عام >عام
أسامة سعد أبلغ الحزب: "لا أريد التحالف مع الفاسدين"
الخميس 17 03 2022 09:58مغرّداً خارج سرب الثنائيّ الشيعي ينطلق الأمين العامّ للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد في معركته الانتخابية منهياً زمناً من التحالف سبقه إليه شقيقه النائب السابق مصطفى سعد.
يؤكّد الطرفان أنّ الطلاق السياسي وقع، وقالها سعد صراحةً لحزب الله: "ما فيي اتحالف مع الفاسدين".
أمّا الدكتور عبد الرحمن البزري فحساباته مختلفة. له في رئاسة الحكومة مقصد، ولذا لم يقطع مع الثنائي قولاً، لكنّه بالفعل قطع شوطاً في التحالف مع سعد. وبالنتيجة صار أسامة سعد خارج صفوف الممانعة متّكلاً على حيثيّته الشعبية والسياسية، منصتاً لنصائح مَن حوله بالابتعاد عن حزب الله.
في تحليل الأوساط المحيطة بحزب الله أنّ أسامة سعد تأثّر بأجواء 17 تشرين، وفي معلومات الحزب أنّ وفداً من الحراك زاره عارضاً عليه الترشّح لإمكانية فوزه من خارج التحالف مع الحزب
انطلق التحالف مع الثنائي عقب اتفاق الطائف عام 1992 مع النائب السابق مصطفى سعد الذي حظي بتأييد الأحزاب والقوى اليسارية حاصداً أعلى نسبة أصوات في الجنوب. وبعد وفاته جيّرت قوى الثامن من آذار المقعد إلى شقيقه أسامة سعد الذي فاز في دورتين نيابيّتين. شكّل تاريخ 17 تشرين محطة مفصليّة في مسيرة أسامة سعد السياسية ابتعد خلالها تدريجياً عن الثنائي إلى أن تمايز عنه نهائياً وافترق. أزعج خطابه الثنائي بعدما اعتبر أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري "رمز من رموز السلطة التي تجب محاربتها".
بدا أسامة سعد محرجاً. كيف لمن يؤيّد دولة مدنية ويطالب بمكافحة الفساد والمفسدين في السلطة أن يتحالف مع أحد رموزها. على امتداد الفترة الماضية وحتى بعد 17 تشرين كان حزب الله متفهّماً لمواقف سعد وتقلّباته السياسية. لم يسمِّ حسان دياب وصوّت في مجلس النواب خارج توافق فريق الممانعة، وحرص على التمايز عن حزب الله على أساس أنّه مناضل ومن بيت مناضل، ثمّ صار ابتعاده واضحاً ومقصوداً، فترك حزب الله له الخيار.
"تدعمون الفاسدين"
خلال لقاء جمعهما سأله وفد حزب الله عن تموضعه في الانتخابات النيابية، فكان جوابه صريحاً: "لا أريد الترشّح مع الفاسدين". سألوه: "ومن تقصد بالفاسدين؟"، أجاب: "أنتم لستم فاسدين، لكنّكم تدعمون الفاسدين". استغرب حزب الله كلامه وهو الذي خاض الانتخابات لدورتين على لوائح جمعته مع حركة أمل، وخاض معركته ضدّ الحريريّة السياسية في صيدا مدعوماً من حزب الله.
استنفد حزب الله كلّ الوسائل، ولم يقفل الباب بالكامل، لكنّه وقع في مشكلة التوفيق بين حليفيْه، فهل ينجح مثلما نجح في التوفيق بين حركة أمل والتيار الوطني الحر في جزّين؟
الأرجح لا.
لأنّ سعد ابتعد في خياراته بعدما جاء مَن يقنعه بأنّه لم يعد يحتاج إلى دعم الثنائي وبإمكانه أن يحلّق بمفرده. تواصل معه الدكتور عبد الرحمن البزري، تكتم البزري فضحه سعد بالقول للمحيطين إنّهما اتّفقا على خوض المعركة معاً من دون الإعلان عن ذلك حتّى الآن. وذلك بعد محاولتين فاشلتين من أحمد الحريري وأحمد هاشمية باقناع البزري بعدم التحالف مع سعد. بعد هاتين المحاولتين أعلن عن ترشيح يوسف النقيب وحسن شمس الدين المحسوبين على النائب بهية الحريري.
خرج البزري أيضاً على حسابات الثنائي. وتفيد المعلومات عن اتصال تلقّاه من الرئيس نبيه برّي عبر النائب علي حسن خليل يستفسر منه موقفه من الانتخابات، فكان ردّه الصاعق أنّ الموضوع قيد الدرس من قبله. وحين قصده حزب الله مستفسراً إمكانية رئاسته لائحة أو تحالفه مع سعد، فضّل التريّث في الإجابة إلى ما بعد ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط. مرّت الذكرى ولم يبلغ البزري جوابه بعد، واكتفى بالقول: "لا أترشّح مع التيار لأنّهم مكروهون في صيدا، ولا مع أسامة كي لا يستفيد من أصواتي".
خيارات سعد الحالية محدودة: لا يمكنه التحالف مع القوات التي لا تحظى بتأييد أبناء المنطقة، وأحداث شرق صيدا والمخطوفون لا يزالون حاضرين في أذهانهم
في تحليل الأوساط المحيطة بحزب الله أنّ أسامة سعد تأثّر بأجواء 17 تشرين، وفي معلومات الحزب أنّ وفداً من الحراك زاره عارضاً عليه الترشّح لإمكانية فوزه من خارج التحالف مع حزب الله، فضلاً عن نصائح أقرب المقرّبين منه بالابتعاد عن حزب الله والتماهي مع الجوّ العربي. وإذا كانت مشكلة التمويل تقف عائقاً فقد جاء مَن يلبّي احتياجات التنظيم الذي بات يتلقّى دعماً كافياً.
خيارات سعد الحالية محدودة: لا يمكنه التحالف مع القوات التي لا تحظى بتأييد أبناء المنطقة، وأحداث شرق صيدا والمخطوفون لا يزالون حاضرين في أذهانهم، والدليل أنّ مرشّحة القوات اكتفت بزيارة مطرانية صيدا تماشياً مع التقليد المتّبع ولم تقُم بجولة انتخابية أو زيارات لأبناء المنطقة. وليس الاختلاف كبيراً عن التحالف مع الكتائب الذي يعدّه التنظيم الناصري جزءاً من المنظومة. لذا لم يبقَ أمامه إلا التحالف مع المجتمع المدني، أي حراك 17 تشرين، مع إمكانية التحالف مع البزري. وهذا الأمر هو المرجّح ويصبّ في مصلحة سعد انتخابياً. لكن يبقى أنّ المزاج الشعبي لم يتمّ اختباره انتخابياً بعد 17 تشرين وانكفاء سعد الحريري وتيار المستقبل على الرغم من ترشّح رموز مقرّبة منه مثل يوسف النقيب وحسن شمس الدين ممّن عقدوا سلسلة لقاءات مع النائبة بهيّة الحريري وخرجوا بنتيجة سلبية. إذ لا تجد الحريري مصلحة في دعم أيّ جهة أو إعادة فتح بيوتات سياسية ساهمت الحريرية السياسية في إقفالها، وهي تسعى بكلّ جهدها إلى عدم مشاركة المستقبل وجمهوره في الانتخابات لجعلها هزيلة وخفض نسبة الاقتراع، خصوصاً أنّ سعد والبزري يراهنان على تسرّب أصوات المستقبل لاعتبارات عائلية أو اجتماعية أو لأيّ سبب آخر.
خلافاً للرأي الذي يعزّز حظوظ سعد بالفوز من دون الثنائي الشيعي، ثمّة وجهة نظر أخرى تقول إنّ مقاربة الموضوع بواقعية تبيّن أنّه في حاجة إلى تحالفات مع أحزاب قوى الأمر الواقع، ولا سيّما في منطقة مختلطة مثل صيدا-جزّين حيث يحتاج المرشّح إلى أصوات الشيعة والمسيحيين لأنّ أصوات السُنّة وحدها لا توفّر الحاصل ولا تضمن الصوت التفضيلي.
يفرض قانون الانتخاب على الكلّ إعادة النظر في تحالفاتهم، والدليل هو تحالف أمل والتيار الوطني الحر في الجنوب، فهل يحذو سعد والبزري حذوهما ويعودان إلى قواعدهما السابقة سالمين أم يخوضان المغامرة معاً؟ الأرجح أنّ هذا هو خيارهما النهائي.