ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
وحدة صغيرة من الشرطيين تسهر على استتباب الأمن في أقصى شمال العالم
وحدة صغيرة من الشرطيين تسهر على استتباب الأمن في أقصى شمال العالم ‎الخميس 30 06 2022 21:21
وحدة صغيرة من الشرطيين تسهر على استتباب الأمن في أقصى شمال العالم

جنوبيات

يسود في أرخبيل سفالبارد مشهد مماثل لما كان يحصل في الغرب الأميركي قديما، إذ تجوب قوة صغيرة من الشرطة هذه الجزر الواقعة على مسافة واحدة من النروج والقطب الشمالي لملاحقة مخالفي القانون والمعتدين على الدببة القطبية، بحسب تحقيق لـ"وكالة الصحافة الفرنسية".
 
ويتنقل الشرطيون البالغ عددهم 12 في المنطقة عبر عربات الثلوج أو مروحيات أو قوارب للمحافظة على الأمن بين السكان الثلاثة آلاف القادرين على تحمل ليالي الشتاء الطويلة في المنطقة.
 
ويقول قائد الشرطة ستين أولاف بريدلي أثناء وجوده في مكتبه  في منطقة لونغييربين الإدارية المركزية والمطل على أحد الوديان لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" "إن معظم المخالفات بسيطة، وهذا أمر بديهي".
 
لكن قانون العقوبات في سفالبارد يتمتع بخصوصية محلية، إذ يفرض عقوبات مثلا على إزعاج دب قطبي او استخدام قوارب من شأنها أن تحطم الجليد. ويتعامل القانون بجدية مع هاتين المخالفتين إذ يفرض مثلا 1500 يورو (1587 دولارا) غرامة على من يزعج  دبا قطبيا.
 
ويتولى بريدلي في عمله ملاحقة السرقات البسيطة أو متابعة حوادث تتعرض لها عربات الثلوج، أو القبض على السكان المحليين الذين يتعاطون المخدرات، بالإضافة إلى إطلاق حملات توعوية في شأن عدم تناول الكحول قبل القيادة.
 
وقيل في إحدى المرات إن الجريمة الأكثر شيوعا في المنطقة تتمثل في سرقة الأحذية إما عن قصد أو بالصدفة بعد شرب الشخص المعني بها كمية كبيرة من الكحول، فالسكان جميعهم في المنطقة يخلعون أحذيتهم قبل الدخول إلى المنازل أو المباني الرسمية.
 
ويعتبر القسم الخاص بالجرائم في صحيفة "سفالباردبوستن" المحلية محدودا، على غرار الأمور كلها تقريبا في أقصى شمال العالم.
 
وأبرز ما يمكن المحرر بوريه هوغلي أن يكتبه في هذا القسم خبر يتمحور على "تسجيل بعض المشاجرات بعد إغلاق الحانات".
 
ومع ذلك، فإن سكان سفالبارد مدججون بالسلاح، إذ يُعتبر حمل بندقية عند مغادرة المناطق المدنية خطوة ضرورية لمواجهة أي هجوم محتمل من دب قطبي.
 
- هروب سريع -
ولا يستطيع هوغلي أن يتذكر سوى حادثة سرقة واحدة حصلت خلال السنتين اللتين تولى فيهما رئاسة تحرير الصحيفة. ويقول إن تلك السرقة "ربما كان مسؤولا عنها شخصان كانا مخمورين بعد مشاركتها في إحدى الحفلات ثم رصدا السيارة وفي داخلها المفاتيح".
 
وعادة ما يترك سكان المنطقة بيوتهم وسياراتهم غير مقفلة، فهذه الخطوة من أانها أن تسهل هرب الأشخاص إن تعرضوا لهجوم من دب قطبي، بالإضافة إلى انها تشكل علامة على الثقة الضرورية للبقاء على قيد الحياة في بيئة عدائية كهذه.
  
إلى ذلك، لا يستطيع أي لصّ الفرار في ظل شبكة طرقات تبلغ فقط 40 كيلومتراً واتصال خارجي يقتصر على مطار صغير يقع في ضواحي لونغييربين، هذا إن قرر عدم استقالة أحد القوارب في رحلة تستغرق وقتاً كثيراً.
 
ولم تمنع هذه الظروف مواطنا روسيا من ارتكاب أكبر عملية سطو على مصرف يقع في المنطقة.
 
وسرق مكسيم بوبوف 70 ألف كرونة دانماركية (7125 دولارا) عام 2018 بعد سطوه بالسلاح على المصرف الوحيد الموجود في الجزيرة قبل أن يفبض عليه سريعا.
 
وحكم عليه بالسجن لأكثر من عام في البر الرئيسي، فيما أغلق المصرف أبوابه بعد تلك الحادثة.
 
زنزانة فارغة
 ويؤكد قائد الشرطة بريدلي انه يقفل باب منزله دائما، عازيا ذلك إلى "الأخطار المهنية" الخاصة بعمله.
 
ولم يزر بريدلي الزنزانة الوحيدة الموجودة في ثكنته قبل أن يقوم بهذه الخطوة إلى جانب فريق "وكالة الصحافة".
 
ويتضح من معاينة الزنزانة أنها نادرا ما تستخدم.
 
ويقول بريدلي إن "حراستها دائما تتطلب ضابط شرطة"، وهذه مهمة بسيطة لا يستطيع فريقه الصغير تحملها.
 
ويقضي الشرطيون التابعون لبريدلي معظم اوقاتهم في استعداد على مدار الساعة لإجراء عمليات بحث وإنقاذ، فضلاعن تحقيقات يجرونها في الشكاوى الـ130التي تقدم سنويا.
 
ويؤدي الشرطيون مهماتهم كلها باستخدام مروحيتين متاحتين لهم، بدءا من مساعدة قوارب تتعثر في المياه وصولا إلى إنقاذ سياح يفقدون في الجبال.
 
ويقول بريدلي "إن إجلاء ألف راكب من سفينة سياحية بعد تعرضها للغرق لا يتسم بالسهولة"، مضيفا أن المهمة في هذه الحالة "تتمثل في إحضار الركاب إلى الشاطئ في ظل ظروف مناخية صعبة". لكن على الشرطيين كذلك "التأكد من أن السياح في مأمن من أي هجوم محتمل من دببة قطبية".

المصدر : الوكالة الوطنية للاعلام