ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
علاج الضغط النفسي بالموسيقى
الخميس 27 01 2022 09:47ريمون ميشال هنود
أظهرت أبحاث علمية أنّ للموسيقى فوائد نفسية متعدّدة، تخولّها التعامل مع أمراض العصر كالتوتر والقلق والأرق وآلام العضلات. فالعلاج بالموسيقى يُستخدم في بعض الأوقات لمساعدة المرضى الذين يعانون من الاجهاد على الشفاء، عبر تغريز رفاهيتهم النفسيّة. تشير الأبحاث العلمية إلى أنّ الموسيقى يمكن أن تساهم في تحسين الأداء في المهام المعرفية لدى كبار السنّ، فقد وجدت دراسة أنّ عزف الموسيقى أسفر عن تحسينات في سرعة معالجة المعلومات بينما أدّت كل من الموسيقى الحماسية والهادئة إلى تحسين الذاكرة. وبالمناسبة، نذكر أنّه في إحدى الدراسات المنشورة عام 2013 عرض على المشاركين قبل التعرّض لاختبار الاجهاد النفسي الاستماع الى موسيقى هادئة، فيما استمع آخرون إلى صوت المياه المتدفّقة، بينما لم يتلق الباقون أي تحفيز سمعي، وأظهرت النتائج النهائية أنّ الاستماع للموسيقى كان له تأثير على استجابة الضغط البشري، لاسيما الجهاز العصبي اللاارادي وقد تمكن المستمعون الى الموسيقى من التعافي بسرعة أكبر عقب ممارسة الضغط عليهم. وإذا كان الإنسان يحاول إنقاص وزنه، فقد يساعده الاستماع الى الموسيقى الهادئة على تحقيق أهدافه. فالأشخاص الذين تناولوا الطعام في المطاعم ذات الإضاءة المنخفضة، حيث تمّ عزف الموسيقى الهادئة، استهلكوا طعاماً أقل بنسبة 18 بالمائة من أولئك الذين تناولوا الطعام في المطاعم الأخرى. أما السبب، فهو أنّ الموسيقى والإضاءة تعينان على خلق بيئة أكثر استرخاء. وبما أنّ المشاركين كانوا أكثر استرخاءً وراحة، فقد استهلكوا طعامهم ببطء أكثر، وكانوا أكثر إدراكاً عندما بدأوا يشعرون بالشبع. وشعر بعض الطلاب أنهم عندما يستمعون إلى موسيقاهم الخاصة أثناء دراستهم، فإنّ ذاكرتهم وتركيزهم على حفظ المعلومات يتحسّن ويتطوّر، في حين يقول آخرون أنها ببساطة تشتّت انتباههم. تؤكّد أبحاث علمية انّ الموسيقى تعزّز الذاكرة والقدرة على الاستيعاب والحفظ، لكن الأمر موضوع في امرة مجموعة عوامل عدة منها، نوع الموسيقى، ومتعة المستمع لتلك الموسيقى، وحتى مدى قدرة المستمع على التدريب الجيّد.
من ناحية أخرى، كشفت الدراسة نفسها أنّ مذاكرة الطالب الساذج موسيقيا تتحسّن عند الاستماع الى الموسيقى الايجابية، ربما لأنّ هذه الأغاني تثير مشاعر أكثر إيجابية دون التدخّل في تكوين الذاكرة. ووجدت دراسة أخرى أنّ المشاركين في تعليم لغة جديدة، أظهروا تحسّناَ ملموساً في معرفتهم وقدراتهم غداة ممارسة غناء كلمات وعبارات جديدة، مقابل التحدث العادي أو التحدث الإيقاعي. أما مرضى الألم العضلي الليفي الذين استمعوا الى الموسيقى لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم شهدوا انخفاضاً ملحوظاً في الألم مقارنةً بالآخرين. وفي إحدى الدراسات حول مرض الألم العضلي الليفي، أخضعت إحدى المجموعات للاستماع الى الموسيقى مرة واحدة في اليوم لمدة أربع أسابيع ولم تتلق أي علاج، وفي نهاية الأسابيع الأربعة، انخفضت مشاعر الألم والإكتئاب عند الذين استمعوا الى الموسيقى كل يوم. ووجدت دراسة أخرى عام 2015 أنّ المريض الذي استمع الى الموسيقى قبل أو أثناء أو حتى عقب جراحة أجراها وعانى من ألم وقلق أقل مقارنة بالذي لم يستمع الى الموسيقى. وقالت الدكتورة كاثرين ميدز من جامعة برونيل، يتم تنفيذ أكثر من 51 مليون عملية سنوياً في الولايات المتحدة ونحو 4,6 مليون في انكلترا، وأضافت، تُعتبر الموسيقى تدخّلا غير جراحي وآمنا ورخيصا، ومن المفترض أن يكون متاحاً لكل من يخضع لجراحة. وفي دراسة تناولت مجموعة من طلاب الجامعات، استمع المشاركون الى الموسيقى الكلاسيكيّة أو إلى كتاب صوتي، فيما لم يستمع البقية الى أي شيء آخر مطلقاً. استمعت مجموعة واحدة الى 45 دقيقة من الموسيقى الكلاسيكية في حين استمعت مجموعة أخرى الى كتاب صوتي في وقت النوم لمدة ثلاثة أسابيع. وفي النهاية، قيّم الباحثون بعد ذلك جودة النوم قبل وبعد التدخّل، ووجدوا أنّ المشاركين الذين استمعوا الى الموسيقى ينامون أفضل بكثير من أولئك الذين استمعوا الى الكتاب الصوتي أو الذين لم يتسمعوا الى أي شيء مطلقاً. ومن الميزات الأخرى التي يدعمها العلم هي أنّ الموسيقى قد تجعلك أكثر سعادة، لأنّ الباحثين اكتشفوا أنّ الموسيقى لعبت دوراً هاماً من الاثارة وتحسين المزاج. ووجدت دراسة أخرى إن محاولة تحسين المزاج عمداً عبر الاستماع الى الموسيقى الايجابية يمكن أن يكون لها تأثير في غضون أسبوعين.