لبنانيات >أخبار لبنانية
فوضى وعدم انضباط وضعف في التحصيل المدرسي كيف نُنقذ طلّابنا من «تغيّب سنتين»؟
الجمعة 3 12 2021 09:27جنوبيات
بعد العودة إلى التعليم الحضوري في المدارس الرّسمية والخاصّة, يواجه الأساتذة اليوم صعوبات عديدة مع الطلاب خصوصاً من الناحية النفسيّة,حيث أصبح المعلّم غير قادر أبداً على «ضبط الصف» ومنع الفوضى التي يحدثها الطلّاب في داخله غير آبهين لا لوجوده ولا للنظام المدرسي الذين اعتادوا عليه قبل جائحة كورونا التي كانت سبب هجر الطلاب لمدارسهم لمدّة سنتين وإستكمال دراستهم عن بُعد.
فما هي الأسباب الرئيسية التي تمنع الطلاب اليوم من الالتزام بالانضباط والنظام العام في المدرسة؟
أولاً: وقبل تقديم الحلول والخطط العلاجية والتقويمية التي يتوجّب على المعلّمين اتّباعها لمنع حدوث تلك الفوضى وضبط الصف وتجليس سلوك الطلّاب لتعديل المناخ النفسي للبيئة الصفيّة كما من ذي قبل,علينا أن نفهم الأسباب لما يحدث اليوم داخل الصفوف الدراسيّة من غضب وثورة من قبل الطلّاب ولامبالاة بوجود المعلّم كما الاستهتار بالنظام المدرسي.
سنشرح بايجاز «معنى» أن يبقى الطالب (مهما كانت فئته العمرية) لمدّة سنتين في المنزل مع أهله ,دون أن يذهب يومياً كما اعتاد في السّابق إلى هذه المؤسسة (المدرسة) التي كانت بالنسبة اليه: «الانفصال الاول عن الاهل», «القانون», «النظام»,«الالتزام»,»البيئة الضابطة».
كل هذه المفاهيم التي تُعد الحجر الأساس في التربية اختفت من قاموسه فجأة ليُصبح روتينه اليومي «كما يحلو له» وليس هناك أي «سُلطة» فوق سُلطة الأهل لتتدخّل به فهو يستطيع أن يحضُر «تسجيل الصف» عبر المنصة في وقت لاحق دون أن يزعجه أحد وإذا اضطر الأمريمكنه فتح الصف واختيار وضعية «mute» ليكمل نومه في اللباس الذي يريد وهو يتمدد على راحته بالإضافة إلى سبب رئيسي آخر ذو بعد تحليلي بامتياز ,إنّ وضعيّة البقاء في المنزل لمدّة سنتين دون الانفصال أبداً عن الأهل لها دور كبير في إعادة الطالب إلى «مرحلة معيّنة» من حياته وهي المرحلة الجنينيّة وبحسب علم النّفس والتحليل النّفسي كل واحدٍ منّا يشتاق للبيئة الرّحميّة التي كان يسكنها ويشعر بالألم حيال الانسلاخ الاول عنها عند الولادة والانسلاخ الثاني عن أمّه والبيئة المنزليّة عند دخوله إلى المدرسة لأول مرّة. واليوم يعيش الطالب هذه المعاناة بعد التصاقه بأهله لمدّة سنتين ,ها هو ينفصل عنهم من جديد دون إرادته وهذا ما سبّب له التوتّرو عدم الانضباط و«غربة» عن عالم الدراسة فعودته اليوم إلى التعلّم حضوريّاً تشبه يومه الاول في المدرسة التي تشكل بالنسبة له عالم غريب ومقلق.
ثانياً: ارشادات للمعلمين داخل الصفوف ولإدارة المدرسة :
دعوة اولياء الأمور من حين لآخر لحضور الصف مع أبنائهم مع الإلتزم بالإرشادات الوقائية.
تصرف المعلم بشكل سليم أمام الطلاب والتزام الهدوء والصمت التام اثناء احداثهم للفوضى في الصف ويتأملهم مع اظهار الحزن وعدم الرضى على وجهه (وليس الغضب) إلى حين أن يصمت الجميع.
تعليق لافتة او ورقة كبيرة على اللوح داخل الصف تتضمّن قوانين المدرسة التي تكون الإدارة قد أعدّتها، مناقشتها مع الطلاب والاتفاق معهم على اعداد أخرى مثلها ولكن تحمل قوانين الصف، فبهذه الطريقة يتحوّل النظام إلى مسألة انضباط ذاتي والمناقشة ستجعلهم يؤمنون بالنظام أكثر.
التخطيط الجيد للحصة من قبل المعلم وضبط الوقت؛ أي أن يكون قد جهز لكل ربع ساعة كيف ستمر والتنسيق بين الجانب النظري والتطبيقي، وتوزيع الأدوار على الطلاب لإشراكهم في عملية الشرح.
تجنُّب المعلّم لتوجيه الانتقادات الساخرة للطلاب بل تفهّم سلوكيّاتهم غير المقبولة ومناقشتها معهم من خلال النقد البناء.
استخدام تقنيّات التعلم الحديث يساعد على الاحتفاظ بالمعلومات لمدة أطول وتكون قابلة للاستدعاء متى ما يلزم.
عدم ارسال الطالب إلى الادارة واجبارهم على توقيع التعهدات والإنذارات او طرده من الصف او حرمانه من علاماتِهِ، فهذه الطريقة غير مُجدية أبداً في تجهيز السلوك.
الطلب المستمر من الطلاب بالتصرف على طبيعتهم داخل الصف، شرط المحافظة على الهدوء وهذا ما سيشعرهم أنهم في بيئة آمنة وتهتم براحتهم ولا مانع بتناول بعض المأكولات الخفيفة متى ما شعروا بالحاجة إلى ذلك.
السماح لهم بالخروج من الصف دون إذن متى ما شعرو بضيق او بانزعاج ما والعودة بعد دقائق مع اعتماد الأسلوب الديموقراطي داخل الصف بمعنى أن يعبر المعلّم عن توقّعاته العالية تجاه الطلاب ويهتم برفاهيتهم ويحفّزهم مما يزيد من فعاليتتهم ومشاركتهم ويعزز شعورهم بالاستقلالية والاعتماد على الذات من خلال تبادل وجدهات النظر بين كل من الطالب والمعلم وهذا ما سيمنح الطلاب الشعور بالارتباط بالصف وسيرفع من درجات اهتمامهم بالمهمّات الموكلَة اليهم.
اهتمام الادارة المدرسية بشكل خاص في صفوف الأنشطة التعبيرية «الرقص والرسم» والأنشطة البدنية وتخصيص جلسات حواريّة وارشادية بين الطلاب والمرشد النفسي في المدرسة وحثّهم على التعبير عن مخاوفهم وكل ما يُقلِقَهم.
تجنّب العقاب واستبداله بطرق تربوية علاجيّة فعّالة ومنها:
أن يُذكّر المعلّم الطالب المخالف دائماً بنظام الصف، دون السماح له بالمناقشة واعطاء المبررات .
مدح الطلاب الذي يظهرون التجاوب مع قوانين الصف، وتجاهل « سلوك» المخالفين.
التشديد دائماً على انتقاد «سلوك الطالب « وليس «الطالب».
طرح : «العقد التربوي» كخطّة سهلة التطبيق وهو يُستخدَم لحل المشكلات الصفيّة وخصوصاً صعوبات التعلّم والاضطرابات السلوكية، إذ أنه يُعتبَر آلية تدخّل علاجي مثل «ميثاق قسم» يتضمّن حقوق وواجبات كل من المعلم والطالب من أجل تحسين جودة التعليم وتعديل السلوك حيث يتضمن أيضاً توقيع كل من الطرفين.
- السماح للطلاب باستخدام الهواتف المحمولة والالواح الذكيّة حلال حصص الرياضيات مثلاً او اللغات لاعتماد التطبيقات التربوية كتقنية حديثة، مُحفّزة ومساعدة في عملية التعليم وهذا ما يشجّعهم اكثر على التعلم بشغف وما سيسهل عليهم عملية الانضباط و«المصالحة» مع البيئة المدرسية.
من الضروري جدّاً أن تعتمد المدارس اليوم ومعلّميها اساليب جديدة داخل الصف ومراعاة ما مرّ به هذا الطالب خلال السنتين الأخيرتين من ضغوطات نفسية بسبب الاوضاع الراهنة في لبنان وان يتخلى عن أي اسلوب تسلطي لأنه لن يجدي نفعاً بل سيزيد من تفاقم المشكلة.