بأقلامهم >بأقلامهم
"الفساد السياسيّ وذروة المآسي"
جنوبيات
يُعرف الفساد السياسيّ بمعناه الأوسع نطاقًا بأنّه إساءة استعمال السلطة العامّة لأهداف غير مشروعة ولغايات دنيئة، وعادةً ما تكون في الخفاء لتحقيق مكاسب مشبوهة وأغراض شخصيّة.
هذا وكلّ أنواع الأنظمة الاستبداديّة معرّضة للفساد السياسيّ الذي تتنوّع أشكاله، إلّا أنّ أكثرها شيوعًا وانتشارًا المحسوبيّة والرشوة والابتزاز والاحتيال والسرقة والسمسرات وممارسة النفوذ والمحاباة.
ثمّة صديق عراقيّ ذكر لي هذه القصّة الطريفة للدلالة باختصار وبإيجاز واضح على معنى الفساد السياسيّ:
طفل يسأل والده: ما معنى الفساد السياسيّ؟
أجابه الأب: لن أخبرك يا بنيّ، لأنّه من الصعب عليك في هذا السنّ فهم معنى الفساد السياسيّ. لكن، دعني أقرّب لك الموضوع.
"أنا أصرف على البيت، لذا سأطلق على نفسي اسم الرأسماليّة.
وأمّك تنظّم شؤون البيت، لذا سنطلق عليها اسم الحكومة.
وأنت تحت تصرّفها، لذا سنطلق عليك اسم الشعب.
وأخوك الصغير هو أملنا القادم، لذا سنطلق عليه اسم المستقبل.
أمّا الخادمة التي عندنا فهي تعيش من خيراتنا، لذا سنطلق عليها اسم القوى الكادحة".
فاذهب الآن يا بنيّ وفكّر بما قلته لك، لعلّك تصل إلى نتيجة.
وفي الليل لم يستطع الطفل النوم من كثرة التفكير فنهض من نومه قلقًا، فسمع صوت أخيه الصغير يبكي، فذهب إليه فوجده قد بلّل حفّاضته ووسّخ نفسه فذهب ليخبر أمّه فوجدها غارقة في النّوم، وحاول إيقاظها لكنّها لم تستيقظ.
بيد أنّه تعجّب جدًّا إذ لم يرَ والده نائمًا بجوار أمّه! فذهب للبحث عن أبيه، وإذ به يسمع همسات وقهقهات تأتي من غرفة الخادمة، فنظر من ثقب الباب فوجد أباه يلهو مع الخادمة!
وفي اليوم التّالي قال الولد لأبيه: لقد عرفت يا أبي معنى الفساد السياسيّ!
فقال الوالد: ما شاء الله عليك، فماذا عرفت عنه؟
عندها أجاب الولد: عندما تلهو الرأسماليّة بالقوى الكادحة، وتكون الحكومة نائمة في سبات عميق، ويصبح الشعب قلقًا تائهًا مُهملًا تمامًا، ويغدو المستقبل غارقًا في القذارة، عندها نكون في غياهب الفساد السياسيّ مع ذروة المآسي!