بأقلامهم >بأقلامهم
ماذا يريد بايدن من السعودية؟
ماذا يريد بايدن من السعودية؟ ‎الأحد 26 06 2022 12:42 زينة منصور
ماذا يريد بايدن من السعودية؟

جنوبيات

قبل ان تنعقد القمة العربية الأميركية التركية مع عين مراقبة إسرائيلية وقبل دراسة نتائجها، ترتسم ملامح مرحلة قادمة في الشرق الأوسط على وقع الحرب الروسية الأوكرانية وما يدور في العالم والحديث عن تحالف دفاعي عسكري أمني او الناتو العربي. وتتصدر هذه القمة الواجهة في التوقيت والمكان باجتماع قادة الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، قطر، البحرين، الكويت، سلطنة عمان، مصر، الأردن، العراق وتركيا. ولا شك أن المؤتمر الدولي هو أكبر وأبعد من قمة إذ سيبحث ملفات عدة متصلة بالسلام، هندسة مسارات جديدة للطاقة، التطبيع، الأمن والدفاع. وسيتم إعادة بناء بعض الملفات من الصفر وترتيب اولويات الشرق الأوسط اقتصادياً أمنيا وعسكرياُ.

سعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى عقد مؤتمر موسع خليجياً وعربباً وشرق اوسطياً بكل ما أوتي من قوة دبلوماسية لعدة أهداف:
أولا : إيجاد بديل عن النفط الروسي وحث العرب على زيادة الإنتاج لوضع الاقتصاد الروسي بين فكي كماشة العقوبات الأوروبية الأميركية.
ثانيا : الدفع نحو استكمال عملية السلام بين العرب وإسرائيل وإعادة تشغيل محركات التطبيع ومعاهدات السلام.
ثالثا : إعادة انتظام علاقة أميركا بايدن والحزبين الديموقراطي والجمهوري مع السعودية محمد بن سلمان. وهو ما حضر له البيت الأبيض عبر زيارة وفد من الكونغرس للقاء ولي العهد السعودي في 24 آيار/مايو الفائت. هذه الاندفاعة الأميركية لترتيب الأولويات تمت مناقشتها مسبقا اثناء زيارة الأمير خالد بن سلمان الى واشنطن في 17 آيار/مايو، موفدا من قبل شقيقه، وهو المرشح لخلافته لحظة تتويجه خلفا لوالده الملك سلمان بن عبدالعزيز.

تدفع الحرب الروسية الأوكرانية بايدن نحو السعودية بهدف  إيجاد بديل لأوروبا عن النفط الروسي. وتسعى واشنطن لتأمين دول منتجة للنفط تصخ زيادة عن إنتاجها الاعتيادية  3 مليون برميل نفط يوميا في من أجل بيعها لأوروبا. هذا الإجراء يشجع كافة دول الإتحاد الأوروبي على إعلان موقفاً بعدم الشراء والبيع مع روسيا كجزء من العقوبات الإقتصادية المفروضة من بروكسل وواشنطن. تأتي في سلم أولويات القمة قضية تأمين البديل للنفط الروسي وانتقال الجزيرتين تيران وصنافير من السيادة المصرية للسعودية، وطرح التطبيع استكمالا لقاطرة السلام بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل، وإنشاء جسر الملك سلمان الذي يريط قارة آسيا بأفريقيا ومصر بالسعودية وطرح حلف دفاعي أمني عسكري عربي.

تراهن واشنطن انه فور تأمين البديل عن النفط الروسي من دول الخليج وشرق حوض المتوسط، سيختلف موقف الإتحاد الأوروبي المنقسم على نفسه تجاه ارتدادات اضرار العقوبات على الأوروبيين، علما أن الكلفة اللوجستية للأنابيب الممتدة من روسيا إلى أوروبا واوفر واقصر. وكان الإتحاد الأوروبي قد فشل منذ 24 شباط/فبراير الماضي، تاريخ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، في اتخاذ قرار التوقف عن شراء الغاز والنفط الروسي لعدم توفر البديل. لذلك انطلقت المساعي الأميركية مع دول نغطية عدة لزيادة الإنتاج وهندسة إمداد خطوط جديدة من الشرق الأوسط إلى أوروبا والاتفاق مع موردين جدد منها السعودية ودول حوض شرق المتوسط كقبرص وإسرائيل واليونان ومصر.

تهدف جهود واشنطن من وراء هذه القمة إلى تجفيف موارد الخزبنة الروسية  من بيع الطاقة وإنجاح العقوبات الغربية وإنهاء عقود بيع وشراء النفط والغاز بين روسيا وجارتها الأوروبية والسير بعقود نفطية مع موردين جدد. وعليه، تستدير موسكو إلى جيرانها الاسيويين كالصين والهند وتركيا وغيرهم لإيجاد مشتر جديد لما يقارب 3.5 مليون برميل نفط يوميا. مع الإشارة أن هذه الإتفاقات مع الصين والهند ما زالت ضعيفة وبكميات محدودة مقارنة مع الإتفافات الكبرى المعقودة مع أوروبا. وسينتج عن تشديد العقوبات الاقتصادية، مقاطعة دول الاتحاد الأوروبي استيراد النفط والغاز الروسي ما يعني وقف تدفق ما قيمته 1 مليار دولار يوميا للخزينة الروسية.

يبدو الموقف السعودي وسطيا محايدا بحسب ما تنقل صحف اميركية فيما يتعلق بجس نبض الرياض لناحية استعدادها لزيادة الإنتاج تعويضا لانخفاض تدفق النفط الروسي إلى أوروبا. في اول ردة فعل لموسكو، اعتبرت هذه الخطوة تدميراً ذاتياً وانتحاراُ للإتحاد الأوروبي وليس انتصاراُ. والمنطق الاقتصادي يقضي بأن تتصدى روسيا بحثاً عن مشترٍ بديل وأسواق جديدة لمنتوجاتها النفطية. وستتطرق القمة إلى تحديات ال +OPEC والجهود الأميركية للضعط على السعودية لاستبعاد الاوبك بلس روسيا من المنظمة الدولية للدول المنتجة للنفط كجزء من العقوبات الإقتصادية. علما أن ال +OPEQ يرأس دورتها الحالية كل من روسيا والسعودية وينتهي اتفاق الانتاج أواخر أيلول/سبتمبر القادم لمرحلة تعافي اسواق النفط والغاز ما بعد جائحة كوفيد بين اعضائها ال23 (13 منهم أعضاء في الأوبك)، وسيكون مصيره التمديد والتجديد او الإنهاء.

وعلى أثر هذه المعلومات التي لم تعجب الروس، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وزير الطاقة السعودية الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز في الرياض بهدف دحض التقارير المتناقلة عبر صحف أميركية حول عزل روسيا عن ال +OPEQ. والتأكيد على تجديد الاتفاق ووسطية السعودية في موقفها من الصراع بين القطبين. تحاول واشنطن تنفيذ ما عجز عنه الإتحاد الأوروبي. وتعتبر انخفاض صادرات الطاقة بنسبة 90% سيجبر موسكو على إيقاف الحرب في أوكرانيا خلال ثلاثة أشهر. وتؤمن أن استخدام سلاح العقوبات وايقاف استيراد الغاز والنفط الروسي وتجفيف  عائداته على الخزينة الروسية هو إجراء حاسم للحرب ومانع من إطالة أمدها. إلا أن هذه العقوبات دونها عقبات منها اعتراض دول عدة كاليونان التي تربطها علاقات اقتصادية بروسيا وكل من سلوفاكيا والمجر التي تستورد كل منهما 70% و56% من احتياجاتهما النفطية من روسيا.

يبقى السؤال ماذا يريد جو بايدن غير السلام والنفط وحصار روسيا وإيقاف اعتماد أوروبا على النفط الروسي؟. ماذا يريد من عقد قمة عربية اميركية بحضور تركيا وربطها بزيارة له إلى إسرائيل؟. مع الإشارة إلى أنه يصطحب معه للقمة وفداً عسكرياً وامنياُ واقتصادياً عالي المستوى ومقرب من إسرائيل لبحث قضية التطبيع السياسي والاقتصادي والأمني والسلام بين الخليج العربي وإسرائيل.

تعتبر الزيارة في الشكل تراجعا عن الخطاب الهجومي الذي رفعه بايدن خلال حملته الإنتخابية تجاه السعودية إذ وصفها بالدولة المنبوذة التي تخالف شرعة حقوق الإنسان. ولا شك أن مشهد المصافحة بين بايدن وولي العهد السعودي يحمل ابعاداً وسيخفف من وقع العلاقة المضطربة بين الرياض وواشنطن وحتى بين اارياض والحزبين الديموقراطي والجمهوري. وتبقى الأنظار مشدودة تترقب نتائج هذه القمة على مستوى كل من روسيا، أوروبا، الخليج العربي والشرق الأوسط. أما مكاسب الدول المشاركة منها فهي برسم الأشهر القادمة.

المصدر : القرطاس نيوز