ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
خطاب اللاعنف.. لبناء مجتمع أفضل
في أكثر الاحيان، يصعب الحديث عن مواضيع تصنف في خانة الـ"تابو" حتى ولو مرّ عليها الزمن إلا في أماكن نشعر فيها بالأمان والإحتواء. وليس أدل على ذلك سوى المنزل حيث تجتمع العائلة ويتناول أفرادها أحاديث شتى على قدر من الاهمية تسيّجها الجدية والموضوعية وتربط بينهم علاقة متينة.
وكعادتها نجحت جمعية بيت الطلبة والشباب في احتضان لبنان المتنوع في بيتها المتواضع كما يعبّر رئيسها بلال غدار والتي تعمد دوماً إلى محاكاة حاجة المجتمع من خلال إقامة أنشطة تعالج مواضيع حساسة تعيشها طبقات المجتمع على اختلافها عبر اللعب والمسرح التفاعلي التشاركي لإيصال الرسالة للجميع ودفع أبناء المجتمع لإيجاد الحلول لتلك المشاكل والحاجات.
احتضنت حديقة البيئة في الغازية، نشاطا توعويا ترفيهيا أقامته جمعية بيت الطلبة والشباب - الغازية، بتنظيم من مجموعة كلاون مي ان بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي وبتمويل من البنك الالماني للتنمية، بمشاركة تلقائية عفوية من شباب مبادرة ماراتون التطوع وبحضور عدد من رؤساء الجمعيات ومدراء المدارس والفاعليات الاجتماعية.
تضمّن النشاط الذي لم يخلُ من الفائدة مشاركة الاولاد والكبار بألعاب متنوعة فكرية ثقافية ورياضية هدفت الى مناصرة ثقافة احترام الاخر، التوعية ضد العنف، الإضاءة على عبارات يمكن استبدالها بأخرى لا تحوي عنفا سواء ان تم تلفظها بقصد او بغير قصد وتحفيز الدماغ على استذكار كلمات جميلة واستخدامها.
فكانت لعبة "تنفّس لتنّفس" لتعليم المشاركين الصبر، "صيد السمك" وهي عبارة عن مكعبات عليها احرف تحوي كلمات تتعلق باللا عنف يتم اصطيادها وتأليف كلمة من الاحرف المكتوبة عليها وبالتالي تأليف جملة متكاملة يتم النقاش في مضمونها، لعبة "الذاكرة" تتضمن صورا تحوي حالات عنف مختلفة واخرى عن المحبة والاسرة، "نشر الغسيل" لتركيب جمل تتعلق بالموضوع المراد تسليط الضوء عليه، لعبة "التعاون" للتدريب على التوازن و تعميق مفهوم التعاون بين اعضاء الفريق لتحقيق الربح، وغيرها من الالعاب مثل السلم والافعى، سباق السلل والعصي...
وبما ان البرنامج الترفيهي لم ينتهِ عند هذا الحد رغم الجو الحماسي المفعم بالحياة الذي ساد في الحديقة وعبق في ذاكرة الحاضرين والمشاهدين من على شرفات منازلهم على حد سواء، وبحبكة فنية كوميدية استحوذت على الموجودين وتمارين احترافية نفذها اعضاء جمعية clown me in، توجّه الجمهور المنتشر في نواحي الحديقة بأجسادهم وجوارحهم الى مكان عرض مسرحية طغى عليها الطابع التفاعلي التشاركي. إذ تم التطرق الى مواضيع حساسة كالتحرش والتمييز على اساس النوع والعنف اللفظي وتناولها بهدف محاولة تخطيها. وكان النقاش حول المشاهد الممثلة وتبادل وجهات النظر والوقوف على رأي الصغار والمراهقين تحديدا في مواضيع حساسة ولكن بشكل مقبول "خفيف" علامة فارقة، سيما ان التفاعل البناء كان سيد الموقف. تلاها عرض مشهد تمثيلي توعوي عن التحرش وتسليط الضوء على احتمال تعرض النوعين له وكيفية التصرف في هكذا وضع.
وعن التفاعل ودرجة الوعي لدى صغار السن تحديدا قالت يمنى مؤديي، عضو في جمعية clown me in التي تهدف الى كسر الجليد اينما كان متخذة من اللعب وسيلة للتسلية والضحك، ان الواقع يفاجئهم بالوعي الذي يختزنه الصغار، حتى انهم احيانا ينطقون بحكم تغيب عن ألسنة الكبار.
وفي السياق، اردفت أن الصغار يتمتعون عادة بسهولة اللعب بينما يتميز الكبار بالنضج في التعبير، وعندما نجمعهم سويا في لعبة ما نكون قد نجحنا في إنشاء جسر يربط بينهم لتمكين الاولاد من التعبير اكثر. فالمواضيع التي يتم التركيز عليها يمكن حلّها من جيل الى آخر عبر النقاش البناء.
كذلك كان ملفتا تواجد مبادرة ماراتون التطوع التي تضم شبانا وشابات من مختلف الفئات العمرية ومختلف المناطق اللبنانية، والذين قدموا دون سابق تنسيق وعرضوا خدماتهم التطوعية لان هدفهم تنفيذ 42 نشاطا تطوعيا خلال مدة زمنية محددة مع مختلف جمعيات المجتمع المدني المتواجدة على كامل الاراضي اللبنانية. والهدف من المبادرة - التي انطلقت من بيروت الى كسروان، جبل لبنان، الشمال، عكار، البقاع وصولا الى الجنوب والتي ستستمر بمهماتها التطوعية حتى 4 ايلول على ان تختتمها في بيروت_ كما قال مؤسسها جورج مراد يكمن في نشر روح التطوع وإعلاء قيمته وتشجيع الشباب على هذه الخطوة لاكتشاف لبنان والتعرف عليه اكثر. وبما ان التطوع رسالة مهمة فإنها تقفز فوق حدود الوضع الاقتصادي الصعب وتبرز قيمتها اكثر. ومن الجميل ان نظهر للعالم اجمع كيف ان جيل الشباب هو أمل لبنان ومستقبله ويبرز ذلك في اجتماعهم وتعاونهم يد بيد لمساعدة اي شخص في أي منطقة لبنانية.