ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
"نحن جيل الزمن الجميل"
جنوبيات
هل تدرون من نحن؟
نحن أبناء المشي إلى المدرسة ذهابًا وإيابًا طوال أيّام السنة الدراسيّة المكوّنة من تسعة أشهر.
نحن جيل الامتحانات بالمنهج الكامل، من الغلاف إلى الغلاف، وكنّا ملزمين بذلك. فلا مدرّس خصوصيّ ولا خيارات للإجابة.
نحن تلاميذ "اكتب المقطع عشر مرّات كي يعلق بذهنك". وكنّا نحلّ المسائل على اللوح الخشبيّ أمام جميع الطلّاب في الصفّ.
نحن جيل النشرات الثقافيّة، والنشاط الإذاعيّ، والمسرحيّ، والرياضيّ، ومسابقات التوعية.
نحن جيل لم ندخل مدارسنا بهواتفنا المحمولة، ولم نشكُ من كثافة المناهج الدراسيّة، ولا من كثرة الفروض التعليميّة عندما نعود إلى منازلنا.
نحن جيل "لم يراجع لنا أولياء أمورنا دروسنا"، ولم يعلّمنا أحد غير أساتذتنا، ولم يكتب لنا أحد واجباتنا المدرسيّة. وكنّا ننجح بلا دروس دعم، وبلا وعود مغرية للتفوّق وتحقيق الأفضل.
نحن جيل لم نرقص على نغمات موسيقى السّخف، ولم نسمع أغاني السّفف، ولم نكن نعيش التّرف، ولم نشعر بالقرف.
نحن جيل اللعب الجميل، فكنّا نركض ونلاحق بعضنا بعضًا في الطرقات ما بين الحارات القديمة، ولم نكُ نخشى مفاجآت الطريق، ولم يعترض طريقنا مجرم ولا خائن وطن.
نحن الجيل الذي نام في فناء المنازل وعلى السطوح المزيّنة بالعرائش. فكنّا نتحدّث كثيرًا، ونتسامر كثيرًا، ونضحك كثيرًا. وننظر إلى السماء بفرح، ونعدّ النجوم نجمة نجمة حتّى نغفو وننام بأمان.
نحن جيل الطيبة، كنّا نحرّك أيادينا للطائرة بفرح، ونحيّي رجل الأمن بهيبة.
نحن جيل تربّى على المحبّة والتسامح والصفح. نبيت وننسى زلاّت وهفوات بعضنا البعض.
نحن أبناء الرضى والاحترام. لقد كان للوالدين في داخلنا هيبة ووقار، وللمعلّم إجلال وفخار، وللعِشرة حسن الجوار. وكنّا نحبّ الجار ونقدّر الظروف. ونتقاسم مع الصديق الأسرار والمصروف. وكنّا نتبادل اللقمة الهنيّة بلا خوف أو وجل.
وباختصار كلّيّ، نحن جيل الزمن الجميل، حيث السياسة فعل مفاضلة بين الأشخاص، يتنافسون للحصول على دعم الناس من خلال انتخابات شعب يعرف الرخيص من الغالي، ولا يكترث للأضاليل ولا يبالي.
فأين نحن من ذاك الزمان؟
وكان يا ما كان...