مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
عامٌ على رحيل "الإمام الفدائي"
عامٌ على رحيل "الإمام الفدائي" ‎الثلاثاء 6 09 2022 09:06 هيثم زعيتر
عامٌ على رحيل "الإمام الفدائي"

جنوبيات

عامٌ مضى على رحيل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام العلّامة الشيخ عبد الأمير محمد قبلان (عن 85 عاماً).

 

رحيلٌ في ظروفٍ دقيقة يمرُّ بها لبنان والعالم العربي والإسلامي، بل العالم بأسره، يشهد فيها تغيّرات بالغة الدقة.
 
ما أحوجنا في ظل ظروفنا إلى الإمام الراحل، الذي امتاز بمواقفه الجريئة الوحدوية الإسلامية والوطنية، في أوقات الشدّة والملمّات، حيث يبرز دور الفارس المقدام، باثاً الطمأنينة والأمان، وعاملاً على مد جسور التواصل بالكلمة الحسنة، مُستنداً إلى آيات القرآن الكريم، والسيرة النبوية، مقرونة بالأدلة والبراهين والحكم، التي تُركز على نقاط التلاقي.
 
نهل الإمام قبلان العلم في بيتٍ ركائزه التقوى والإيمان من جدّه الشيخ موسى قبلان وأبيه الشيخ محمد علي قبلان.
 
واكتسب العلوم الدينية في النجف الأشرف حيث لُقب بـ«ذي الشهادتين».
 
انطلق في مهمة توعوية تبليغية دينية في المساجد والحسينيات، وارتبط بعلاقات وطيدة مع الإمام السيد موسى الصدر قبل تأسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في العام 1969، ومن ثم تعيينه في منصب المُفتي الجعفري المُمتاز في العام 1970.
 
أخذ على عاتقه قضية الإمام الصدر ورفيقه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، بعد اختطافهم إثر زيارة ليبيا في العام 1978.
 
انتخب في العام 1994 نائباً لرئيس المجلس بعد انتخاب الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيساً له، الذي تنحى في العام 2000، حيث انتُخب الإمام قبلان رئيساً للمجلس الشيعي.
 
ارتبط بعلاقات وطيدة مع رئيس حركة «أمل» نبيه بري، واستمرت بعد أن انتخب رئيساً للمجلس النيابي، فكان يقف على رأيه السديد.
 
يُسجل للإمام قبلان، ليس فقط دوره في جمع البيت داخل الطائفة الشيعية، بل مع المذاهب السنية ومع شركاء الوطن في قمم إسلامية ومسيحية.
 
ارتبط «الإمام الفدائي» بشكل وطيد بالقضية الفلسطينية، حيث كانت ولادته مع ثورة العام 1936، في ميس الجبل، التي تتداخل أراضيها مع الأراضي الفلسطينية.
 
على الرغم من سنوات عمره الـ12، عندما احتل العدو الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية، إلا أنه عمل مع عائلته استقبال الأهل والأقارب والأصدقاء وترسخت العلاقة أكثر فأكثر مع انطلاقة الثورة الفلسطينية، فتوطدت مع قادة الثورة، وفي طليعتهم الرئيس الشهيد ياسر عرفات.
 
كان الإمام قبلان يُمنّي النفس الصلاة في المسجد الأقصى المُبارك مُحرراً من الاحتلال الإسرائيلي، وكله أمل بأن القدس وفلسطين ستتحرران من رجس العدو كما تحرر لبنان.
 
ها هم أبناء القدس وفلسطين، ما زالوا يُناضلون ويتصدّون للمُحتل بصدورهم العارية، وبإرادتهم في الداخل ومع اللاجئين في الشتات التوّاقين بالعودة إلى أرض وطنهم، مدعومين من الأحرار الصادقين في العالم.
 
في اللقاءات والمُؤتمرات العربية والإسلامية، حمل القضايا الوطنية إلى العالم أجمع، مُؤكداً على الوحدة اللبنانية بين أبناء شعبه.
 
على مدى عقود من الزمن تعرّفتُ فيها إلى الإمام قبلان، الذي كان يُبادلني حب أبوي، تعلمتُ الكثير من «مولانا»، وكانت مواقفه ونشاطاته تنشر في مُختلف صفحات «اللواء»، خاصة في «لواء صيدا والجنوب».
 
كذلك الزيارات الدورية التي نُشارك فيها ضمن وفد «اللواء» يتقدمهم عميد «اللواء» الراحل الأستاذ عبد الغني سلام والتي استمرت مع رئيس التحرير صلاح سلام.
 
رحل الإمام قبلان، يوم السبت في 4 أيلول/سبتمبر 2021، تزامُناً مع الذكرى السنوية الـ24 لـ«عملية انصارية» التي حصلت ليل 4-5 أيلول/سبتمبر 1997، وقُتِلَ فيها 15 جندياً إسرائيلياً، كان هدفها منزل الشيخ عبد الأمير قبلان في أنصارية!
 
في الذكرى السنوية الأولى لرحيل العالِم العلّامة، الوطني بامتياز، كم نحن بحاجة إلى أمثال «أبي الفقراء»، بطيبة قلبه وتسامحه وسماحته، وقيام الليل وخشوع الصلاة وتلاوة القرآن.
 
لكن سماحته ترك صدقات جارية، وذرية صالحة في مُقدمهم الدكتور علي والمُفتي الجعفري المُمتاز الشيخ أحمد قبلان والعائلة الكريمة.

المصدر : اللواء