بأقلامهم >بأقلامهم
"حوار بين الزيت والماء"
جنوبيات
هي قصّة، رغم قصرها، بالغة الروعة في التصوير، فيشرح فيها صاحبها حقيقة ثابتة في "حوار طريف" جرى تخيّله بين الماء والزيت، ذلك أنّهما كلّما اختلطا في إناء ارتفع الزيت على سطح الماء. فقال الماء للزيت في ردّة فعل مستنكرة:
لمَ ترتفع عليّ وقد أنبتّ شجرتك؟
أين الأدب في المعاملة؟
أجاب الزيت:
لأنّي صبرت على ألم العصر والطحن، بينما أنت تجري في رضراض الأنهار على طلب السلامة، ومن المعروف أنّه بالصبر يرتفع القدر.
فقال الماء:
لا يهمّ؛ فإنّني أنا الأصل.
فردّ الزيت:
استر عيبك، إنّك إذا قاربت المصباح انطفأ، بخلافي أنا.
ومن هذا المنطلق الحواريّ، فليس هناك نجاح يرتفع به الإنسان في الدنيا والآخرة إلّا إذا سبقه صبر على ألم عصر المحن وطحن الشدائد والإخفاقات.
وأمّا من يريدون السلامة بدون ألم ومواجهة فإنّهم يعيشون أبدًا في الأسفل مع ذلك الماء.
ونختم بقول الشاعر:
"لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله..
لن تبلغ المجد حتّى تلعق الصبر".