بأقلامهم >بأقلامهم
في مديح وطني لبنان والدعوة لحمايته وحفظه
في مديح وطني لبنان والدعوة لحمايته وحفظه ‎الاثنين 23 05 2022 20:20 قاسم قصير
في مديح وطني لبنان والدعوة لحمايته وحفظه

جنوبيات

يعاني لبنان منذ نشوئه الحديث عام 1920 من أزمات سياسيّة وإنقسامات طائفية ومذهبية تحوّلت أحيانًا الى حروب أهلية، وتعرّض لبنان لضغوط خارجية ولا سيما بعد نشوء الكيان الصهيوني مما أدى به الى أن يدفع أثمانًا غالية بسبب أطماع هذا الكيان الذي يشكّل خطرًا على وجوده وتجربته في التنوع والتعددية والحرية .
 
وطيلة المائة عام الماضية واجه لبنان أزمات متعددة وحروبًا كبيرة وصولا الى الأزمة التي يواجهها اليوم معيشيا واقتصاديا وسياسيا وأمنيا .
 
ولكن رغم كل هذه الأزمات الخطيرة فقد نجح لبنان في الأيام القليلة الماضية أن يقدم لنا نموذجًا مهما على صعيد الديمقراطية وإمكانية التغيير السياسي عبر الانتخابات وإعطاء الناس حقها في التعبيرعن مواقفها .
 
ورغم كل الملاحظات على النظام الطائفي والمذهبي في لبنان وعلى قانون الانتخابات الحالي ورغم وجود مخالفات كثيرة في العملية الانتخابية، فإن إجراء هذه الانتخابات في لبنان وبلاد الاغتراب والنتائج التي أسفرت عنها يؤكد لنا أهمية هذه التجربة الديمقراطية وضرورة الحفاظ عليها وتطويرها كي تصبح أفضل في السنوات المقبلة.
 
وفي ظل حالة اليأس والاحباط التي نواجهها اليوم بين اللبنانيين، والخوف الكبير من أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى حالة شلل في الواقع السياسي وانعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي والمعيشي، فإنه لا بد من تظهير النقاط الإيجابية في المشهد السياسي والدعوة للاستفادة مما حصل من أجل مستقبل أفضل للبنان واللبنانيين.
 
ومن أهم نتائج الانتخابات النيابية ما يلي:
أولاً: قدرة اللبنانيين على التعبير عن مواقفهم بعيدًا من الخوف والضغوط وذلك عبر التصويت في صناديق الاقتراع.
 
ثانيًا: تحويل حالة الاعتراض الشعبية إلى قوة سياسية تغييرية في البرلمان وهذا يحمّلها مسؤولية كبيرة في المرحلة المقبلة.
 
ثالثًا: نجاح شخصيات شابة وجديدة في مواجهة شخصيات تقليدية وسياسية كان لها دور كبير طيلة العقود الماضية.
 
رابعًا: عدم تحكم قوى سياسية وحزبية معينة في إدارة البلاد وهذا يدفع الجميع للبحث عن تسويات جديدة وتغيير في المواقف ومراجعة المرحلة الماضية والبحث عن رؤية جديدة لمستقبل لبنان.
 
خامسًا: النسبة العالية من الحرية في إبداء المواقف وعدم وجود فريق يفرض رؤيته على الاخرين، وان كانت هذه الحرية تتحول احيانا إلى الفوضى وسجالات طائفية ومذهبية .
 
سادسًا: أهمية الانتخابات كمحطة للمحاسبة والمراقبة رغم كل الشوائب في نظامنا الديمقراطي.
 
على ضوء هذه الملاحظات من حقّنا كلبنانيين أن نمدح وطننا لبنان رغم كل المشكلات التي نعاني منها والتدخلات الخارجية في شؤوننا والخوف من تحول السجالات والخلافات إلى صراعات جديدة في المرحلة المقبلة.
 
والنظر بإيجابية الى ما جرى لا يعني أبدًا عدم الأخذ بالاعتبار الجوانب السلبية في المشهد السياسي والواقع الاقتصادي والمعيشي، ولكنّه بالمقابل يفرض على الجميع التعاطي بواقعية مع التطورات والاحداث، فالتغيير لا يمكن أن يتم دفعة واحدة، والانقلاب على الواقع الطائفي والمذهبي في هذه اللحظة سيكون له تداعيات خطيرة وردود فعل سلبية، ولذا المطلوب وضع خطة عمل ممنهجة من أجل استكمال تطبيق اتفاق الطائف والدستور الحالي وتطويره من داخل النظام، وبشرط أن تكون الأولوية اليوم لمعالجة الازمات المعيشية والاقتصادية والمالية والاجتماعية وليس طرح القضايا الكبرى التي تحتاج لحوار هادىء وصريح.
 
وطننا لبنان يستحق منّا التضحية والدعم والتواضع وعلينا الاستفادة من فرصة التغيير المقبلة وعدم إضاعتها وعدم تحويلها إلى حرب اهلية جديدة لا سمح الله، وهذه رسالة للتغييريين ولكل من يعلن أنه يعمل من أجل هذا الوطن الحبيب والذي يستحق المديح والدعم والتضحية.

المصدر : جنوبيات