عام >عام
منقّبة وملحدة في مواجهة رقصة بداية الحياة
الاثنين 29 08 2016 10:49فاطمة عبدالله
رقصت رنا أحمد للمرة الأولى في أزمير رقصة بداية الحياة. ثم هربت إلى ألمانيا خوفاً من أشباح الماضي. "أريد أن أعيش وأضحك وأتنفّس هنا بينكم ومعكم"، فتسلّل هواءٌ نظيف إلى روحها المتعبة.
استضافها جعفر عبدالكريم في "شباب توك" ("دوتشيه فيلله") لتروي التجربة، فجلست قرب نورا إيلي، منقّبة ترى إخفاء الجسد والوجه "حرية شخصية". نظر عبدالكريم إلى الشابتين انطلاقاً من سؤال: "لماذا لا يتقبّلهما المجتمع؟"، وتركهما أمام استعادات الذاكرة. حضر النموذجان بإطار سردي ذاتي يحاكي تجارب صامتة، مثقلة بالأنماط والدوائر المقفلة، لكنّها مخنوقة الروح، مقيّدة الجسد والأنفاس، لا تملك خيار التحدّث بصوت عالٍ وقهر الظلمة.
لا ندري، لكنّ الأعماق الإنسانية تميل إلى التعاطف مع مَن يدفع باهظاً الثمن. مثل رنا أحمد ومَن قرّرن استعادة ذواتهن. في مقابل خطاب نورا إيلي- المنقّبة عضو مجلس الشورى الإسلامي في سويسرا- القائل بأنّها من تلقائها أخفت معالمها، وقرّرت ألا تلمح عينٌ جسدها، هي المولودة في عائلة كاثوليكية، تركتها لأنّ "الإسلام يحترم المرأة ويتقبّل الديانات الأخرى"- خاضت رنا، سورية الجذور، مواجهة علنية أمام الكاميرا، من أجل حرّيتها وكينونتها وحقّها بعُمر أقلّ تعاسة، فاستمالتنا.
العينان دامعتان أمام المعاناة والتذكّر وملامة الأحبة والأهل. قدّمت الحلقة واقعاً مجتمعياً يخشى البعض التطرّق إليه كونه يُصنَّف "محظوراً"، لا سيما إشكالية الإلحاد وضريبة الملحد في أوطان المذاهب والطوائف، وهي كما بدا من تجربة الشابتين، أكثر كُلفة وخسائر من ارتداء النقاب داخل أيّ مجتمع.
سرق الحجاب طفولتها، حين لم تكن تفكّر سوى باللعب واللهو وألوان الفراشات. "صحوتُ فجأة بعد غيبوبة، وتساءلتُ: "لماذا الحجاب؟ أريدُ أن أفرح بشعري. أريد أن ألعب". لم توافقها نورا رأيها، وكرّرت أنّ "الحجاب حرية". حلقة أصغت بهدوء إلى رأيين نقيضين يختزلان آراء لا تُسمع منها أنّات أصحابها. أكثر الأنّات ألماً هي الصادرة من قلب امرأة شكلها يناقض روحها.