بأقلامهم >بأقلامهم
الحمار والقيد الوهميّ!
الحمار والقيد الوهميّ! ‎الأحد 29 05 2022 09:19 القاضي م جمال الحلو
الحمار والقيد الوهميّ!

جنوبيات

يُروى في الزمن المعاصر، وفي غرائب الخواطر أنّ فلّاحًا قصد جاره طالبًا منه حبلاً لكي يربط به حماره أمام البيت. فأجابه الجار بأنّه لا يملك حبلًا ولكن قدّم له نصيحة وقال : "يمكنك أن تقوم بالحركات نفسها حول عنق الحمار وتظاهر بأنّك تربطه ولن يبرح مكانه". ومن دون مناقشة حول جدوى المحاولة، أخذ الفلّاح بنصيحة جاره وقام "عبر الإيهام" بحركة الربط من خلال التظاهر بلفّ الحبل.

وفي صباح الغد وجد الفلّاح أنّ الحمار   على حاله "تمامًا" ولم يغادر مكانه. ربَّت الفلاح على حماره (والبسمة على وجهه)، وأراد الذهاب به إلى الحقل. لكنّ الحمار أبى ورفض التزحزح من مكانه. حاول الرجل بكلّ قوّته أن يحرّك الحمار لكنّ محاولته باءت بالفشل. فتملّك الفلّاح اليأس من عدم تحرّك الحمار. عندها عاد أدراجه وذهب إلى منزل جاره يطلب منه المساعدة والنصيحة. فسأله الجار: "هل تظاهرت للحمار بأنّك تحلّ رباطه"؟ فردّ عليه الفلاح باستغراب : "ليس هناك رباط"! أجابه جاره : "هذا بالنسبة إليك، أمّا بالنسبة إلى الحمار فالحبل موجود". عاد الرجل وتظاهر بأنّه يفكّ الحبل. عندها تحرّك الحمار مع الفلّاح بدون أدنى مقاومة.

قد يبدو لك الأمر مستغربًا وبعيدًا عن المنطق. لكن لا تسخر من هذا الحمار، فبعض الناس أيضًا قد يكونون أسرى لعادات أو لقناعات وهميّة تقيّدهم. وما عليهم إلّا أن يكتشفوا أنّ الحبل الخفيّ الذي يلتفّ حول (عقولهم) ويمنعهم من التقدّم للأمام ما هو إلّا وهم زرعه دهاة السياسة في ذهنم "بكلام معسول صادر عن مسؤول بخبرة عالية في عالم الفساد والاستبداد".

وعليه، ولكي تستقيم الأمور نحو تحقيق الأهداف المرجوّة لقيام دولة القانون والعدل، على الشعب أن يتحرّر من التبعيّة، ومن وهم المسير تحت تأثير الكحول السياسيّة (وعود زائفة) والمخدّرات العاطفيّة (انقياد أعمى) والهلوسات الطائفيّة (التحريض على الفتنة) "والدين منها براء". عندئذ يتحرّر المواطن من قيد الجهل المطبق. 
نرجو الله، وهو الفعّال لما يريد، وفي آياته أسرار العطاء، أن يرفع الغمّة، وينجي لبنان ممّا فيه، كي لا نقع أسرى قوله عزّ من قائل: "كمثل الحمار يحمل أسفارًا".
فهل من يعتبر؟ 

المصدر : جنوبيات