لبنانيات >صيداويات
وفد من منطقة" PACA " الفرنسية يزور صيدا ويبحث مع هيئاتها في "إطلاق نظام إنذار مبكر لمنع التطرف العنيف"
الأحد 25 09 2022 21:20جنوبيات
في اطار زيارة يقوم بها للبنان ، زار وفد من منطقة" PACA " الفرنسية مدينة صيدا بهدف عقد اجتماعات تشاورية مع الجهات الفاعلة المحلية حول دورهم في تنفيذ الآلية الإجتماعية (نظام الإنذار المبكر) لمنع التطرف العنيف ضمن مشروع مشترك مع "وحدة منع التطرف العنيف في رئاسة مجلس الوزراء" .
والتقى الوفد شخصيات روحية ومسؤولين رسميين وأمنيين وفاعليات وممثلين عن البلدية ومؤسسات مجتمع مدني وعن الشبكات المدرسية والصحية وشبكة الوقاية المحلية وشبابا من المدينة ، حيث جرى عرض للإستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف ولنموذج نظام الإنذار المبكر المقترح لمدينة صيدا بهذا الخصوص ودور " PACA" والسفارة الفرنسية ووزارة الداخلية الفرنسية والشركاء المحليين والوطنيين وتقديمه كنموذج يطبق على عدة مناطق في لبنان، وشرح لخطوات/ نهج المرحلة التجريبية (Pilot) والمراحل المخطط لها.
الوفد الذي ترأسه رئيس منطقة PACA السيد رينو موسيلير، ضم " نائب رئيس منطقة PACA السيد جان بيير كولين، ، ومدير التعاون المتوسطي الأوروبي السيد سيباستيان فيانو، رئيس الأركان السيد رومين سيمارانو، ، ومفوض القسم الأمني في السفارة الفرنسية في لبنان السيد إريك أوتشيني، وعدد من المسؤولين في المنطقة والسفارة ، ورافقتهم المنسقة الوطنية لمنع التطرف العنيف في لبنان الدكتورة روبينا أبو زينب .
وكانت المحطة الأولى من زيارة الوفد لصيدا في دارة مجدليون حيث استقبلتهم رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة السيدة بهية الحريري وعقد اجتماع ضمها والوفد الى "مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان ورئيس محكمة صيدا الشرعية السنية القاضي الشيخ محمد أبو زيد ، وممثل محافظ الجنوب الأستاذ منصور ضو أمين سر المحافظة الأستاذ نقولا بوضاهر ، وقائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد بلال حجار ، ورئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العقيد سهيل حرب ، والمدير الإقليمي لأمن الدولة في الجنوب العقيد فادي قرانوح ، والمدير الإقليمي للأمن العام في الجنوب المقدم علي قطيش ، والملازم أول محمد عبد الغني ، وعضو المكتب السياسي لتيار المستقبل الدكتور ناصر حمود ، ورئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها الأستاذ علي الشريف ، وعضو المجلس البلدي لمدينة صيدا الأستاذ مصطفى حجازي ".
بداية رحبت السيدة الحريري بالوفد وأكدت على أهمية هذا التعاون بين ضفتي المتوسط أي بين منطقة جنوب فرنسا ومنطقة صيدا ، وقالت" صيدا نموذج للتعاون بين كل الأطراف والمكونات في المدينة لمواجهة كل المشكلات التي تعاني منها وهي كثيرة ولكن بالمقابل ليس امامنا الا السعي من اجل زرع الأمل لدى الجيل الجديد من الشباب ، وهذا هو دور مؤسسة الحريري منذ العام 1979" .
رئيس الوفد
ثم تحدث رئيس الوفد، السيد رينو موسيلير فشكر الحريري على الاستقبال وتنظيم هذا اللقاء وقال" انه لمن دواعي سروري أن أرأس هذا الوفد الكبير الذي يأتي من منطقة جنوب فرنسا والمكون من ممثلين عنها وعن السفارة الفرنسية. وأود بداية أن اعبر لك سيدتي عن خصوصية هذه الزيارة بالنسبة لي ، ذلك انني كنت مرتين خلال ثلاثة أعوام وزيراً لدى حكومة الرئيس السابق جاك شيراك الذي كان مقربا من الرئيس الراحل رفيق الحريري ونحن ندرك تماما العلاقات التي كانت تربط جاك شيراك بالرئيس الراحل واسرته ولبنان . وانني سعيد بلقائكم اليوم لنتعاون معا لمكافحة التطرف ولكي نحيي احترام الأديان والثقافات واحترام الرجال والنساء الذين يعيشون في مناطقنا".
وتحدث ملحق الأمن الداخلي في السفارة الفرنسية إريك أوتشيني فقال " نحن نقوم اليوم بتطبيق مشروع ريادي في مدينة صيدا ذلك لأن المدينة مهتمة بهذا المشروع وبحاجة اليه . وقد اخترنا صيدا لأن رئيس البلدية كان سابقا قد احيا وحدة لمكافحة التطرف ويمكننا ان نعول عليها في تنفيذ مشروعنا الذي يمثل المرحلة الأولى من مشروع أوسع يرمي الى توسيع الجهود وتنفيذه على نطاق لبنان لمكافحة كل اشكال التشدد والانحرافات وللسماح لأكثر المستضعفين وهم الشباب بالعيش وتجنب ظاهرة التشدد والتطرف" .
بعد ذلك قدمت الدكتورة روبينا أبو زينب عرضا حول الاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف وخطة عملها ونظام الإنذار المبكر، فقالت" منذ البداية سعينا الى زيادة قدرة مجتمعنا على مقاومة شتى اشكال التطرف العنيف . وقد ادركنا منذ البداية أن هذا لا يمكن أن يتحقق الا من خلال مبادرات تكون مكيفة ومتكيفة مع السياق الوطني والمحلي، ولكن كان لا بد أيضا قبل ذلك أن نعتمد على تبادل الخبرات الدولية. لقد اعتمدنا نهجاً تشاركياً من خلال جمع كل مكونات المجتمع سوية ، وتم التصديق على الاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف عام 2018 من قبل مجلس الوزراء ليصبح لبنان من بين أولى دول المنطقة التي اعتمدت استراتيجية مخصصة لمنع التطرف العنيف ".
وأضافت " بعض أهداف الاستراتيجية مرتبط بشكل وثيق بنظام الإنذار المبكر ونرى من خلال مشاركة الوزارات المختلفة في المشروع كيف ان هذه المشاركة مرتبطة بنظام الانذار المبكر . فبعد ان اعتمدنا نهجا يشمل كل مؤسسات الدولة، انطلقنا الى المرحلة التالية وهي اعتماد النهج الذي يشمل كل شرائح المجتمع. ان هذا المشروع الذي يشمل المجتمع بأسره قد جمع 850 شخصاً و330 مؤسسة من خلال نشاط دام عاما كاملا وادى الى وضع استراتيجية العمل الوطنية وبذلك تمكنا من الانتقال من النهج الذي يشمل كل مؤسسات الدولة الى نهج يشمل كل المجتمع" .
ورأت أبو زينب ان تبادل الخبرات هو امر أساسي فضلا عن تبادل الممارسات الحميدة والدروس المستخلصة.
ثم كان عرض آخر من الخبيرة في منع التطرف العنيف السيدة نورما واكيم اشارت فيه الى "بعض المبادئ الأساسية لمنع التطرف ومنها ان يكون المشروع جامعا ويشمل كل المجموعات، وان يستند الى وقائع وان يعتمد على الأبحاث والتدريب والتبادلات" . وقالت" في مرحلة أولى قمنا بعملية الوقاية الأولية وهي مرحلة ريادية تجريبية بإنشاء هذه الشبكة التي ستضم ممثلين عن الوزارات المختلفة والقوى الأمنية والمجتمع المدني والهيئات الروحية ، وتعتمد هذه المرحلة على ما لمسناه من حاجات قبل ان يتم توسيع هذه التجربة على نطاق البلاد .
وكانت مداخلة للمفتي الشيخ سليم سوسان فاعتبر أن موضوع التطرف يحتاج الى جهد حقيقي ، وقال" فيما يتعلق بالتطرف الديني او التطرف الاجتماعي او السياسي.. في الواقع لم يكن هناك في مدينتنا أي تطرف ديني او سياسي او اجتماعي.. قد تظهر بعض الظواهر ولكن ثقافتنا وتربيتنا في مدينتنا وبيئتنا ترفض هذه الظاهرة رفضا كاملا . انتم الآن في صيدا تسيرون في شوارعها تنظرون اليها تجدون أن مآذن مساجدنا تعانق أبراج الكنائس، ونلتقي كرجال دين مسلمين ومسيحيين في لقاءات دورية نعالج بعض المشاكل التي نعاني منها على المستوى الاقتصادي والمعيشي والخدماتي " .
وتابع " صيدا استقبلت عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين واستقبلت أيضا عشرات الالاف من النازحين السوريين وعاشوا في كنفها دون تمييز او تفرقة . صيدا رفضت كل الفتن الطائفية والمذهبية ووقفت بوجهها وحافظت على انها مدينة مفتوحة للجميع تستقبل الجميع حريصة على العيش المشترك وعلى الوفاق بين شرائح هذا المجتمع اللبناني" .
وأورد المفتي سوسان في مداخلته بعض النصوص التي وردت في الدين الإسلامي والقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة حول الاعتدال والحوار والدعوة الى السلام ، وقال "السلام والحب والوفاق مقصد من مقاصد شريعتنا في الإسلام وفي المسيحية .
ورأى المفتي سوسان أنه قبل ان نذهب الى النتائج علينا أن نتوقف عند الأسباب : ما هو سبب هذا التطرف الموجود في الدنيا ؟ .. الفقر ، العوز ، البطالة ، انعدام العدالة ، عدم التساوي في القانون .. ولا تنسوا ان قضية فلسطين تبقى من اهم القضايا التي يعاني من تداعياتها هذا الشرق العربي ، كل هذه الأمور هذه أسباب تؤدي الى التطرف والى اليأس والى الذهاب الى ما لا يرضي الاسلام او المسيحية او أي دين او أية نظرية إنسانية .. اجدد ترحيبي بكم في مدينتنا في صيدا التي تفتح قلبها للجميع" .
ا
كما كانت مداخلة للقاضي الشيخ محمد أبو زيد فقال" في العام 2010 أطلقت دولة الكويت مشروع "موسوعة الكويت للعالم الإسلامي والأقليات الإسلامية" ، وانا كنت من الأشخاص الذين دُعيوا للكتابة بهذه الموسوعة وفي اول جلسة لم يكن حاضراً من كل العالم الإسلامي الا لبنان ولم يكن من كل العالم الا فرنسا فأثار هذا الأمر تساؤلاً لديّ ، فقالوا لي ان التعقيدات التي في لبنان اذا استطعنا ان نتعامل معها نجحنا في كل العالم الإسلامي، وان التعقيدات التي في فرنسا اذا استطعنا ان نتعامل معها نجحنا في باقي العالم .. وانا أقول لعل الآن نظرية الكويتيين تطبق ، فإذا نجحنا في فرنسا نجحنا في باقي العالم واذا نجحنا في لبنان نجحنا في باقي العالم الإسلامي" .
بعد ذلك جرى نقاش وحوار حول موضوع منع التطرف العنيف والاستراتيجية الوطنية ونظام الإنذار المبكر له والمراحل التالية والآليات المقترحة لها .
وعلى هامش اللقاء في مجدليون قدمت الحريري لرئيس الوفد السيد " رينو موسيلير" كتاب " صيدا المدينة القديمة " الصادر عن مؤسسة الحريري ، كما قدمت له الدكتورة أبو زينب كتابها" Pathways To Violent Extremism In Lebanon- مسارات التطرف العنيف في لبنان " .
ثم انتقل الوفد الفرنسي برفقة الدكتورة أبو زينب الى بلدية صيدا حيث عقد بحضور رئيس البلدية المهندس محمد السعودي اجتماعاً مع ممثلي شبكة الوقاية المحلية لمنع التطرف العنيف ، وجمعيات أهلية، ومدراء مدارس من الشبكة المدرسية لصيدا و الجوار، وممثلن عن الشبكة الصحية في صيدا، ووحدة إدارة الحد من مخاطر الكوارث والأزمات في اتحاد بلديات صيدا الزهراني وشباب وشابات من صيدا.
وكانت كلمة ترحيب من السعودي اكد فيها على أهمية تبادل الخبرات حول موضوع منع التطرف . ثم جرى حوار وتبادل أفكار بين وفد "منطقة جنوب فرنسا " وبين المجموعة المحلية حول نظام الإنذار المبكر وما هي الحاجات التي يجب اخذها بالاعتبار والقطاعات الموجودة والتحديات التي يجب مواجهتها .
وكان تأكيد على ان للتطرف العنيف أسباباً مختلفة ، سياسية واقتصادية واجتماعية، وعلى الحاجة لبناء قدرات المجتمع لتحديد مظاهر هذا التطرف وكيفية التعامل معها ، وعلى أهمية اشراك الشباب بتصميم وتنفيذ نظام الإنذار المبكر، وعلى ودور الأهل الأساسي في بناء مناعة مجتمعية ، وكذلك كافة المعنيين بالمجتمع وأهمية التشاور المجتمعي وتدريب الأساتذة في هذا الموضوع بالإضافة الى دور الإعلام بهذا الخصوص .