مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
الترسيم البحري مع لبنان في "بازار" الانتخابات الإسرائيلية!
جنوبيات
يُوظّف المسؤولون الإسرائيليون مُفاوضات ترسيم الحُدود البحرية مع لبنان، في تنافُس الانتخابات العامة لـ"الكنيست" الـ25، التي ستُجرى يوم الثلاثاء في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
يهدُف كُلٌ من المُعسكرين، الائتلاف الحكومي الحالي الذي يقوده رئيس حكومة تصريف الأعمال وحزب "يش عتيد" يائير لبيد، والمُعارضة التي يتزعمها رئيس حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو، إلى استثمار هذا الملف، والتلويح بالتصعيد لكسبٍ أصوات الناخبين، في سباقٍ يُرجح فيه صوت نائب كفة فريقٍ على الآخر.
هذا في وقت أظهرت استطلاعات الرأي عدم تمكُّن أيّاً من المعسكرين تأمين أكثرية 61 صوتاً لتشكيل الحكومة، مع تقارُب أصوات المُعسكرين، فأعطت 56 مقعداً للمعسكر الذي يقوده لبيد و60 للمعسكر يتزعمه نتنياهو و4 مقاعد لـ"القائمة العربية المُشتركة".
لهذا، يدخلُ ملف مُفاوضات ترسيم الحُدود البحرية والثروة الغازية في "بازار" المعركة الانتخابية قبل 25 يوماً من موعد إجرائها، ليُضاف إلى مُحاولة كسب أصوات الناخبين عبر مُواصلة الاحتلال تنفيذ المزيد من الاعتداءات داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلة، ضد المُواطنين، تصفيةً واغتيالاً واعتقالاً، ومُضايقات، وهدماً وتهجيراً، بما في ذلك ضد المُقدّسات الإسلامية والمسيحية.
لا يبدو أنّ ما سُرّب عن اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر "الكابينيت"، الذي عُقِدَ يوم الخميس في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2022، على مدى 4 ساعات، عن رفض للتعديلات اللبنانية على الورقة المُقدّمة من المُفاوض الأميركي، حقيقياً، بل هو للتوظيف الداخلي، بعدما أشار نتنياهو إلى أن الضغط الذي مارسه ضد لبيد، هو الذي أدّى بالأخير إلى التراجُع عن التسوية السابقة، وتحقيقِ مكاسبٍ لـ"إسرائيل".
بينما، أعضاء "الكابينيت"، عندما التقوا في حكومة الائتلاف، كان القاسم المُشترك بينهم، توافُقهم على إبعاد نتنياهو عن تشكيل الحكومة.
وقد فوّض هذا الاجتماع حكومة تصريف الأعمال بإدارة سيناريو تصعيد مع لبنان، من خلال تفويض لبيد ورئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت ووزير الأمن بيني غانتس بذلك، من دون الاضطرار إلى اجتماعٍ آخر للوزراء.
جاء ذلك، بعدما كان غانتس قد أمر جيش الاحتلال الاستعداد للتصعيد مع لبنان، "إذا طلب إجراء تغييرات جوهرية في مسودة اتفاق الحُدود البحرية، فعليهم نسيان الاتفاقية، وأنّه إذا لم يتم الاتفاق على التفاهُمات البحرية مع لبنان بشكلٍ نهائي، ستبدأ "إسرائيل" إنتاج الغاز، على الرغم من تهديدات نصر الله، بعد نقل لبنان مُلاحظات إلى واشنطن على مسودة ترسيم الحُدود".
سبقَ ذلك، موقف نتنياهو ودُخوله إلى المركز الطبي "شعاري تسيديك" في القدس، بعد ظُهورِ الإعياء عليه خلال صلاة يوم الغفران في الكنيس، حيث كان صائماً، فيما أظهرت الفُحوصات الطبية أنّه بصحةٍ جيدة.
وقد فُسّرَ ذلك، بأنّه في إطار الحملة الانتخابية لكسب عطف الناخب الإسرائيلي!
هناك مصلحة للكيان الإسرائيلي، بعدم حُدوث أي توتيراتٍ على الحُدود الشمالية لفلسطين المُحتلة مع لبنان، خاصة أنّ استحقاق انتخابات "الكنيست" قريبٌ جداً، وهناك انتخابات الكونغرس الأميركي خلال الشهر المُقبل أيضاً.
هذا في وقت، يعمل الرئيس الأميركي جو بايدن على استمرار لبيد برئاسة الحكومة وعدم عودة نتنياهو إلى الحُكم مُجدداً.
كذلك، لدى لبيد مصلحة بأن يتم إنجاز تصدير الغاز في ظل رئاسته لحكومة تصريف الأعمال، ما يُساهم في زيادة عدد الأصوات المُتوقّعة لحزب "يش عتيد" الذي يترأسه، في الانتخابات المُقبلة، والذي يُتوقّع أن يرتفع تمثيله في "الكنيست" الحالي من 17 مقعداً إلى 25.
أيضاً، في ظل الحاجة الأوروبية إلى الغاز، في أعقاب الأحداث الروسية - الأوكرانية، والجُهوزية الإسرائيلية للتصدير من منصاتٍ عُمِلَ على بنائها مُنذ مُدّة داخل المياه الإقليمية للأراضي الفلسطينية المُحتلة.
ومن أجل تحسين وضعه الانتخابي، فإنّ الحاجة لدى لبيد تكون توفير الهدوء على الحُدود الشمالية، كما الجنوبية مع قطاع غزة، والمزيد من الضغط والاقتحامات داخل الضفة الغربية، لإظهار فائض القوة.
بينما، لبنان يُحاول أنْ يُحقّق إنجازاً يُسجّل قبل أيامٍ من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في 31 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.
وإنْ جرى التوصّل إلى اتفاقٍ، فإنّ لبنان يحتاج إلى سنواتٍ عدّة بين البحث والاستخراج والتكرير والتصدير!
لكن، مع الحديث اللبناني عن أنّ انتصاراً قد تحقّق في إجبار المُحتل الإسرائيلي بالرضوخ للشروط اللبنانية، قابله إعادة نشر البعض لاتفاق 17 أيار/مايو 1983، الذي أقر ضمنه الاحتلال أن المياه الإقليمية تقع إلى جنوب الخط 23 - أي أن لبنان خسر ما بين الاتفاقين 2350 كلم2 من المساحة البحرية.
كذلك، من يضمن عدم إلغاء هذا الاتفاق، الذي لن يرقى إلى مُعاهدة، إذا ما وصلت أي حكومة ورفضت تنفيذ بنوده؟
أيضاً، ماذا بشأن الحديث مع الجانب الفلسطيني، خاصة بعد إعلان رئيس دولة فلسطين محمود عباس من على منبر الجمعية العامة للأمم المُتحدة في دورتها الـ77، بكلمة تاريخية ألقاها يوم الجمعة في 23 أيلول/سبتمبر الماضي، أن فلسطين تُطالب بالعودة إلى قرار التقسيم 181 الصادر بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، والذي تضمن الدولة العربية منطقة الجليل والحدود الشمالية مع لبنان!
أخبار ذات صلة
هيثم زعيتر: رغبة أميركية وليونة لبنانية لتحقيق وقف إطلاق النار.. بانتظار ال...
هيثم زعيتر: تذليل العقبات لوقف إطلاق النار لبنانياً.. بانتظار رد الجانب الإ...
منير الربيع لـ"تلفزيون فلسطين": الرئيس بري مُتفائل بوقف إطلاق النار.. لكن ا...
هيثم زعيتر يستضيف منير الربيع، حول "العدوان الإسرائيلي المُتواصل على فلسطين...
السعودية تقود حراكاً عربياً وإسلامياً داعم للقضية الفلسطينية وتجميد عضوية "...