بأقلامهم >بأقلامهم
الأضحى والوطن المفقود
جنوبيات
في اليوم المشهود الذي يتكرر كل عام، يقف على أعتاب رب البيت العتيق زائرون برداء أبيضٍ يعكس نقاوة المشهد وأصوات تصدح بلحن المغفرة تُرفَع تلبيةً لطلبِ الرحمة والخلاص من آثامٍ ارتكبت في لحظاتٍ طغت عليها الدوافع الدنيويةٍ، فاكتسبت عن جدارة صفة "غائية المكاسب" بأثمانٍ مؤجلة الدفع.
والشاهد الأكبر على صفاء النوايا وعدم تكرار الخطيئة أضحية بوجهة سماوية تيمناً بالمسار الإبراهيمي رجمة شيطان تأكيداً على تطهير الذات والإستعداد لعودة ميمونة بعد سعي محسوب الأميال وراية منكّسة المطامع.
في المشهد الموازي لموسم الحجيج السامي، يحتل البازار السياسي المحلي الأولوية بضجيج صاخب لوافدين قدامى وجدد يرفعون رايات متنوعة مشحونة بمطاحنات سياسية ومشاكسات دنيوية ظرفية تطغى فيها لغة التكاذب، ما ينزع عنهم صفة الأهلية القانونية لإنقاذ شعب يرزح في قعر أزمة مستفحلة. فما بالكم ببناء وطنٍ يحتضن جميع أبنائه؟!
وفِعل الرجم الذي مارسه حجاج بيت الله الحرام، استُعيض عنه بحفلة اتهامات ترمى جزافاً ويغلب عليها طابع التخوين والتخوين المضاد. حفلة تُنتفى فيها المسؤولية والوطنية، وتُركن ملفاتهم التخوينية في أدراج قضاء غُيّب قسراً بفاعلٍ _ ربما_ مجهول الهوية.
اما المطالبون بحلول إنقاذية عبر تشكيل حكومة من التجانس الوطني ولغة المواطنة الحقيقية، ممن شرعوا بمحاسبة المسؤولين_ قبل دخول البيت الكبير_ عن هذا الإنهيار المرتكب بفعلٍ مقصودٍ، جُلّ ما برعوا فيه صليّة من التراشق الكلامي والتسابق الإعلامي، لن تعيد حوض كاريش وقانا ولن تخرج الثروة المتنازع عليها من آتون القضم القادم بدعم أممي وحتما لن تعيد الحقوق الى أصحابها.
وحده الوطن المفقود بات الكبش المضحّى به في موسم الحج فتحول الى ساحة لتصفية الحسابات وتناتش الصفقات على حساب مواطنين يئنون من تخمة الوجع وتردّي الأوضاع المعيشية وغياب الحلول الناجعة