مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
الشيخ د. عبدالله حلاق .. نموذج بنهل العلم والعمل الجهادي
جنوبيات
فارقنا الشيخ الدكتور عبدالله رشيد حلاق (عن 69 عاماً)، صاحب شخصية مُميزة، كان في طليعة الشبان الفلسطينيين، الذين اختاروا في ستينات القرن الماضي سلوك الخط الإسلامي في ظل وجود حركات قومية وعروبية ووطنية ويسارية.
توجه بالتركيز على هذا المجال، ووجد ما يُحقق أفكاره وأماله بتأسيس حركة إسلامية تعمل من أجل تحرير فلسطين، وهو ما كان تحت إشراف فضيلة الشيخ المُجاهد إبراهيم غنيم (الذي رحل يوم الثلاثاء في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2020 عن 90 عاماً).
وركز الشيخ عبدالله على النهل من العلم لتحصيل العلوم الإسلامية، فنال الشهادات وصولاً إلى الدكتوراه من "كلية الإمام الأوزاعي" - بيروت.
وازن الشيخ عبدالله بين تحصيله العلمي والتدريس والتدريب العسكري للشبان الذين برز دورهم في مُواجهة الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته واجتياحاته للبنان، والتي كان أبرزها الغزو في حزيران/يونيو 1982.
يُسجل للشبان المُجاهدين، ومن بينهم الشيخ عبدالله حلاق والفصائل والقوى وأبناء مُخيم عين الحلوة، ما سطروه من ملاحم بطولية وتدمير العديد من دبابات وآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي وقتل جنوده داخل المُخيم.
يذكر كثر أن الشيخ عبدالله حلاق كان في طليعة الذين نظموا صفوف المُقاومين للاحتلال لتنفيذ عمليات ضد دورياته وجنوده في مدينة صيدا، كما سمعنا من الشيخ يوسف خليل مسلماني، الذي أسس حركة إسلامية في صيدا لمُواجهة الاحتلال وعملائه (ورحل يوم الأحد في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2021 في العقد السادس من عمره).
أمام ضربات المُقاومين واعتقال أحدهم، اعتقل الاحتلال الإسرائيلي الشيخ مسلماني، الذي نقل إلى "أنصار" ثم إلى "عتليت"، فيما تمكن الشيخ حلاق النفاذ من الطوق الأمني الذي ضربه الاحتلال على منزله، والوصول إلى بيروت.
لكن ذلك لم يحل من دون استمراره بالعمل الجهادي لتنظيم صفوف المُقاومين ومُواصلة عملياتهم ضد الاحتلال.
بعد تحرير صيدا من الاحتلال الإسرائيلي في 16 شباط/فبراير 1985، عاد الشيخ حلاق إلى صيدا وتصدى مع المُقاومين بعد فترة لميليشيات "القوات اللبنانية"، التي كان يتزعمها في منطقة شرق صيدا سمير جعجع.
يُسجل للشيخ حلاق وإخوانه إنشاء أول معهد شرعي وروضة للأطفال (مرشد) في مُخيم عين الحلوة، فضلاً عن مُشاركته في إنشاء وتأسيس جمعيات إسلامية عدة.
كان مُثابراً على تحصيل العلمي وتزويد رواد المساجد والطلاب والمُشاركين في المُحاضرات، بما حصله من علم قدمه بأسلوبٍ سلسٍ مقروناً بالروايات والأحاديث والتجارب.
كان همه فلسطين التي ناضل لأجلها، ويُمني النفس بالصلاة في المسجد الأقصى مُحرراً.
رحم الله الشيخ عبدالله حلاق وأسكنه فسيح جنانه، والعزاء لعائلته وأسرته وكل من عرفه.