لبنانيات >أخبار لبنانية
شيخ العقل لغوتيرس: الدروز يؤكِّدون على رسالة الحوار والاعتدال ويعتبرون جبلِ لبنان نموذجاً للمصالحة والعيش الواحد
الاثنين 20 12 2021 12:35جنوبيات
طالب سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ د. سامي أبي المنى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اثناء اجتماع الرؤساء الروحيين به في فندق الموفمبيك في بيروت صباح اليوم، "المجتمعَ الدولي مساعدة لبنان، لتأمين الأمن الصحي والغذائي والتربوي". وسأله: "هل يجوز أن يُترَك لبنانُ وحيداً ليحتضنَ مئاتِ الآلاف من اللاجئين والنازحين، ألا يتوجب على المجتمع الدولي مساعدتَه في إيجاد حلٍّ لهم؟ وكذلك في تطمين اللبنانيين باحترام القرارات الدولية المتعلقة بالصراع مع العدوّ الإسرائيلي، وبعدم فتح الأبواب لعودة الإرهاب إلى بلادنا، وثانيها ترسيم الحدود البحرية لمساعدة لبنان في الاستفادة من الثروة النفطية".
وقال شيخ العقل في كلمته:
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش المحترم
"زيارتُكم بلادَنا مهمّة ومقدَّرة، وأنتم تسعَون للوقوف مخلصين على هموم الشعب اللبناني وهواجسه في هذا الوقت الاستثنائي الذي يعيشه لبنان... إنها رسالةُ دعم لبلاد الأرز، كما قلتُم، وتأكيدٌ منكم أنَّ لبنان ليس متروكاً لقدَره، وأنّ الأمم المتحدة متضامنة ومعنية بمساعدة لبنان... وأنتم تعلمون أن لبنان هو بلدُ التنوّع، وأنّه رسالةٌ إنسانية وحضارية فريدة يجب الحفاظ عليها".
واضاف، "إننا نشكركم على وصفكم الشعبَ اللبناني بالسخاء وكرم الضيافة والحيوية... ونتفهم قلقكم على لبنان وحرصكم على تحقيق العدالة فيه، ودعوتكم إلى احترام الدستور والاستحقاقات الدستورية وإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها وإعطاء فرصة للشباب والنساء للمشاركة والتجديد، وإلى مناقشة أفضل السبل لتقديم الدعم من أجل التغلُّب على الأزمة وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية واحترام حقوق الإنسان... كما نقدّر موقفَكم القائل بأنّ الإصلاحات تبدأ من الداخل، من خلال اعتماد الشفافيّة واجتثاث الفساد... وبأنه الوقت المناسب والفرصة السانحة، وربما الأخيرة، لإنقاذ لبنان، وفي ذلك ما يشبه التحذير قبل إعلان لبنان دولةً فاشلة. نحن ندرك معكم سعادة الأمين العام أنّ الانقسامات شلَّت المؤسسات، وأن التجاذب السياسي أعاق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي... لكننا في الوقت نفسه نتساءل: هل يجوز أن يُترَك لبنانُ وحيداً ليحتضنَ مئاتِ الآلاف من اللاجئين والنازحين، ألا يتوجب على المجتمع الدولي مساعدتَه في إيجاد حلٍّ لهم، بتأمين العودة الآمنة للنازحين، وبتنظيم وجود اللاجئين، وبتمكينه من معالجة قضاياه الاقتصادية والمعيشية المتأثّرة بهذا وبذاك من العوامل الضاغطة عليه؟
وتابع سماحته: "قلتم للسياسيين: ساعدونا لنساعدكم، ونحن نقول معكم ولهم أيضاً: فلنترفّع عن المطالب الآنيّة المتقابلة، ولتجتمعِ الحكومة، وليتحمّل الرؤساءُ والوزراء والنوّاب مسؤولياتِهم، وفق المبدأ القائل والقول المأثور: "إنّ لله رجالاً إذا أرادوا أراد"، أي أنّ الواجبَ يقضي باتّخاذ المبادرات للإصلاح وليس الركون إلى الخلاف والعجز وانتظار الفرج من الخارج. صحيح أنّ الحكومة مسؤولة عن الإصلاح، لكنّ المجتمع الدولي مسؤولٌ ومعنيٌّ أيضاً بالعمل على خلق مناخ إيجابي مُحيطٍ يساعد الحكومة على النجاح... المجتمع الدولي مسؤولٌ ومعنيٌّ بالمساعدة في حلّ قضايا المنطقة المؤثّرة على الواقع اللبناني، وفي منع التدخُّل السلبي في شؤون الدول، كما أنه معنيٌّ بالمراقبة والتوجيه والتنبيه والإعانة والإغاثة".
واردف شيخ العقل: "المجتمع الدولي مسؤولٌ معنا عن السعي إلى حلّ الإشكالات العالقة؛ وأوّلها تطمين اللبنانيين باحترام القرارات الدولية المتعلقة بالصراع مع العدوّ الإسرائيلي، وبعدم فتح الأبواب لعودة الإرهاب إلى بلادنا، وثانيها ترسيم الحدود البحرية لمساعدة لبنان في الاستفادة من الثروة النفطية، ومنع التهريب للحدّ من الانهيار الاقتصادي، وثالثها بذل الجهود الحثيثة لمعالجة القضايا الخلافية التي لها ارتباطٌ مؤثّر بمحاورَ إقليمية ودولية".
سعادةَ الأمين العام،
إنّنا إذ نشكركم على زيارتكم وإتاحة الفرصة لنا للقائكم، فإنَّنا نجدها مناسبة للمصارحة والقول إنَّ لبنان الرسالة قائمٌ على المحبة والرحمة والأخوَّة؛ المحبة المسيحية "أحبُّوا بعضَكم بعضاً"، والرحمة الإسلامية "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين"، والأخوَّة الإنسانية؛ تلك التي أكَّد عليها قداسةُ البابا وسماحة شيخ الأزهر، وبالتالي يحقُّ لنا أن نطالبَ باعتماد لبنانَ مركزاً دائماً للحوار في هذه المنطقة من العالم، كما يحقُّ لكم أن تُطالبوا لبنانَ بأن يكون رائداً دائماً، بالفعلِ لا بالقول فقط، في مجال الحوار والتثاقف واحترام التنوُّع".
وتوّجه شيخ العقل الى الامين العام للامم المتحدة ايضا: "إنّ الموحِّدين الدروز الذين نمثِّلُهم يؤكِّدون على رسالة الحوار والاعتدال دائماً، واليومَ أكثرَ من أي وقتٍ مضى، ويُصرُّونَ على ذلك من خلال اعتبار جبلِ لبنان نموذجاً صالحاً للمصالحة والعيش الواحد المشترَك، ذلك لأنهم طائفة أساسية ومؤسِّسة لهذا الوطن، بل طائفة جامعة ولاحمة بين الطوائف، قدَّمت التضحيات الكبيرة واستفادت من العبر الكثيرة عبر التاريخ للوصول إلى وطنٍ سيِّدٍ ومستقلّ.
إنَّنا ضنينون بلبنانَ الوطنِ النهائيِّ، العربيِّ الانتماء، وحريصون على صيغة الشراكة والتكامل مع شركائنا في الوطنية، وبالمساهمة في بناء الدولة الوطنية الجامعة التي تميِّز بين الدين والسياسة، والتي تحافظ على حقوق المؤمنين وتحترم طقوسهم وتقاليدهم، كما يحترمون فيها القانون، ويعملون وفق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات وتحقيق العدالة الاجتماعية. لذلك نقولُ معَ إخواننا الرؤساء الروحيين للطوائف الشقيقة، بضرورة التفاهم على القضايا الوطنية، وندعو أبناء الطوائفِ جميعِهم إلى التلاقي دائماً على كلمةٍ سَواء، وإلى التزام رسالتِنا الروحية والقيام بمهمتِنا الإنسانية لإشاعة المناخ الإيجابي في البلاد وخلقِ جوٍّ مشجِّعٍ للسياسيين، علَّهم يستفيدون منه ويتحمَّلون مسؤولياتِهم ويتلقّفون المبادراتِ الخارجية والداخلية الداعية إلى الإصلاح والإنقاذ ويسعَون معاً، وكلٌّ من موقعِه، إلى معالجة القضايا العالقة والتخفيف من آلام الناس بمحبةٍ ورحمةٍ وأُخوَّة".
وختم سماحته: "إنّنا، باسم هؤلاء الناس المتألّمين والخائفين على مستقبلِهم ومستقبل أولادهم ومصير عائلاتهم، نطالبُكم، بما لكم من موقعٍ ودورٍ وتأثير، ونطالب المجتمعَ الدولي، بمساعدة لبنان لتأمين الأمن الصحي والغذائي والتربوي على الأقلّ، وذلك من خلال المؤسسات الإنسانية العاملة فيه والتي هي موضعُ ثقة الناس واحترامِهم، ومن خلال المرجعيات الروحية الحريصة كلَّ الحرص على حفظ الأمانة وحمل الرسالة، والساعية إلى زرع الأمل في نفوس المواطنينَ كي لا يتمكَّنَ منهم اليأس والإحباط، وكي تبقى روحُ التعاضد الإنسانيِّ حيَّةً بينهم.
شكراً لكم على المبادرة وعلى الاستماع، وشكراً لكم بالتأكيد على التفهُّم والتجاوب.
حفظكم الله".