مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
اللواء "أبو أحمد" زيداني .. مسيرة نضالية مُفعمة بالتضحيات
جنوبيات
يُشكل رحيل القائد الوطني الفلسطيني اللواء محمد زيداني "أبو أحمد" (72 عاماً)، خسارة كبيرة، بعد مسيرة اتسمت بالنضال الوطني الفلسطيني، على مدى عقودٍ من الزمن، شملت مُختلف مناحي الحياة.
ابن بلدة الدامون - شرق مدينة عكا في فلسطين المُحتلة، التي نزح أهلها عنها إثر نكبة فلسطين في العام 1948، وعى باكراُ أن الرد على الاحتلال الإسرائيلي لأرض المُرسلين، يكون بالنضال بشتى السُبل والوسائل، وهو ما أمن به.
مع تفتح وعيه، شاباُ يافعاً، التحق باكراً بصفوف الثورة الفلسطينية، واختار مُطلقة الرصاصة الأولى، حركة "فتح"، التي سلك في أطرها التنظيمية المراحل كافة، فدائياً في القواعد العسكرية، وتنظيمياً بمراكز قيادية تولاها، فلم يُغيره ذلك، بل زاده قناعة على الاستمرار بالثوابت والقيم التي انطلقت من أجلها رائدة حركات التحرر الوطني.
عرفت اللواء "أبو أحمد" زيداني، مُنذ عقود عدة، وأثبتت الأيام أن الظروف: احتلالاً إسرائيلياً، وهو الذي اعتقل في أنصار.. أو أمراً واقعاً، لم تُغير الفتحاوي الأصيل عن التمسك بالدفاع عن القرار الوطني الفلسطيني المُستقل.
أمن بالوفاء للأوفياء، الذين احتضنوا الثورة الفلسطينية، فنسج أفضل العلاقات مع الجوار اللبناني بمُختلف قواه السياسية والحزبية، ورجال الدين، المُسلمين والمسيحيين، والفاعليات والشخصيات الثقافية والفكرية والأدبية والرياضية.
صاحب واجب وتواصل، مُطمئناً عن مريض، ومُشاركاً في أفراح وأتراح، أينما تكون مُناسبة تجده في طليعة المُشاركين، وفي مُقدمة المُتظاهرين ومُتصدراً منابر المُتحدثين.
صاحب موقف جرئ، يُدافع عنه مهما كلف الأمر، لكن هذه الصلابة يُقابلها طيب قلب، عطوف على تقديم العون والمُساعدة إلى من يعلم أنه بحاجة إليها، من دون أن يُحرجه أو يخدش شعوره.
تشهد له الرياضة الفلسطينية تفانيه لأجل جميع الرياضيين في لبنان، خاصة في ظل ظروف صعبة ومُعقدة مرت بها، فعمل على النهوض والارتقاء بها.
تولى مهام أمين سر المكتب الرياضي لحركة "فتح"، وترأس اتحاد الـ"مواي تاي"، وأيضاً منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني، وعضو إقليم لبنان لحركة "فتح" وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني.
"أبو أحمد" الذي أقام في مُخيم البص، وهو يتنشق يومياً هواء فلسطين العليل، يُوارى الثرى في مقبرة المعشوق، وكله عشقٌ للعودة إلى فلسطين.
يرحل عشية الذكرى الـ54 لمعركة الكرامة البطولية، ومع الاحتفال بعيدي الأم والطفل، ويوم الأرض، وبداية فصل الربيع، الذي يشهد على غزارة عطاءاته، حباً وفداءً من أجل فلسطين، وكله أمل بأن تُواصل الأجيال الطريق النضالي الذي سار عليه واستشهد وجرح وأسر وأبعد من أجل تحقيقه مئات الآلاف.
رحم الله اللواء "أبو أحمد" زيداني، وأسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله ومُحبيه وحركة "فتح" و"مُنطمة التحرير الفلسطينية" وأبناء الشعبين الفلسطيني واللبناني الصبر والسلوان.