القضاءُ هو ميزانُ العدالةِ، واستقلالُه ضمانٌ لتحقيقِها في المجتمعِ، ومبدأُ استقلالِ القضاءِ يؤمّنُ للمواطنين ممارسةَ حقوقِهم وواجباتِهم على قدمِ المساواةِ حرصًا على الحقوقِ والحرّيّاتِ.
ومن خلال هذا التعريف المقتضب لمفهوم العدالة والقضاء، نقول:

إنّ استقلالَ القضاءِ ضرورةٌ لتحقيقِ العدالةِ، واستقلالَ القاضي وعدمَ خضوعِهِ لأيِّ تأثيرٍ خارجيٍّ شرطٌ أساسيٌّ لإحقاق الحقّ، وتحكيمِه العقل والضمير بتطبيقِ أحكامِ القانونِ وفقَ قواعد العدلِ والإنصافِ. 

فبالقانون تُحدَّد الحقوقُ والواجباتُ والعلاقاتُ بشكلٍ منظّمٍ ويخضعُ له الحكّامُ والمحكومون. لذلك ربطَ علماءُ القانونِ والسّياسةِ مفهومَ سيادةِ القانونِ بالديموقراطيّةِ. 

وعليه، أدعو السادة الزّملاء القضاة والمحامين إلى التكاتفِ والتعاونِ في سبيل إنهاض استقلاليّة القضاء، كما أدعوهم إلى التمسّكِ أكثر بهذا المبدأ المقدّس. فهيّا كلٌّ منّا إلى العطاءِ المتبادل والتكاتفِ والمساندة.

كما أدعوهم إلى أن يبتعدوا عن الكيديّة في تعاطيهم مع الملفّات المطروحة عليهم، وأن يكون الضمير هو الفاروق الذي يفرّق الحقّ من الباطل في سبيل حسن تطبيق القانون بالشكل الذي يؤمّن العدالة للجميع من دون افتئات. 

فالعدل أساس الملك، والقضاء العادل هو الفيصل والحكم لحلّ جميع النزاعات بما يؤمّن كفالة سيادة المجتمع في أمنه واستقراره، وضمان حقوق الشعب بالقسطاس وبدون أن نُخسر الميزان. 
وصدق المولى عزّ وجلّ حين قال في محكم تنزيله: 
"ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى".