مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
عميد «اللـواء» عبد الغني سلام .. توأم قضية فلسطين
جنوبيات
5 سنوات مرّت على رحيلِ عميد "اللواء" الأستاذ عبد الغني سلام، كانت من الأشدِ والأقسى على لبنان وفلسطين والمنطقة، بل العالم.
مُنذ أنْ بدأتُ العمل في "اللواء" في العام 1986، تلقيتُ التشجيع الكبير من عميد "اللواء" الأستاذ عبد الغني سلام ورئيس التحرير الأستاذ صلاح سلام، اللذين فتحا آفاق "اللـواء" كمنبرٍ بالدفاع عن قضايا الجنوب ولبنان وفلسطين، والعمل على الوحدة الإسلامية وتعزيز العيش الوطني.
"يا إبني".. كلمة سمعتُها باستمرار من عميد "اللـواء"، وكان يعني ما يقول، فقد كان أباً لنا جميعاً، نلتجئ إليه في المُلمّات واللحظات الدقيقة والمفصلية، فكنّا نشعر بحنان الأب الحاضن والراعي والحريص على أبنائه.
البيروتي العريق، الذي وُلِدَ قبل نكبة فلسطين، وعى باكراً القضية الفلسطينية، فكان لبناني الهوية، فلسطيني الهوى، عُروبي الانتماء، المُسلم المُعتدل والوطني بامتياز.
كان في طليعة المُناضلين لأجل أقدس القضايا، وشكلّت مكاتب "اللواء" مركزاً رئيسياً لعقد اجتماعات سريّة في البدايات الأولى التي سبقت انطلاقة الثورة الفلسطينية، حيث كان يلتقي ياسر عرفات "أبو عمّار"، خليل الوزير "أبو جهاد" وانتصار الوزير "أم جهاد"، وكُثراً من القادة الذين كانوا يستمعون باهتمامٍ إلى عميد "اللواء"، الذي عمل كثيراً على ردم الهُوّة خلال التبايُنات والاختلافات بين عددٍ من قادة الثورة.
كان يُخاطر بحياته من أجل الحفاظ على الوحدة الداخلية الفلسطينية، كما اللبنانية، بل نقل السلاح بسيارته إلى الفدائيين، ونقل الجرحى من العرقوب إلى بيروت، وتأمين العلاج لهم بعيداً عن أعيُن رجال "الشُعبة الثانية".
كانت بيانات الثورة الفلسطينية تصدُر عبر صفحات "اللواء"، في الوقت الذي كان مُجرّد ذكر اسمها تُهمة، يُلاحق عليها، ويُزج جرّاء ذلك بالسجون.
ونشرت "اللواء" البيان رقم (1)، مُعلنةً انطلاق قوّات "العاصفة" والثورة الفلسطينية في كانون الثاني/يناير 1965.
آمن عميد "اللواء" بأهمية العمل المُؤسّساتي في "مُنظمة التحرير الفلسطينية"، فكان له دور طليعي في إنشاء "الصندوق القومي الفلسطيني" لدعم الثورة وشُهدائها وجرحاها وأسراها والمُناضلين من أجلها، وكذلك إنشاء "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني".
استمر الإلتصاق بقضية فلسطين وتقديم كل ما يُمكن من أجلها ودفاعاً عنها ونُصرةً لأهلها اللاجئين كما الصامدين.
فتح صفحات "اللواء" كمنبرٍ للدفاع عن قضية العرب والمُسلمين المركزية.
بعد انطلاق "الانتفاضة الفلسطينية الثانية" - "انتفاضة الأقصى" في أيلول/سبتمبر 2000، أطلقت "صفحة الانتفاضة" من على صفحات "اللواء"، التي أُوكلت إليّ مُهمة الإشراف عليها، فكان الحرص على مُتابعة كل ما يتعلق بها داخل أرض الوطن، وفي لبنان وعلى المُستويين العربي والدولي.
ارتبط عميد "اللواء" بعلاقة صداقة وثيقة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي حمّلني إلى رفيق نضاله مسبحة من أحجار القدس، وبألوان العلم الفلسطيني، لم تُفارق يدَيْ الأستاذ عبد الغني، وهو يُسبّح ويبتهلُ بها إلى الله سُبحانه وتعالى.
أفرد صفحات "اللواء" أمام الجنوب وأهله، حين كان يرزحُ قسم كبير منه تحت الاحتلال، فكان إصدار "لـواء صيدا والجنوب" منبراً ينقُل كل ما يتعلق بالجنوب، ويكشف عُدوانية المُحتل.
أيضاً، كانت هناك خُصوصية لمدينة صيدا، فكان حريصاً بشكل دائم على زيارة فاعلياتها مع وفد "اللـواء"، والتأكيد على الوحدة وإطلاق المُبادرات للمُصالحات، خاصة بين النائبين بهية الحريري ومصطفى سعد بعد الانتخابات النيابية في العام 1996.
تصدّى للفلتان الأخلاقي من خلال "اللقاء الوطني الشامل للتصدّي للفلتان الأخلاقي"، الذي أعلن عن إطلاقه في تشرين الثاني/نوفمبر 1997، وانبثقت عنه لجنة مُتابعة، ضمّت نُخبة من الفاعليات والقيادات الوزارية والنيابية والسياسية والروحية والنقابية، في مُختلف المناطق والطوائف والقطاعات، وأُوكلت إليّ - وكنتُ أصغر الأعضاء سناً - مُهمة تدوين محاضر اللقاءات والاجتماعات والزيارات للقيادات.
امتاز عميد "اللواء" بتواضُعه، ودماثة خُلقه، وإبداعه الإعلامي، وموقفه الصلب، فهو كخط القطار المُستقيم، وفي الوقت ذاته، طيبٌ، كريمٌ، اجتماعيٌّ، وعاملُ على نُصرة المظلومين والمُستضعفين وعمل الخير، وما "موائد الرحمن" التي أقامها لإفطار الفُقراء من الصائمين مُنذ عقودٍ عدّة، إلا صدقة جارية من أعمال الخير التي شملت المُؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية وكل ما يتصل بحاجاتِ الناس.
لم يسعَ الأُستاذ عبد الغني سلام إلى أي مركزٍ أو منصبٍ، وحتى ما عُرض عليه من مناصب كان يرفُضها، ويُرشح ويُزكي أسماء لتبوأها، لأنه آمن بأن استقلاليته تُمكنّه من العمل على إصلاح ذات البين بين المُتخاصمين، من أجل مصلحة القضايا الإسلامية والوطنية والقومية، فكرّس خط الاعتدال، الذي جسّده فينا.
5 سنوات مرّت على رحيلِ مَنْ هو بمثابة الأب، ومَنْ كان يعتبرنا كأبنائه.
5 سنوات من الغياب القاسي، لكن ما زالت "اللواء" مُستمرّة في مسيرة العطاء بقيادة رفيق الدرب رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير الأستاذ صلاح سلام، الذي دفع الضريبة الغالية دماً وجراحاً دفاعاً عن الثورة الفلسطينية في أغوار الأردن في ستينيات القرن الماضي.
رحم الله عميد "اللواء"، وأسكنَهُ فسيحَ جِنانه وألهَم أهلَهُ ومُحبيه الصبرَ والسِلوان.
أخبار ذات صلة
الجامعة العربية تحتفي باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الأحد المقب...
د. أبو هولي خلال اجتماعات مع ممثلين عن أحزاب "اليسار" الفرنسي يحذر من قرار ...
الرئيس عباس يستقبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق ...
الرئيس عباس يُصدر إعلانًا دستوريًا بتحديد آلية انتقال السلطة في حال شغور من...
3 شهداء بينهم امرأة حامل بقصف الاحتلال على بيت لاهيا وخان يونس