بأقلامهم >بأقلامهم
كي لا يموت الوطن
جنوبيات
قرأنا في روائع الأدب الفرنسي ان الأوطان لا تموت من ويلات الحروب، لكنها تموت من خيانة أبنائها، ونقرأ اليوم أن لبنان وطننا الحبيب يموت سريرياً بسبب خيانة أهله شعباً وحكاماً .
نعم شعباً وحكاماً وقد أردت أن ألقي اللوم على الشعب قبل الحكام لأنه لم ينصر لبنان بل ناصر حكامه ونصرهم عليه .
جميعنا يعلم أن الموت هو حالة توقف الكائنات الحية عن النمو والنشاطات الوظيفية الحيوية ، ونعلم أن هناك حالة أخرى من الموت وهي الموت السريري التي تكمن بعدم القدرة على الحركة والتفاعل والقيام بالأمور الحياتية...
هذا تعريف الموت أما تعريف الوطن وللأسف هناك من يعرّفه بتعريفه المادي على أنه قطعة جغرافية لها حدود ومساحة يعيش الإنسان عليها، لا يعرف العلاقة الوثيقة بين الإنسان ووطنه وهي من إختصاص القلب والعقل، وتتجسد بالذكريات والولاء والحنين والأحداث والهوية والملاذ...الوطن غير قابل للمساومة والتفاوض بأي شكل من الأشكال، هو أرض الأجداد والأحفاد...وهذا الوطن يا كرام يقبع اليوم في غرفة العناية المشددة، وأستعير من الشاعر أحمد مطر بعض الكلمات وأقول"أي وطن؟ الوطن المنفي،أم الوطن؟أم الرهين الممتهن؟ أم سجننا المسجون خارج الزمن؟
الوطن يا كرام ليس بنياناً مرصوصاً وبنى تحتية مهترئة أو سوية ،الوطن شعب وأرض ومقاومة...
مقاومة بمفهومها الحقيقي، فالمقاومة وجدت لتدافع عن الحق وليس للوقوف بوجه العدو فقط، ولبنان وطن الحق يستحق أن ندافع عنه بكل ما أوتينا من قوة فما رأيناه من ويلاتٍ وأزماتٍ وإرهاصاتٍ فيه يفرض علينا الدفاع عنه، فالإعتداءات تنهال عليه من كل حدبٍ وصوب،والتدخلات الخارجية به باتت أمراً طبيعياً هدفها إمتلاك ثرواته والتوسع الجغرافي لدولة محتلة على حساب أخرى، أو لتقسيم أرضه الى دويلات وشرذمة شعبه أو لأهداف أيدولوجية...
وهنا نلقي اللوم على شعب إنصاع لبعض المغرضين الذين سمموا أفكاره وشحنوها بالكراهية والخوف من من تقبل الأخرين بعد ان كنا نعيش في لبناننا الحبيب متحابين متماسكين لا نفرق بين طائفة أو منطقة او دين
ولا شك أن اللوم يقع على المسؤولين اللامسؤولين الفاسدين لا بل المفسدين الذين نهبوا ثرواته ، ولم يتحملوا أمانة مسؤولياتهم في إنعاش مقدّرات الوطن وثرواته وبالتالي عودته الى الحياة.
المقاومة لأجل الوطن
لبنان يعود الى الحياة إذا دافعنا عنه، يعود بوعينا التام لمصلحته دون مصلحة غيره بعيداً عن المصالح الضيقة كالحزبية والسياسية والإقتصادية والطائفية...يعود بعودة أهله ومحبتهم لبعضهم، بتكاتفهم الذي يفكك كل المخططات التي تحاك ضدهم، يعود بالتصدي للأعداء والمعتدين...
الدفاع عن لبنان واجب على كل من أحب أرضه وإرثه وهويته وذكراياته...
ونسأل أين المقاومون في وطني، الصارخون بوجه الظلم والدمار، أتحسبون ان الدمار هو فقط دمار الأبنية ، ألا تعون أن دمار الثقة التي انعدمت بالوطن هي من أشد وأخطر أنواع الدمار.
للأسف فهناك من لا يعي ما هي حقوقه وما هي واجباته إتجاه وطنه، هناك من يعتقد أن الوطن هو بعض المتسلطين عليه ممن يلقون اللوم على الدولة فيحاضرون بالعفة ويصرخون على المنابر"على الدولة وعلى الدوله وعلى الدولة" وكانهم ليسوا جزءاً منها جزءاً من من عبث بها ، يتقاذفون الشتائم ويتقاسمون الغنائم يجيشون اتبعاعهم ضد إخوانهم في الوطن بحجة الحفاظ على وجودهم ، وبسبب مناحراتهم أصبحنا في القعر بين أسوأ الأمم ، بعد أن كنا بين أعرقها وأكثرها علماً وحضارةً وثقافةً ورقي...
كي لا يموت لبنان
كي لا يموت السجناء داخل السجون حيث يواجهون الجوع وتنهش أجسادهم الجرذان والأوبئة،كي لا يجوع الجيش وتشحذ الأم لطفلها الدواء والماء والزاد الذي بات من الكماليات ، كي لا تعمل القاصرات والمراهقات وتصبح فريسة هذا أو ذاك ، كي لا نموت على أبواب المشافي والأفران ومحطات الوقود...
لن نشترّ
الكلام بعد اليوم ونسرد ما نتعرض له من مظلوميات، لنعمل، لنحارب، لنجاهد، لنضرب بيد من حديد كي لا يموت لبنان.
فلبنان لم ولن يموت ولن نسمح لكرامتنا أن تموت ، لن نسكت عن الظلم والظلمة، وننصاع لهذا الطاغية أو ذاك الجبروت.