أمن وقضائيات >أمن وقضائيات
موقوف سابق عن «قضاة رومية»: إنّه الذلّ والرعب
الاستجواب في قضيّة قندقلي مستمرّ
الخميس 6 10 2016 10:52
في كلّ مرّة تعقد فيها الجلسات المتعلّقة بسجن رومية داخل المحكمة العسكريّة، يتكشّف المزيد ممّا كان يحصل داخله. ما كان يتناهى إلى مسامع الرأي العام بوجود «إمارة إسلاميّة» داخل سجن رومية يثبت بإفادات «الأمراء» الحقيقيين والشهود الموقوفين في رومية.
واحدة من هذه الحوادث: موت السجين غسّان قندقلي. الكثير من الروايات عما إذا كان الشابّ الفلسطينيّ قد انتحر عندما لفّ عنقه بشال على «قسطل» حمّام النظارة أم أنّ ما كانت تُعرف بـ»الهيئة الشرعيّة» أو «اللجنة الإداريّة» داخل السّجن نفّذت به حكم الإعدام بعد ضربه داخل غرفة كانت مخصّصة للتحقيق والضرب.
الثابت الوحيد في إفادات الموقوفين والشهود معاً، هو أنّ بعض مسؤولي هذه «الهيئة» قد أبرحوا قندقلي ضرباً بعد تلقّيهم شكوى من خارج السّجن تفيد بأن السجين أرسل إلى إحدى النّساء صورة شائنة عبر هاتفه الخليوي.
هكذا يتجلّى كيف أنّ «هيئة قضائيّة» بأكملها كانت فعلاً تدير أمور السّجن وتنزل العقاب بالمسؤولين. بالأمس، مثلت هذه «الهيئة» أمام هيئة المحكمة العسكريّة، لتبدوان متشابهتين بأعضائهما! الأولى مؤلّفة من رئيسٍ هو المخلى سبيله خالد يوسف الملقّب بـ»أبو الوليد» و»المستشارين» اليمني سليم صالح الملقّب بـ»أبو تراب» واللبنانيّ بلال إبراهيم الملقّب بـ»أبو عبيدة».
هؤلاء الذين أدخلوا إلى سجن رومية سابقاً مادّة الكاربير التي يقال إنّها كانت مخصصة لتصنيع المتفجّرات، بالإضافة إلى «كومبريسير» لحفر جدران السجن بقصد الهرب والعديد من المخالفات الفاضحة، لا ينكرون أنّهم نصّبوا أنفسهم «قضاةً» خلف القضبان لإنزال العقوبات بالمخالفين وتأديبهم!
وروى الثلاثة أنّهم لم يتهاونوا في ضرب الموقوفين عندما كانوا يمارسون «الجرائم» وهي ثلاثة أنواع قد يتفرّع منها أخرى (كما في حالة قندقلي): اللواط والكفر والمخدّرات.
أمّا «الفضيحة» الكبرى فجاءت على لسان شاهد يبدو أنّه ذاق الأمرّين من وجوده في ما كان معروفاً سابقاً بـ»طابق الإسلاميين». هي المرّة الأولى التي يضع فيها علي ص. عينيه في عيون «جلّاديه» بعد خروجه من السّجن، ليتجرّأ على الالتفات إليهم واحداً واحداً بالقول: «أنتم زرعتم الرعب في نفوسنا. اللي بعلّي راسه أو بيفتح تمّه كنتو تدعسوا على رقبتو وبتذلّوه، أنا الوحيد اللي حكيت وحميت الشباب».
اختصر الشاهد الحديث الموجّه لرئيس «العسكريّة» العميد الرّكن الطيّار خليل إبراهيم ما كان يحصل داخل السّجن، بجملة واحدة: «الحكي مش متل الشوف»!
روى علي كيف أنّ بعض من كانوا في «الهيئة الإداريّة» يتّهمون موقوفين بالكفر كي يسحبوا أموالهم. هذا ما حصل معه حينما اضطر إلى إرسال 1800 دولار أميركي إلى «أبو تراب» عبر أحد الأشخاص في الخارج، وذلك بعد أن ضربه «أبو عبيدة». لا يريد الموقوف السّابق أن يكبّر الموضوع، بل يكتفي بالقول: «كانوا كفّين، نربيشين على الماشي، مش قتلة»!
ولذلك، لم يكن مستهجناً أن يعيد الرجل الخمسيني إفادته التي تتّهم ما يسمّى «الهيئة الشرعيّة» بتنفيذ حكم الإعدام على قندقلي من خلال ضربه وخنقه بشال ثمّ تعليقه على «قسطل» الحمّام.
يروي الموقوف السّابق أنّهم «أبرحوا قندقلي ضرباً قبل أن يعيدوه إلى الغرفة التي كان ينام فيها إلى جانبي، ومنعونا من إعطائه هاتفاً خليوياً أو الحديث معه تماماً كما يحصل عندما يعيدون أحد المساجين إلى الغرفة بعد ضربه».
ولكنّ علي لم يلتزم بـ»الأوامر»، فسأل قندقلي عن السبب وأعطاه هاتفاً خليوياً أرسل عبره رسالة إلى والده، قبل أن يعود إبراهيم بيضون و»أبو عبيدة» ومعهما رجل ثالث إلى داخل الغرفة وسحبوا قندقلي، ثمّ أخذوا شالاً يعود إلى أحد الموقوفين لجرّه به. وعندما راح قندقلي يصرخ مستغيثاً، جلس عليه أحدهم وداس على رقبته، وصرنا نسمع صوته في أرجاء السّجن قبل أن نعلم صباح اليوم التالي أنّه توفي».
ويقول علي إنّه «حينما سرى الحديث عن وجود جثّة قندقلي داخل الحمام، قيل إنّه لم يمت بعد ولكنّ بعض المتهمين بقتله صاروا يضربونه بأرجلهم حتّى مات».
الأهم من كلّ ذلك، كما يروي الموقوف السّابق، أنّه بعدما مات قندقلي، أرسل «أبو الوليد» بطلبه وبطلب موقوف آخر ليقول لهما: «أوعا تفتحوا تمّكن. قولوا انتحر». وقبل أن يخرجا قال لهما: «حفظتوا شو بدّكن تقولوا؟».
في المقابل، أصرّ المتهمون بقتل قندقلي على أنّهم لم يقتلوه بل هو الذي انتحر وأنّهم اكتفوا بضربه قبل 6 ساعات من حصول عمليّة انتحاره. ويضيف «أبو الوليد» أنّه من المستحيل قتله داخل حمّام النظارة بسبب وجود أكثر من 50 موقوفاً رؤوا ما حصل، مشيراً إلى وجود خلاف بين الشاهد علي و»أبو عبيدة» الذي «عوقب» في حينه!
وبعد انتهاء الاستجواب، أرجأ العميد إبراهيم الجلسة إلى 7 تشرين الثاني للاستماع إلى المزيد من الشهود، خصوصاً أن إفادة الشاهد علي أتت متضاربة حينما أشار إلى استحالة إمكانيّة الانتحار على «القسطل» لأنّه ليس عالياً، فيما أثبتت الصور المرفقة بالملفّ التي أبرزها إبراهيم، عكس ذلك.