بأقلامهم >بأقلامهم
قربة وجمل”.. قناعة قطعت الشك باليقين
جنوبيات
في عرض نشاط “قربة وجمل” الذي أقامه تجمع شباب عربصاليم التطوعي بمناسبة ذكرى عاشوراء، تركت الحكواتية القديرة سارة قصير أدواتها التقليدية خارج سوار الحديقة، نزعت ثوب الحزن المتعمد عن قصصها وقولبته بلغة العقل في بوتقة الوجدان حتى أمسى الماضي حاضرا تزنّره مجسمات تحاكي واقعة الطف مقدمة من كشافة الامام المهدي (ع) ولوحات فنية ضخمة نفّذها فنانو ملتقى أطياف الفني.
على غير عادتها قدمت المبدعة سارة قصير عرضها بعيدا عن المؤثرات الصوتية المرافقة للغة الجسد. كان صوتها حاضرا يحاكي عاطفة البراعم ورسائلها موجهة إلى شتى الفئات العمرية التي حضرت بجوارحها وحشريتها وعواطفها من جهة، وإلى كل من ينتقد إقحام الاطفال في هكذا مشهديات بحجة الحرص على سلامتهم النفسية.
في خطوتها المدروسة قطعت الشك باليقين، أثبتت لنفسها وللحضور أن البكاء على مصاب الحسين وآل بيته وتبني المفاهيم العاشورائية ليس فعلا إجباريا ولا إسقاطا شعبويا بل تأثرا بملحمة دموية لم يطمسها التاريخ بل خُلدت بطولة سامية.
وفي ظل تعمّدها طرح فرضية مفادها أن ذكرى عاشوراء وثقافتها ليست واجبا تفرضه البيئة الحاضنة إنما هي قناعة موجودة وليست مكتسبة بفعل العوامل المؤثرة، جاء التفاعل الإيجابي خير دليل على صحة فرضيتها والسمة البارزة التي كللت المناسبة بالنجاح ربطا بجمالية الأداء وحرفية تحاكي العقل والقلب وبأسلوب شيق كان غاية في البساطة وأعمق من أن يختزل بكلمة. فقد عبّر الأطفال عن محبتهم وولائهم للإمام الحسين وأظهروا الكثير من الوعي والإدراك فيما يتعلق بالثقافة الحسينية والدينية.
وما أثار الاهتمام ما تلى المشهدية، حيث تجلت شخصية الحكواتية سارة بأبهى صورها سواء لناحية التواضع المشهود له، قدرتها على تقبل الآخرين واحتوائهم وتعاطفها العفوي مع أصحاب الإرادة الصلبة الذين تفاعلوا بصدق مع عباراتها دون تكلف.
وفي الختام، كان للحكواتية وعائلتها جلسة خاصة تم خلالها التطرق الى موضوع دور الإعلام في نقل الحدث وضرورة تجسيد الوقائع بمصداقية والتركيز على ما يقدمه كرسالة هادفة لا مجرد أداة للإستهلاك وخدمة المصالح الضيقة. كما تحدثت عن مشاريعها الحاضرة والمستقبلية لا سيما إخراجها لمسرحية “يحيى” التي تندمج فيها روح الأرض مع لغة السماء.