مقالات مختارة >مقالات مختارة
اليونيفيل تعدّل مهماتها منفردة؟ والناطقة باسمهم: أحرار بالتحرك في كل لبنان!
الخميس 6 01 2022 11:08آمال خليل
للمرة الثانية خلال أسبوعين، وقع إشكال بين جنود من الوحدة الإيرلندية وعدد من الأهالي في أحد الأحياء السكنية لبنت جبيل ليل أول من أمس. قبل بنت جبيل، حدث المشهد نفسه في بلدة شقرا. إشكالان يختتم بهما قائد اليونيفيل الإيطالي ستيفان دل كول ولايته التي تنتهي منتصف شباط المقبل ليسلم مهماته إلى قائد جديد لليونيفيل من المقرر أن يكون إسبانياً.
«أبطال» إشكال بنت جبيل جنود ينتمون لقوة الاحتياط التابعة لقائد اليونيفيل «ضبطوا يتجولون في حي سكني ويلتقطون صوراً من دون مرافقة الجيش اللبناني. ما دفع بعض الأهالي إلى توقيفهم بالقوة ومصادرة معداتهم وتكسير زجاج آلياتهم» بحسب مصدر بلدي. قبل بنت جبيل وشقرا، تكررت واقعة الكاميرات في أكثر من بلدة منذ تعزيز قوات اليونيفيل عقب العدوان الإسرائيلي عام 2006، في حاريص وبليدا ومجدل زون وعيتا الشعب، مع أكثر من وحدة وللسبب نفسه. فلماذا يكرر جنود «حفظ السلام» في كل مرة ما يستدعي رد فعل غاضباً، وكأنهم بذلك يجعلون تعديل قواعد عمل القوات الدولية أمراً واقعاً. إذ إن القرار 1701 لا يشمل تصوير الأماكن السكنية والتجول فيها، لا سيما من دون مرافقة دورية من الجيش. فضلاً عن أن الشؤون المدنية والسياسية داخل اليونيفيل تخضع الجنود الملتحقين حديثاً بمهماتها لدورات توعية عن الخصائص الثقافية والاجتماعية للسكان.
لا يتوانى كثر عن اتهام اليونيفيل بالانحياز لصالح العدو ولعب دوره بالبحث عن مواقع المقاومة ومخازن الأسلحة المحتملة وإعطائه إحداثيات. وهو ما يفسر المحاولات المستمرة بالتسلل إلى الملكيات الخاصة من منازل وحقول وتصويرها. في المقابل، يبرر العاملون في قوات حفظ السلام تحركاتهم بتنفيذ مندرجات القرار 1701 الذي قضى بضبط السلاح «غير الشرعي». وبما أن القرار قيّد دوريات اليونيفيل بمرافقة دورية للجيش ومنعها من الدخول إلى الملكيات الخاصة والتفتيش، سجلت محاولات عدة لتغيير قواعد الاشتباك لضمان حرية الحركة. وبعد الفشل في ذلك، ابتكرت اليونيفيل بدائل للرصد، أبرزها كاميرات مراقبة عالية الدقة خططت لنشرها في عدد من مواقعها الحساسة في منطقة عملها. وبعدما أجهضت تلك المحاولات، لم يبق سوى وسيلة الرصد التقليدية بالكاميرات والدوريات.
تبدو اليونيفيل كأنها اللاعب الوحيد جنوباً، فيما يُسجل غياب لافت للجيش اللبناني. وكان لافتاً في الآونة الأخيرة غياب البيانات التي كانت تصدر عن قيادة الجيش للتعليق على الإشكالات. علماً أن قائد اليونيفيل دل كول يجزم بأن قواته تحظى بموافقة قيادة الجيش على تركيب الكاميرات.
كما تُطرح تساؤلات عن سبب انسحاب الجيش من مواكبة دوريات اليونيفيل، وهو ما برّره مصدر عسكري لـ«الأخبار» بـ«قلة العديد والآليات»، مشيراً إلى أن «اليونيفيل تنفذ يومياً 450 دورية في جنوب الليطاني. يستطيع الجيش مواكبة حوالي 8 في المئة من تلك الدوريات فقط مع ارتفاع تكلفة الوقود وصيانة الآليات». وهذا العائق اللوجيستي أثير في مجلس الأمن الذي وافق على قيام اليونيفيل بدعم الجيش بالوقود.
عوامل عدة أخرى تسمح لليونيفيل بأن تسرح وتمرح جنوباً، أبرزها حرية الحركة التي يضمنها الجنوبيون أنفسهم الذين يحافظون على علاقات ودية مع حفظة السلام طالما أنهم لا يتخطون الخطوط الحمر بالانحياز إلى العدو. وهذا يتجلى بحجم الإشكالات الضئيل بالمقارنة مع عدد الدوريات الكبير.
مع ذلك، كان لليونيفيل موقف حاد تجاه مضيفيهم. إذ استخدم البيان الرسمي الذي صدر عن القيادة تعليقاً على إشكال بنت جبيل، مصطلحات غريبة عن العلاقة بين اليونيفيل والجنوبيين.
فأدان «الجهات الفاعلة التي تتلاعب بسكان المنطقة لخدمة أغراضها».
ماذا تريد اليونيفيل على أعتاب ولاية جديدة لقائد جديد؟
في إجابتها على أسئلة «الأخبار»، أكدت نائبة مدير المكتب الإعلامي لليونيفيل كانديس آرديل «تقدير اليونيفيل لعلاقتها الطويلة مع المجتمع المحلّي واحترامها لخصوصية الناس الذين يعيشون ويعملون في منطقة عملياتنا». لكنها في المقابل، بددت بعض الثوابت في طبيعة عمل اليونيفيل بموجب القرار 1701 من محدودية الحركة إلى مواكبة الجيش وكأن تعديل طبيعة مهماتها حصل بالفعل! إذ شددت على أن «الجنود يتمتعون بحرية الحركة الكاملة في منطقة العمليات، وفي الواقع في جميع أنحاء لبنان، في إطار اتفاقية وضع القوات مع الحكومة، التي كرّست ذلك في التشريعات الوطنية التي تعود إلى ما يقرب من 30 عاماً. وتعتبر حرية الحركة مطلباً بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 وتكررت في قرارات المجلس اللاحقة. وبينما تُحترم حريتنا في الحركة في معظم منطقة عملياتنا، فإننا نواجه قيوداً فقط في قرى قليلة. في حين أن اليونيفيل لا تحتاج إلى مرافقة من الجيش اللبناني عند أداء مهامها، لكن يتم إطلاعها على كل دورية قبل أن تبدأ».
آرديل كذّبت الجنوبيين حول أسباب وقوع الإشكالات. «الادعاء بأن قوات حفظ السلام تقوم بالتصوير في الأحياء السكنية هي حيلة لنشر الأكاذيب والمعلومات المضللة. وفي الواقع، في بعض الأحيان يكون الجنود هم من يتم رصدهم وتصويرهم». ودعت الحكومة اللبنانية «إلى التحقيق في الهجمات على جنود حفظ السلام والقيود المفروضة على حركتهم، ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم»!