مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
"العسكرية" و"التمييز" تُثبتان تعامل فايز كرم مع العدو
قيادة الجيش: سُرِّح برتبة "رائد" وليس "عميداً"!
"العسكرية" و"التمييز" تُثبتان تعامل فايز كرم مع العدو ‎الأربعاء 9 03 2022 09:15 هيثم زعيتر
"العسكرية" و"التمييز" تُثبتان تعامل فايز كرم مع العدو
العميل فايز كرم عند النطق بحكم إدانته بالتعامل مع العدو الإسرائيلي في المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت

جنوبيات

لا يتوانى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل عن سلوك كل الطُرُق، واستخدام الوسائل والسُبُل، لتأمين أصوات تُؤمّن له دعماً يُترجم في صناديق الانتخابات النيابية، المُقرّر إجراؤها يوم الأحد في 15 أيار/مايو 2022، في مُحاولة لتعويض ما تُشير إليه الاستطلاعات، من خسارته لعددٍ من المقاعد النيابية، نتيجة سياسة "العهد القوي"، التي تسير بانهيار كارثي نحو "قعر جهنم".
بعد تفاعل ما نشرناه في "اللـواء" يوم السبت في 5 آذار/مارس 2022، في الصفحة الثالثة، عن ترشيح "الوطني الحر" العميل فايز وجيه كرم (مواليد زغرتا 17 تشرين الأول/أكتوبر 1948) عن أحد المقاعد المارونية في قضاء زغرتا، في دائرة الشمال الثانية، التي تضم أيضاً أقضية: البترون، بشري والكورة، وتتمثّل بـ10 مقاعد، أرسل كرم توضيحاً إلى "اللـواء" نُشِرَ - عملاً بقانون حق الرد - يوم الثلاثاء في 8 آذار/مارس 2022، في الصفحة ذاتها، نفى فيه "جملةً وتفصيلاً ما جاء في المقال"، ليُتحفنا بأنّه "يحتفظ بحقّه باتخاذ الإجراءات القانونية المُناسبة"!
انطلاقاً من ذلك، فإنّ ما تضمّنه المقال مُثبت بالوثائق والأدلّة التي أُدين بمُوجبها كرم بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، لذلك فإنّنا نستعرض بعض النقاط:

طَيْ مُحاولة الترشيح

1- إنّ ترشيح العميل كرم، بُحِثَ مع النائب باسيل، وهو أمر لم يعد خافياً، وتطرّق إليه كُثُرٌ من السياسيين.
لكن بعد إثارة "اللـواء" للموضوع، مُدعّماً بالوثائق والأدلّة والبراهين، صُدِمَ باسيل لعدم تمكّنه من تسويق ترشيح عميلٍ، فرفض الحلفاء ضمّه إلى أي من اللوائح، فجُمِّدَ الأمر، مع وعدٍ بالبحث عن دور له في المرحلة المُقبلة، لا يكون بحاجة فيها إلى اختبار صناديق الاقتراع أو التحالفات، بما يُشكّل "جائزة ترضية" لما أُدين به وإثباتاً بأنّه "عميل فوق العادة".
2- إنّ إدانة فايز كرم بالتعامل، أثُبتت من قِبل "فرع المعلومات" في قوى الأمن الداخلي، التي كان يتولّى رئاستها - آنذاك - العميد وسام الحسن، عندما أوقفه بتاريخ 3 آب/أغسطس 2010، بناءً لإشارة النائب العام التمييزي في لبنان القاضي سعيد ميرزا، الذي ردَّ على مُحاولات مسؤولي "التيار العوني" استهداف "فرع المعلومات"، بأنّه "يُعتبر حسب أحكام المادة 38 من قانون أصول المُحاكمات الجزائية من القائمين بوظائف الضابطة العدلية تحت إشراف النائب العام لدى محكمة التمييز والنوّاب العامين والمُحامين العامين".
انطلق التحقيق من الرسالة النصية التي أرسلها كرم شخصياً من رقم هاتفه اللبناني (729009/03) إلى "المُشغِّل" الإسرائيلي عبر الرقم النمساوي (00436766823019)، وجاء فيها: "شاهدوني على قناة "المنارة"، الساعة 10:30 صباح الثلاثاء 23-3-2006".
خلال التحقيقات، اعترف كرم بتعامله مع العدو الإسرائيلي.
3- إنّ قاضي التحقيق العسكري الأوّل القاضي رياض أبو غيدا، أصدر بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2010، قراره الظنّي في قضية كرم بعد استجوابه، بحضور وكيله المُحامي رشاد سلامة، الذي مارس حقوقه وحضر جلسة الاستجواب، بتأييده إفادته الأوّلية مُعترفاً: "أعطيتها بكامل إرادتي ودون ضغط أو إكراه".
4- بين 23 كانون الأول/ديسمبر 2010 و3 أيلول/سبتمبر 2011، عقدت المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت برئاسة العميد الركن نزار خليل، جلسات عدّة، كانت آخرها المُخصّصة لإصدار الحكم، واستغرقت 11 ساعة، بينها 3 ساعات مُرافعات لوكلاء الدفاع: رشاد سلامة، ساندرا مرهج وإيلي كعدي، خلصت إلى إدانة كرم، بسجنه "بالأشغال الشاقة لمُدّة 3 سنوات لجهة المادّة 278 عقوبات وإنزالها تخفيفاً إلى الأشغال الشاقة لمُدّة سنتين وتجريده من الحقوق المدنية، وبالحبس مُدّة شهر لجهة المادة 24/78 أسلحة ومُصادرة الأسلحة غير المُرخّصة، وإدغام هاتين العقوبتين معاً بحيث تُنفّذ بحقه العقوبة الأشد، أي الأشغال الشاقة لمُدّة سنتين وتجريده من الحقوق المدنية ومُصادرة الأسلحة الحربية غير المُرخّصة".
أثناء تلاوة حكم إدانته، أكثر كرم من شرب المياه، قبل الإغماء عليه، فنُقِلَ إلى "مُستشفى أوتيل ديو".

الجيش: "رائد" وليس "عميداً"!

5- بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر 2011، ميّز وكلاء الدفاع عن المحكوم كرم، الحكم لدى محكمة التمييز العسكرية، طالبين نقضه، مُنطلقين من أنّ أعضاء المحكمة العسكرية التي أصدرت الحكم هم دون رتبة المحكوم العميد فايز كرم!
لكن، بناءً على طلب محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضية أليس شبطيني العم، إلى قيادة الجيش الاستيضاح حول الرتبة التي سُرّح بها كرم، جاء رد قيادة الجيش - أركان الجيش للعديد، بتاريخ 14/10/2011، تحت الرقم 27448/ع د/إ/ق.ع "أنّ فايز كرم عندما أُحيل على التقاعد لبلوغه السن القانونية كان برتبة "رائد" في الجيش".
وقد أصدرت محكمة التمييز العسكرية حكمها بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير 2012، في جلسة استمرّت 4 ساعات، ثبت فيها تعامل كرم، وقضى "بحبس الرائد المُتقاعد فايز كرم بعد التخفيف والإدغام مُدّة سنتين سنداً لنص المادة 278 عقوبات، وإعفائه من تجريده من حقوقه المدنية، وبمُصادرة الأسلحة والذخائر الحربية غير المُرخّصة وبتضمينه الرسوم والمصاريف".
6- لم تتوقّف مُحاولات "التيار البرتقالي" للإفراج عن المحكوم كرم، فجرى التقدّم من مجلس النوّاب، بقانون لخفض السنة السجنية من 12 شهراً إلى 9 أشهر، فأقر المجلس القانون 216، بتاريخ 23 آذار/مارس 2012، وصدر في ملحق الجريدة الرسمية بتاريخ 2 نيسان/إبريل 2012، حيث سارعت عائلة كرم ومحاموه وعدد من قياديي "الوطني الحر" إلى سجن الشرطة العسكرية في الريحانية، وأبرزوا صورة عن الحكم الصادر بحقه عن محكمة التمييز، وبعد التثبّت من استفادته من مُقتضيات هذا القانون، أُفرِجَ عنه عند الساعة الواحدة والربع من ظهر يوم الجمعة 6 نيسان/إبريل 2012، وانتقل بموكب العائلة والمُناصرين إلى الرابية، حيث كان بانتظاره النائب العماد ميشال عون، وعُقِدَتْ خلوة بينهما دامت قرابة الساعة، قبل انتقاله إلى منزله في زغرتا.
لم يخرج فايز كرم من السجن بريئاً، بل مُداناً بالتعامل مع "المُوساد" الإسرائيلي، وبعدما أمضى عقوبته السجنيّة المُخَفّضة.
في هذا الزمن الذي لا تتوقّف فيه الأمور على أنّ التعامل مع العدو وجهة نظر، نجد مَنْ يُدافع عن العملاء ويسعى لتكريمهم، والخشية من أنْ يطل المُدان بالتعامل فايز كرم، كما غيره، ليدّعي بأنّه مُنذ تعامله مع العدو الإسرائيلي في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان في حزيران/يونيو 1982 وحتى توقيفه في 3 آب/أغسطس 2010، كان مُكلّفاً باختراق جبهات العدو، وأنّه عميل مزدوج؟!
هذا علماً بأنّ جريمته أفدح، لأنّه خلال تعامله مع العدو كان في الخدمة الفعلية في المُؤسّسة العسكرية، بل يتولّى مهام رئيس "فرع مُكافحة الإرهاب والتجسّس"، المُولج بمُلاحقة الجواسيس والعملاء، فكم من معلومات زوّد بها "المُشغِّل" الإسرائيلي؟!
في الدول التي تحترم القوانين، تُنفّذ بمثل مَنْ خانوا قسم الشرف والولاء، حكم الإعدام!

 

 

المصدر : اللواء