تنطلق في العاصمة الجزائرية، اليوم (الثلاثاء)، اجتماعات أطراف العمل الوطني الفلسطيني، بهدف التوافق على "رؤية الجزائر" لإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية.
تستمر هذه الاجتماعات على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء، بمُشاركة 15 وفداً فلسطينياً، في مُقدمهم من حركة "فتح" برئاسة عضو اللجنتين التنفيذية لـ"مُنظمة التحرير الفلسطينية" والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد وحركة "حماس" برئاسة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية.
يأتي ذلك تلبيةً لدعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي كان قد أطلقها في 6 كانون الأول/ديسمبر 2021، بعد التشاور مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بالعزم على استضافة مُؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية.
تمهيداً لهذا الاجتماع، عملت الجزائر بصمت وسرية ودبلوماسية، واستضافت عدّة اجتماعات ثُنائية مُنفصلة مع وفود من حركتي "فتح" و"حماس"، بعد اتصالات ولقاءات مع الجانب المصري، الذي يتولى إدارة ملف المُصالحة مُنذ الانقسام، قبل أن تضع رؤيتها، التي ستعرضها على المُشاركين في الاجتماع.
يُشارك في هذا الاجتماع 15 وفداً فلسطينياً، بينها 14 فصيلاً (12 فصيلاً ضمن "مُنظمة التحرير الفلسطينية"، وفصيلين لم ينضما إليها) وواحد عن المُستقلين، وفق الآتي:
* فصائل "مُنظمة التحرير الفلسطينية": حركة "فتح"، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، "الجبهة الديمُقراطية لتحرير فلسطين"، "جبهة النضال الشعبي الفلسطيني"، "جبهة التحرير الفلسطينية"، "حزب الشعب"، حزب "فدا"، "جبهة التحرير العربية"، "الجبهة العربية الفلسطينية" و"المُبادرة الوطنية".
* فصيلان مُعلقا العُضوية في المُنظمة: "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" - "القيادة العامة" و"مُنظمة الصاعقة".
* فصيلان خارج إطار "مُنظمة التحرير": حركة "حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي".
* فضلاً عن وفد "تجمع المُستقلين" برئاسة مُنيب رشيد المصري.
وفد اكتمل أمس (الاثنين) وصول الوفود إلى الجزائر، من: رام الله، عمان، غزة، الدوحة، بيروت ودمشق.
تُحاول الجزائر الوصول إلى اتفاق فلسطيني حول الرؤية التي وضعتها، انطلاقاً من المكانة التي تحظى بها القضية الفلسطينية لدى الرئاسة والحكومة والشعب الجزائري، ويُترجم بمقولة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، وأن استقلال الجزائر يبقى منقوصاً إلى أن تتحرر فلسطين.
لكن، هذه العاطفة، وما بُذل من جهد جزائري، على مُستويات عدّة، من أجل توفير المناخ المُناسب لعقد الاجتماعات، بحاجة إلى قرار من بعض الأطراف الفلسطينية، للقيام بخطوات بما يُؤدي إلى تنفيذ بنود الاتفاقات لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس وطنية صحيحة، وترجمة ما يُعلن من مواقف إيجابية بشكل عملاني.
يبذل الرئيس تبون جهوداً لتحقيق إنجاز في الملف الفلسطيني، يُقدمه خلال عقد القمة العربية الـ31، التي تستضيفها الجزائر يومي 1 و2 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، بعدما اختير لها اسم "قمة فلسطين"، لتكون القضية حاضرة بامتياز، ولتوحيد الموقف العربي لإعادة بناء العمل العربي المُشترك، بأن فلسطين، هي القضية الجوهرية والمركزية.
يتزامن عقد القمة، مع الهجمة الشرسة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، مع ارتفاع وتيرة العدوان الإسرائيلي ضد المدنيين، اغتيالاً، وتصفيةً، واعتقالاً، وتصعيداً ضد الأسرى، حتى باحتجاز جثامين الشهداء في البرادات ومقابر الأرقام، ومزيداً من الاستيطان والهدم، ومُمارسة سياسية التطهير العرقي والتمييز العنصري، والاعتداء على المُقدسات الإسلامية والمسيحية.
وبعد الخطاب التاريخي، غير المسبوق للرئيس عباس خلال انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المُتحدة الـ77 في نيويورك، يوم الجمعة في 23 أيلول/سبتمبر 2022، التي حدد فيها "خارطة طريق" فلسطينية للمرحلة المُقبلة، والإصرار على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المُتحدة، والانضمام إلى المُنظمات والهيئات الدولية، وطرح العودة إلى قرار التقسيم رقم 181، مقروناً بالقرار 194، الذي يُؤكد حق عودة اللاجئين.
تُعتبر الاجتماعات الفلسطينية في الجزائر، ليست بديلاً عن الحوارات التي استضافتها مصر، لكن في ضوء التجارب، فإن المطلوب ليس جلسات حوار جديدة، ولا اتفاقات، بل تنفيذ ما تتضمنه هذه الاتفاقات، لأن العناوين في كل الأوراق تتركز على النقاط ذاتها.
ما يأمله الفلسطينيون هو تغليب مصلحة الشعب على الشخصية والحزبية، انطلاقاً من التمسك بالقرار الوطني الفلسطيني المُستقل، وبما يُنهي الانقسام، ويُعيد الوحدة الوطنية، لأن ذلك هو مُقدمة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الذي تذرع كثيراً بذلك لعدم تنفيذ الالتزامات والاتفاقات والقرارات.