لبنانيات >صيداويات
صيدا: الهم المعيشي يفقد المشهد الانتخابي حماسته.. بهية الحريري خارج السباق الانتخابي لاول مرة منذ العام 1992
الأربعاء 16 03 2022 11:20جنوبيات
لا توحي الاجواء في مدينة صيدا أنها على أبواب استحقاق انتخابي حددته السلطات اللبنانية في الخامس عشر من شهر ايار المقبل، اي على مسافة نحو شهرين، فالازمة المعيشية والاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد أرخت بظلالها على جوانب الحياة كافة وأثقلت المواطن الذي بات آخر اهتماماته اجراء الانتخابات من عدمها بعدما فقد الامل بحصول تغيير يشكل فجوة أمل في جدار الازمة الحالية.
ومقارنة مع انتخابات العام 2018 وصولا الى يومنا هذا، فإن أمورا كثيرة تبدلت في عاصمة الجنوب صيدا أفرزت واقعا مغايرا لما كان عليه آنذاك هو نتاج عوامل واحداث عدة من شأنها ايضا التحكم بمزاج الناخب الصيداوي لعل، ابرزها:
- ثورة 17 تشرين في العام 2019 والتي كانت "ايليا" احدى ساحاتها مع ما افرزته من مجموعات جديدة نادت بالتغيير وإسقاط الطبقة الحاكمة. هذه المجموعات التي خرج جزء كبير منها من رحم الاحزاب التقليدية في المدينة ولا سيما التنظيم الشعبي الناصري والاحزاب الشيوعية اليسارية، بالاضافة الى مستقلين حملوا شعارات الثورة بالتغيير وقادوا التحركات الاحتجاجية على مدى السنوات الثلاث الماضية ضد السياسات المالية والمصرفية.
- ازمة كورونا في العام 2020، حيث عاشت المدينة حال طوارىء صحية استنفرت فيها كل مؤسساتها الطبية والاستشفائية ونشطت خلايا الازمة بالتنسيق ما بين النائبة بهية الحريري وبلدية صيدا والمجتمع الاهلي والقطاع الصحي في المدينة لمواجهة تداعيات الفيروس الذي قيد كل التحركات الاحتجاجية والانشطة السياسية، وتقدم الهم الصحي للمواطن على ما عداه.
- اشتداد الازمة الاقتصادية والمالية في العام 2021، ككرة الثلج كبرت الازمة واستفحلت، ودخلت البلاد في مرحلة رفع الدعم عن المواد الاساسية ولا سيما المحروقات وعاشت المدينة كغيرها مثل باقي المناطق أزمة طوابير على مداخل محطات الوقود، واصبح المواطن يستجدي البنزين، وعادت التحركات الاحتجاجية الى ساحات وشوارع المدينة وسط تأزم سياسي غير مسبوق مع فراغ حكومي وتفلت في سعر صرف الدولار انعكس ارتفاعا في اسعار السلع كافة ليتقدم الهم المعيشي للمواطن على ما عداه بعدما تآكلت الرواتب، وفقدت القدرة الشرائية للمواطن اكثر من خمسين بالمئة من قيمتها.
- في العام 2022، الرئيس سعد الحريري والنائبة بهية الحريري ومن خلفهما تيار المستقبل خارج السباق الانتخابي: ولعل الحدث الابرز الذي من شأنه ان يجعل هذه الانتخابات مختلفة تماما عن سابقاتها هو تعليق الرئيس الحريري للعمل السياسي وعدم مشاركته وافراد العائلة، ولا سيما النائبة بهية الحريري ومن خلفهم تيار المستقبل في الانتخابات النيابية وهو حدث تاريخي ومفصلي في الحياة السياسية اللبنانية، مع اعلان اكبر مكون وممثل للطائفة السنية انكفائه عن المشهد الانتخابي والذي بلا شك ستتأثر به المناطق التي لطالما شكلت ثقلا وخزانا لاصوات الناخبين ولا سيما في بيروت وطرابلس وصيدا وعكار والبقاعين الغربي والاوسط.
لا شك ان مدينة صيدا والتي تعد مسقط رأس الحريرية السياسية وانطلاقتها والتي شكلت في كل الاستحقاقات الانتخابية الماضية كتلة وازنة من الاصوات أوصلت بهية الحريري ممثلة للمدينة في الندوة البرلمانية على مدى الثلاثين سنة الماضية، فان هناك علامات استفهام حول مصير هذه الاصوات في هذا الاستحقاق، لا سيما في ظل عدم وجود قرار واضح حتى الان صادر عن تيار المستقبل بالمقاطعة او المشاركة بورقة بيضاء او تجيير الاصوات لصالح احد المرشحين بعدما غاب اسم النائبة الحريري عن الاستحقاق للمرة الاولى منذ العام 1992.
هذه العوامل أعادت خلط الاوراق على الساحة الصيداوية في تجربة انتخابية هي الثانية على اساس القانون النسبي الذي جمع منطقتي صيدا وجزين في دائرة واحدة، وسط تساؤلات عن مدى نجاح التحالفات في تشكيل لوائح مشتركة بين المنطقتين الذي يجمعهما الامتداد الجغرافي وتفرقهما الكثير من التباينات في الرؤى السياسية.
أبرز الاسماء المرشحة
اما على صعيد الاسماء المرشحة في صيدا، فالابرز بينها لم يخرج عن لائحة الاسماء التقليدية في الاستحقاقات الماضية (النائب اسامة سعد، الدكتور عبد الرحمن البزري، الدكتور بسام حمود، الدكتور علي الشيخ عمار .. ). وللمرة الثانية (المحامي حسن شمس الدين) كان قد ترشح في الانتخابات الماضية على لائحة النائبة الحريري، وللمرة الاولى (المهندس يوسف النقيب) رئيس الماكينة الانتخابية سابقا للنائبة الحريري و(المهندس نبيل الزعتري ) رجل اعمال، (عبد الله بعاصيري ) منسق التيار الوطني الحر في صيدا. اما المرشحون من مجموعات الحراك في المدينة فهم (اسماعيل حفوضة، هانية الزعتري، محي الدين عنتر ومحمد الظريف )، بالاضافة الى عدد من الاسماء الجديدة غير المعروفة في نطاق العمل السياسي او الاجتماعي او الانمائي والخدماتي على صعيد المدينة والتي لا تشكل اي حيثية سنية.
نبض الشارع
وفي جولة ميدانية لاستطلاع بعض الاراء، لم يبد المواطن الصيداوي حماسة للمشاركة في الانتخابات النيابية، وان كانت بالعقل والمنطق تمثل محطة مفصلية من اجل التغيير، إلا ان القاسم المشترك بين جميع من استطلعت آراؤهم هو الاحباط وفقدان الامل بأي تغيير في ظل المتغيرات الحالية وحالة الاهتراء التي اصابت المشهد السياسي اللبناني، مع استحالة إصلاح احواله الا بحصول معجزة بحسب تعبير احدهم. فيما بدا الهم المعيشي اولى الاولويات خصوصا على ابواب حلول شهر رمضان المبارك، ولسان حال الجميع "مين بباله انتخابات".