة، وكم كنتِ بالحِكم ملمّة، وكم كانت كلماتك بلسمًا فتزيد فينا الهِمّة، وترفع عنّا الغُمّة، وتقودنا إلى عدم اليأس، وتصحيح الأخطاء الجمّة.

لذا، لنكن على حذر من أمور قد توقعنا في الحظر، فنُبتلى بشرور لا تبقي ولا تذر، ونصبح مضرب مثل تؤخذ منه العبر. 

فمن لا يتعلّم من الكبار، ولا يتّعظ من الأشرار، ولا يصاحب الأخيار، يصبح أبد الدهر كحقل اختبار، عرضة لمخاطر الأقدار، وينتهي به العمر على محطة الانتظار...

القاضي م جمال الحلو