عام >عام
من حبة هلوسة الى ترويج المخدرات... رحلة سناء السوداء مستمِرة بعد خروجِها من السجن
الثلاثاء 4 10 2016 09:49من المخدرات إلى السجن إلى النفق المظلم، رحلة فتاة تخطت القضبان فاصطدمت بقيود المجتمع. فقر وحرمان، رفض من المحيط و"فيتو" على التوظيف، فاتورة باهظة تدفعها سناء نتيجة تعاطي الممنوعات في الصغر، وها هي تصارع القدر علّها تصل إلى برّ الأمان، وتحقق طموحها بالحصول على وظيفة وإكمال تعليمها.
رحلة الى المجهول
في سن الثالثة عشرة خطت سناء خطوتها الأولى نحو المجهول، غُرّر بها في المدرسة لتناول حبّة تنسيها الهموم. من حبّة هلوسة الى رحلة في عالم السموم، جرّبت خلالها كل الأنواع، حتى وصل بها الحال الى ترويج المخدرات، كي تتمكن من الحصول على حاجتها اليومية منها، الى أن أوقفت على أحد حواجز الجيش اللبناني وفي حوزتها كمية من المخدّر، وتلفت الى ان "الفقر كان السبب في إدماني، أردتُ ان أنسى وضعنا المزري، فغرقت في وحول المخدرات".
سنة وسبعة أشهر سجن حكم على سناء (26 عاماً)، لكن في الحقيقة كما قالت لـ"النهار":"انتهت المدة التي قضيتها في السجن منذ عام لكن سجن المجتمع لم ينتهِ بعد، ورغم متابعتي تحصيلي العلمي خلف القضبان والحصول على شهادة البكالوريا في قسم العلوم في أصعب مرحلة من حياتي حيث كنت اتعالج من الادمان، الا ان ذلك لم يشفع لي بعد الخروج الى الحرية، اذ لم أجد من يقبل منحي فرصة العمل كي أجني المال وأتابع الجامعة التي ساهمت جمعية "دار الامل" بتسجيلي فيها، فحتى ثمن قلم لا املك".
أمل رغم الألم
في عائلة فقيرة تسكن الضاحية الجنوبية ترعرعت سناء مع شقيقتها الصغرى، والدها عاطل عن العمل بعكس والدتها التي اضطرت الى ذلك كي تؤمن قوت أسرتها، وشرحت "خرجت بتخلية سبيل، بعدما تكفلت جمعية "دار الأمل" بدفع مبلغ ثلاثمئة الف ليرة. لكن، لا أزال احتاج لدفع مليوني ليرة، اليوم انا شفيت نهائياً من المخدرات، لكن فرحتي الكبرى حين أكمل تعليمي وأحصل على وظيفة، والتي يحول بيني وبينها سجل عدلي أسود. سأحاول البحث عنها بعيداً من محيطي، لكون الجميع يعلم تاريخي، ومع ذلك لا تعنيني نظرة المجتمع. أما أهلي، ورغم ما عانوه من تجربتي ومحاولتهم علاجي الذي رفضته مراراً وتكراراً حتى دخلت السجن وأخذت القرار بإرادتي، الا انهم لا يستطيعون ان يتبروا من ابنتهم".
لا تخشى سناء من الغرق مجدداً في وحول المخدرات، وقالت: "من لديه الإرادة للحصول على شهادة داخل السجن لا يخشى شيئاً". ولا يزال لديها أمل في مستقبل أفضل، اذ "موت الأمل في عيني يعني موتي، وأنا أريد متابعة فصول عمري، لن أغلق كتاب حياتي من أجل فصل أسود فيه، ففي كل رواية مرحلة سوادء، وسأخط النهاية كما حلمت بها لا كما يحاول ان يفرضها المجتمع عليّ".
"وصمة عار"!
جمعية "دار الأمل" تقوم بدورات مهنية للسجينات، لا سيما في الصناعات اليدوية، في الخياطة والمكياج وتصفيف الشعر والتصوير، فضلاً عن دورات محو أميّة. المسؤولة الاعلامية في الجمعية تيريز رومية شرحت لـ"النهار" قائلةً: " نحاول معرفة متطلبات السوق اللبناني، وعلى أساسها نقوم بالدورات التي في نهايتها نمنح السجينات شهادة من دون ذكر أنها اعطيت لهن في السجن. ومع ذلك يواجهن صعوبة في التوظيف بعد خروجهن الى الحرية، اذ اغلب أصحاب المصالح يرفضون توظيفهن لكون سجلهن العدلي "ممهوراً" بوصمة عار كما يعتبرون".
محاولات رغم الصعوبات
تحاول الجمعية التواصل مع أصحاب الشركات لتأمين وظائف للسجينات بعد خروجهن، لكن "نواجه صعوبة في ذلك، وفوق ذلك تعاني معظم السجينات من أوضاع اجتماعية صعبة، ومن نبذ من بعض الأهل لهن، كما ان منهن من لا يجدن منزلاً للسكن فيه بعد الخروج وفي احيان معينة يكون الوضع كارثياً، ما يدفعهن الى تكرار الأمر الذي أدى إلى دخولهن السجن".
هذه مشكلة اجتماعية على كافة الأصعدة "تطال الدولة وأمن المجتمع، ويفترض التعاون من الجميع لحلها. صحيح ان القانون اللبناني لا يراعي وضع السجينات، اذ لا يمكن ان نغيّر شيئاً في ما يتعلق بالسجل العدلي الآن، لكن يمكن أن تبدأ شركة او اثنتين بتبني السجينات السابقات، لذلك دعينا اقتصاديين الى ندوة لشرح هذه الاشكالية لنتعاون معاً في سبيل الوصول الى مخرج".