بأقلامهم >بأقلامهم
رزقك مقسوم.. وقدرك محسوم
جنوبيات
يُحكى في الزمن الحديث أنّ أحد الرجال اليابانيّين أراد تجديد بنيان منزله في محاولةٍ لتحديثه على الطراز الأمثل. ولهذه الغاية قام بنزع بعض جدران البيت لإحداث التغيير المطلوب.
هذا ومن المعروف أنّ البيت اليابانيّ التقليديّ مبنيّ من الخشب، فيكون بين جدران المنزل بعض الفراغات، فعندما نزع الرجل أحد الجدران وجد أنّ هناك "سحليّة" عالقة بداخل الخشب، فانتابته رعشة الشفقة عليها. لكنّ الفضول أخذ طريق التساؤل عندما رأى المسمار المغروز في رجلها يعود إلى عشر سنوات خلت عندما أنشأ بيته أوّل مرّة.
عندها دار في ذهنه سؤال محيّر: ما الذي حدث؟ كيف تعيش السحليّة مدّة عشر سنوات في فجوة ما بين الجدران يلفّها الظلام والرطوبة ودونما حراك؟
توقّف عن العمل وأخذ يراقب السحليّة كيف تأكل، وفجأة ظهرت سحليّة أخرى حاملة الطعام في فمها، واقتربت من السحليّة العالقة وأطعمتها.
دُهش الرجل وعمّت في نفسه مشاعر الرقّة والحنان التي أثارها هذا المشهد: "سحليّة رجلها مسمّرة بالجدار وسحليّة أخرى تطعمها"، وهي صابرة مدّة عشر سنوات. فما كان منه إلا أن استدعى احد الخبراء الذي نزع المسمار من رجل السحليّة وأخرجها إلى الطبيعة.
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
ولابن آدم الحيران والتعِب الذي يعتريه اليأس القاتل نقول:
ابتسم، فرزقك مقسوم، وقدرك محسوم، وأحوال الدنيا لا تستحقّ الهموم لأنّها بين يدي الحيّ القيّوم.
ونختم بقول الشاعر:
لا تسألنّ بني آدم حاجة/
وسل الذي أبوابه لا تُحجبُ/
الله يغضب إن تركت سؤاله/
وبنيّ آدم حين يُسأل يغضبُ.