لبنانيات >أخبار لبنانية
من يتلاعب بصحة المحامين؟؟ مافيا التأمين تتحرك..
الأربعاء 12 10 2016 19:28لم يبق لنا في هذا البلد المتآكل، المهترىء والغارق في مشاكله والفساد، سوى القضاء ورجال القانون الذين ما زلنا نرى في أغلبهم خشبة الخلاص، الا ان البعض يصّر على كسر تلك الخشبة عبر فتح ملفات، جُلّ ما تفعله، وضع " العصي في الدواليب"، لأغراض غير معروفة، ربما سياسية، أو انتخابية على سبيل المثال لا الحصر.
فقد راودنا في الآونة الأخيرة، ملف الصندوق التعاوني للخدمات الطبية والاستشفائية التابع لنقابة المحامين في بيروت، والذي صُوّر على أنه فضيحة كبرى تضج في أروقة النقابة، وما استتبعه من كلام عن عجز وهدر في أموال النقابة والصندوق وامتعاض من المحامين لناحية الملف الصحي المتعلق بهم.
كل هذه الاسباب استدعت تحقيقا موسعا وشاملا، للوقوف على حقيقة ما جرى والبحث في التفاصيل بالاسماء والارقام، ذلك لأن نقابة المحامين بأعضائها ومنتسبيها يجب أن تبقى منزهة عن التجاذبات السياسية والمهاترات الاعلامية البالية التي لا تهدف سوى الى تشويه سمعة هذه المهنة، وكون المحامون يشكلون صوت القانون الناطق بالحق، ووسيلتنا الى تنفيذ العدالة.
وبعد الاطلاع على كامل الملفات والوثائق المتعلقة بالشق الاستشفائي لنقابة المحامين وشركات التأمين المشغلة وبعدها صندوق التعاضد، والعودة بالسنين الى الوراء عبر دراسة الارقام من ايرادات ووفر وعجز، يمكن القول بأنه من المجحف ان تصدر الأحكام كالسيف المسلط على مشروع صندوق التعاضد الذي أقره مجلس النقابة بالاجماع في عهد النقيب السابق الاستاذ جورج جريج على ضوء دراسة مقدمة من لجنة أنشئت لهذا الغرض تضم النقيب الحالي ونقيبين سابقين وأمين السر وأميني الصندوق السابقين، وهو لم يكمل عامه الثاني بعد.
وكما باقي النقابات، أرادت نقابة المحامين أن يكون لها صندوقها التعاضدي الخاص تحت اشرافها، بدل الاستمرار في امضاء العقود مع شركات التأمين الخاصة التي تستجدي الربح وتضع شروطها على الزبائن بكلفة عالية، والانتقال الى مرحلة الصندوق التعاوني الذي يعامَل المحامي من خلاله على أنه منتسب، لا شروط عليه، ويتمتع بكامل التغطية الصحية في كل المجالات، وليس أحد الزبائن المقيّد بأحكام قد تجعله لا يستفيد في كثير من الاحيان من التأمين.
من هذا المنطلق، اتخذ مجلس النقابة هذا القرار، لا سيما بعد امتعاض الكثير من المحامين من احساسهم بالذل في الخدمة الصحية التي كانت تقدمها شركة التأمين " ميدغولف"، وامتناع الاخيرة عن تسديد بعض فواتير استشفائهم حتى الآن والتي بلغت قيمتها 500 ألف دولار، حسبما ورد في البيان الصادر عن عضو مجلس النقابة جاك أبو عبدالله.
ولكن يبدو أن بعض الجهات لم يعجبها وضع النقابة يدها بصورة مباشرة على الملف الصحي للمحامين لتأمين خدمة أكبر بكلفة أقل من تلك التي تقدمها شركة التأمين، فحاولوا الذهاب الى أبعد من التحريض، واستخدام شتى الوسائل لضرب فعالية الصندوق التعاضدي، وتصوير قرار النقابة آنذاك بأنه خطأ يجب تصحيحه، وبالتالي العودة الى التعاقد مع شركات التأمين التي وضعت يدها أكثر من 19 سنة على الملف الصحي للمحامين، معتمدين على تقديرات النتيجة الاولية للعام التأميني الأول للصندوق والتي قدمتها شركة " غلوب ميد"، التي تدير الصندوق التعاضدي للنقابة ، بعد أن تبين وجود عجز فيه تكفّلت الشركة بتغطيته.
فهل يمكن الحكم على هكذا مشروع من السنة المالية الأولى؟، بالطبع لا، ذلك لأن "غلوب ميد"، قدمت مقترحات مالية من ايرادات ومطالبات لمدة سنة اضافية أو أكثر، بيّنت من خلالها انعدام أي عجز لتحصل النقابة في نهاية التعاقد مع الشركة على وفر ملحوظ في صندوقها التعاضدي. وهذا يعني أن عمل الصندوق التعاضدي كان مبنيا على دراسة واضحة وصريحة بالارقام والتفاصيل لطيلة مدة العقد الموقع مع الشركة المشغلة، بعكس شركة التأمين التي لم تقدم كشفا عن الوفر الذي كان من المفترض تحقيقه والذي تستفيد منه النقابة بنسبة 60% ، ولكن المحامون لم يرو شيئاً من هذا القبيل.
وما يثير الاستغراب أكثر من ذلك، هو محاربة هذا الصندوق من الداخل سيما من قبل بعض النقباء السابقين ووكيل شركة التأمين القانوني.. ومن دون الدخول في النوايا يبقى السؤال، لماذا امتنع أكثر من 1800 محام من الانتساب الى هذا الصندوق والبقاء على اشتراكات التأمين، بدل الاستفادة من كلفة الصندوق الأدنى والتغطية الاشمل؟، وهل يحق لهم الولوج الى تلك الشركات الخاصة بوجود صندوق رسمي باشراف النقابة؟
وأيضا، ولمزيد من البحث عن الحقيقة، من المستفيد من هدم هذا المشروع النقابي الذي أثبت جديته ونجاحه في كل النقابات التي اعتمدته، ومن المتضرر من كفّ يد شركة التأمين عن ملف المحامين الصحي؟، لاسيما أن التجارب في العديد من النقابات أمثال نقابة المهندسين والاطباء والصيادلة والمعليمن الخاص ، وغيرها ، والتي أكدت لموقع "ليبانون ديبايت" عبر مختصين فيها، نجاح هذه الصناديق بدليل استمراريتها منذ أعوام، تماما كما أكد لنا عدد من "الاكتواريين" الذين راجعنا آرائهم في هذا الخصوص، أن صناديق التعاضد هي الانسب والاسلم للنقابات.
كل هذه التساؤلات وهذه المعطيات، والتي نعرف أن مجلس النقابة الموقر يمتلكها ويعرفها، نضعها أمام الرأي العام، وأمام المحامين، وبيد نقيب المحامين الحالي الاستاذ أنطونيو الهاشم، لوضع حد لكل تلك التجاذبات التي تضر بالنقابة وبالمهنة وسير عمل المحامين الذين من المفترض أن يكونوا مرتاحو البال من كل تلك البلبلة ومطمئنون على حياتهم الصحية، حتى ينكبّوا الى عملهم السامي في نصرة المظلوم وإحقاق الحق.