عام >عام
إفلاس مصارف أوروبيّة وعالميّة يهدّد ودائع كبار اللّبنانيين المُهرَّبَة..
الجمعة 7 10 2022 21:49جنوبيات
بعيداً من الشّماتة، ومن الانتقام، والتشفّي، وهي مشاعر خبيثة، ننظر الى ما يجري من حولنا في العالم اليوم، من تقاسُم للنّفوذ على الأرض بما يشمل الاستحواذ على المناطق الغنيّة بالتعرُّض لأشعة الشمس، والرياح، ومياه الأمطار والثّلوج والأنهار والبحيرات، مروراً بنقل قوى اقتصادية ومالية ومصرفية من قارّة الى أخرى، وتقاسُم مناطق خطوط الطول، وخطوط العرض، ومحاولات السيطرة على الظّروف المناخيّة والجغرافيّة…، والتوقيت العالمي، وصولاً الى الفضاء، نجد أن القوى العالمية تعمل بلعبة المصالح حتى الثّمالة، فيما العدالة تلاحقها، وهي تتحقّق بالفعل، حتى ولو لم نشعر بها بالمباشر، وتعلّمها أن الكون “مش فلتان”، من يد الله.
الشّعب الأوكراني هو أكثر من يدفع الثّمن الأكبر، في عالمنا الشّرير هذا. فالحرب هي حرب، وهي موت ودمار، فيما الكلّ يتسلّى بالدّماء الأوكرانيّة، ويسكر بها. ولكن القصاص يُسلّي هذا الكلّ، أيضاً.
نبدأ من إيران، التي لا تزال تنفي رسمياً، تزويدها “الوحوش” الروسيّة الكاسرة بمسيّرات وأسلحة، تفتك بالمدن الأوكرانيّة. وهي (إيران) تتشامخ كثيراً، من جراء تحليق مسيّراتها في أوروبا الشرقيّة، ومساهمتها في رسم قواعد اللّعبة، في حرب عالميّة كبرى.
والنتيجة، هي أن تلك الأسلحة والمسيّرات، تؤمّن مبالغ ضخمة للإيرانيّين، وتبادُل خدمات بينهم وبين الروس. ولكن “يا فرحة ما اكتملت”.
فمال الحرام، يبقى حراماً. وثمن الدّماء، يُصرَف بالدّماء، ولو بعد حين. وأبرز مثال على ذلك، هو أنه بعد نحو شهرَيْن من صفقات السلاح الإيراني لروسيا في أوكرانيا، اشتعلت المدن الإيرانيّة احتجاجاً على مقتل الشابة مهسا أميني، بظُلم شرطة الأخلاق الإيرانية، وهي احتجاجات كلّفت الاقتصاد الإيراني خسائر هائلة.
وفي عرض لبعض الوقائع والأرقام المتوفّرة حتى الساعة، نجد أن الأضرار التي لحقت بممتلكات بلدية طهران وحدها، تُقدَّر بنحو 200 مليار ريال، فيما بلغت الأضرار التي لحقت بإطفائية طهران، إحراق وتدمير 25 مركبة خفيفة وثقيلة، وسيارة “تويوتا” واحدة، مع كامل المعدّات التابعة لخدمات مكافحة الحرائق، خلال الأيام الأخيرة.
وأُعلِنَ أيضاً عن تدمير 85 سيارة إسعاف، وعن الحاجة الى تريليون مليار ريال، لتعويض المركبات المدمّرة، ومواصلة عملها بشكل طبيعي في أنحاء البلاد كافّة.
وفي سياق متّصل، قُدِّرَت خسائر إيران من جراء قطع الإنترنت، وحَجْب مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف المساهمة في منع الاحتجاجات، (قُدِّرَت) بنحو 450 مليار ريال في الساعة (أي ما يعادل 1.5 مليون دولار في الساعة). بينما أُعلِنَ عن أن قطع الإنترنت كبّد إيران خسائر بقيمة 110 آلاف مليار ريال، خلال 11 يوماً، وأن قطع الإنترنت يكبّد الاقتصاد الإيراني نحو 30 ألف مليار ريال يومياً، وهو يمسّ بسُبُل عَيْش 10 ملايين إيراني، يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالشبكة العنكبوتية في عيشهم.
وأكثر بَعْد، إذ أُعلِن عن أن خسائر قطاع السينما الإيراني، خلال الأسبوعَيْن الماضيَيْن، بلغت 220 مليار ريال، من جراء الاحتجاجات. هذا الى جانب خسائر كبيرة تكبّدتها مكاتب الطيران، والصرافة، والتحويلات المالية، والتجارة الرقمية، والقطاع الصحي، في إيران.
كما امتدّت خسائر الاحتجاجات الى أرواح المرضى الإيرانيين، إذ أثّرت سياسة قطع الإنترنت على علاجاتهم سلبياً، خلال الأيام الماضية، إلى جانب قطع الطرق بوجه سيارات الإسعاف خلال ساعات ذروة الاحتجاجات، لا سيما في طهران.
هذا غيض من فيض، قد لا يكون أكثر من “قشرة” صغيرة، لأرقام وخسائر أخرى، أكبر، وأكثر دقّة. وهو مثال صغير عن تحقيق العدالة، وعن أن الله يُمهِل ولا يُهمِل، وعن أن “مال الحرام”، والدّماء، يرتدّ بلعنات على كلّ مُتعامِل به.
فأموال المسيّرات وصفقات السلاح الإيرانية – الروسية، ستُنفق إيران الجزء الأكبر منها، في لَمْلَمَة وإصلاح آثار الاحتجاجات فيها. وبالتالي، “يا فرحة ما اكتملت”.
نخرج من إيران نحو الغرب، الذي لا يمكّن أوكرانيا من الفوز السريع في الحرب، والذي يتسلّى بدماء “الحرب الطويلة”، وهو يدفع أثمان التضخّم، والمشاكل الاقتصادية، والأزمات المعيشية، وتبعات ارتفاع أسعار الطاقة.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يرفض حقّ الأوكرانيّين بالحرية، وبتقرير مصيرهم، فهو يدفع ثمن حربه “شرشحة” لسُمعته، ولسمعة روسيا، على كل لسان عالمي. هذا الى جانب أن استفادته من ارتفاع أسعار الطاقة، بالمليارات، لا يُنفقها على إنماء روسيا، ولا على تقوية اقتصادها، بل على مزيد من الأسلحة، والتجنيد، والتدريب، التي تنتهي بمشاهد الإذلال، والإذلال، والمزيد من الإذلال، للجيش الروسي.
أما الدول التي تنظر الى اللّعبة عن بُعْد، مُنتشيةً في سرّها من تقاتُل “الكفّار” مع “الكفّار”، والتي تجد أن الوقت الحالي هو فرصتها الذهبيّة للاستفادة، والتحضير للتربّع على عرش السيادة العالمية “عا الهيّن” مستقبلاً، بالاعتماد على إنتاج وأسعار النّفط كسلاح، نجدها أيضاً تستورد التضخّم الى بلدانها.
فهي تستورد مختلف أنواع السّلع، والمواد الأولية والغذائية من الخارج، التي ارتفعت أسعارها بشكل متسارع بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، والشّحن، والنقل، بسبب ارتفاع أسعار النّفط العالمية. وهو ما يعني أن ما تجنيه تلك الدّول بيَد، من مليارات إنتاجها النّفطي، وألاعيبها النّفطيّة الوسِخَة، والقذِرَة مثل أفكار ونوايا بعض حكّامها، تدفعه باليد الأخرى، و”مثل الشاطرة”.
ما أطيب الرب، وما أعظم عدله. والمهمّ هو أن يتّعظ حكام بلادنا من العدالة الإلهية، التي تتحقّق دائماً، والتي تُمهِل ولا تُهمِل.
فالى المسؤولين اللبنانيين الذين يأكلون، ويشربون، ويقولون في سرّهم إن خيراتهم المُهرَّبَة والمُحوَّلَة الى الخارج، أو “المضبوبة” في خزائنهم السرية، تكفيهم مؤونة سنين طويلة، قد يكون مُفيداً لهم أن يفكّروا كل ليلة، بما إذا دخلت أو أُدخِلَت (عن قصد) القطاعات المصرفيّة الأوروبيّة والعالميّة مثلاً، في أزمات حادّة مستقبلاً، أدّت الى الإفلاس، وإعادة الهيكلة، و…،… وذلك في عالم يتشكّل بمفاعيل ما بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا.
فعندها، ماذا سيكون مصير ما هرّبوه الى الخارج؟ ولمن سيكون؟ وما هي الحلول المُمكِنَة في تلك الحالة، أكثر من البكاء، وصريف الأسنان؟؟؟