يُروى في العصر العبّاسيّ أنّ امرأة دخلت ديوان الخليفة هارون الرشيد، وهي من قوم قد قتل الخليفة رجالهم "فرمّل نساءهم ويتّم أولادهم"، فقالت: أقرّ الله عينيك، وفرّحك بما أتاك، وأتمّ سعدك، لقد حكمت فقسطت.
فسأل الخليفة أصحابه عن قصدها فقالوا: ما نراها قالت إلّا خيرًا. فانتهرهم الخليفة وقال: ما أظنّكم فهمتم ذلك.
أمّا قولها: أقرّ الله عينيك أي أسكنها عن الحركة وإذا سكنت عميت. وأمّا قولها: وفرّحك بما أتاك فأخذته من قوله تعالى: "حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة".
وأمّا قولها: وأتمّ الله سعدك فأخذته من قول الشاعر: إذا تمّ أمر بدا نقصه... ترقّب زوالًا إذا قيل تمّ.
وأمّا قولها: لقد حكمت فقسطت فأخذته من قوله تعالى: "وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطبًا".
وفي ملخّص ما حصل نقول: "هي نباهة هارون، وفصاحة امرأة، وجمال لغة".
ولبعض السياسيّين الفاسدين في لبناننا الحزين نقول (وبفصاحة المرأة وتفسير هارون الرشيد):
"أقرّ الله عيونكم، وفرّحكم بما أتاكم، وأتمّ سعدكم، لقد حكمتم فقسطتم".