عام >عام
اسرائيل لن تقبل انتصار حزب الله الرئاسي
اسرائيل لن تقبل انتصار حزب الله الرئاسي ‎الأحد 6 11 2016 10:31
اسرائيل لن تقبل انتصار حزب الله الرئاسي


تبين ردود الفعل الاولية الصادرة في الصحافة الاسرائيلية، رغم عدم وجود موقف رسمي حتى الساعة للدولة الاسرائيلية، ان تل ابيب غير راضية عن مآل الانتخابات الرئاسية اللبنانية ووصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، بل ابعد من ذلك «عدم تقبلها» للانتصار الذي حققه حزب الله عبر هذه الخطوة،التي بينت امكانيات الحزب وقدرته على الامساك بالملفات الداخلية رغم كل ما يقال عن اهتزاز جبهته الداخلية.
فالانتصار الرئاسي بنظر تل ابيب، على ما تبرزه التحليلات يشكل «نكبة للوضع الاستراتيجي الاسرائيلي»، مع اكتمال «العقد الشرعي» الممتد من طهران الى بيروت، يضاف اليه «تحالف الريبة» موسكو، الذي تحت غطاء اجراءاتها العسكرية في سوريا يستفيد حزب الله لتمرير شحنات اسلحة متطورة الى لبنان تعزز من قدراته الردعية لا سيما على صعيد الدفاع الجوي والبحري. وهو ما كانت بانت اشاراته مع نشر الاعلام الحربي صورا لقاعدة دفاع جوي داخل الاراضي السورية يعتقد ان حزب الله يديرها استخدمت في مواجهة طائرات اسرائيلية اغارت على مواقع للجيش السوري في الجولان.
قلق يكشف اهمية تلك الاسلحة المتطورة التي تفوق كل ما شهدته «إسرائيل» حتى الآن، حيث يكشف الخبراء ان دخول تلك المنظومات، ويمكن بحسب التقدير الإسرائيلي، توفير الحماية الجوية لكل منظومة الصواريخ السورية ـ الإيرانية في لبنان وغرب سوريا، كما يمكنه من تقييد حركة جمع المعلومات الاستخبارية،سواء من خلال طلعات الطائرات من دون طيار او الطائرات العسكرية والمروحيات، ما يعني عمليا ضرب الخطط التي تقوم عليها الاستراتيجية العسكرية الجديدة والتي تتحدث عن انزال قوات خلف خطوط العدو، كما الخشية من استهداف السفن الحربية وفرض حصار بحري على الموانئ الاسرائيلية، دون اغفال حجم التدمير الهائل الذي قد يخرج قواعد سلاح الجو والمنشآت الحيوية من الخدمة، الأمر الذي سيغير بشكل جوهري توازن القوى الاستراتيجي. من هنا يأتي ما حدده عدد من المسؤولين الإسرائيليين بأن إدخال صواريخ أرض ـ جو الى لبنان متطورة هو «خط أحمر»، يدفع «إسرائيل» للرد عليه بإرسال «إشارة قاسية» الى المعنيين.
وفي معرض تحليلها لاسباب اثارة هذه القضية تشير مصادر مطلعة الى وجود ثلاثة احتمالات:
-افتراض ان ما يجري يندرج تحت عنوان التهويل على حزب الله نتيجة الاوضاع المستجدة على الساحة السورية وفي الداخل اللبناني مع نجاح الحزب في ايصال مرشحه الى بعبدا، والمخاوف من تعاون استخباراتي من تحت الطاولة روسي-ايراني-سوري، الامر الذي لا ينسجم مع حجم إثارة الموضوع على أعلى المستويات الدولية والتركيز على نوعية معينة من المنظومات الصاروخية لتبرير الحملة.
-اعتبار ما يجري مقدمة لهجوم اسرائيلي باتجاه لبنان لتغيير قواعد اللعبة بدعم اميركي واعادة التوازن الى المنطقة، في رد مباشر على التحركات الروسية المستجدة والمتسارعة من سوريا الى العراق. ورغم ان هذا الاحتمال يبقى قائما بشكل دائم ، الا انه مستبعد في المرحلة الراهنة لأسباب عديدة، ابرزها انه ليس جاهزا لشن حرب كهذه. علما ان امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لم يسقط تلك الفرضية عند حديثه عن استمرار الاستعدادات والجهوزية الدائمة لصد اي اعتداء اسرائيلي.
-امكانية ان تكون المخاوف خطيرة وجدية فعليا،ارتباطا بمعلومات أو تقديرات إسرائيلية من غير الممكن تحديد مدى دقتها، أو الوقت الذي جرى فيه التوصل اليها. من هنا يتوجب متابعة الحركة السياسية والعسكرية داخل اسرائيل لتحديد الموقف بدقة.
ازاء ذلك تستبعد المصادر من الناحية النظرية ،رغم وجود العديد من الاحتمالات، لجوء اسرائيل الى الحرب ، مبدية اعتقادها بان تل ابيب لم تستنفد حتى الساعة أدواتها السياسية لإيقاف ما تدعيه من استمرار تهريب السلاح إلى حزب الله، حيث تشير التحليلات الاسرائيلية الى إن الحل يكمن في الضغط الدولي على سوريا وروسيا، نظراً لأن بعض هذه الأسلحة التي تصل حزب الله من سوريا هي من إنتاج روسي، معتبرة ان المطلوب نقل الموضوع إلى مركز جدول الأعمال الدولي وتحويله إلى قضية مهمة في علاقات أوروبا مع سوريا.
من جهتها رفضت مصادر مقربة من الثامن من آذار، تأكيد او نفي المعلومات محيلة السائلين الى خطابات السيد حسن نصر الله التي تحمل في طياتها الاجابات عندما اعلن ان الحزب يستطيع أن يصيب أي نقطة في «إسرائيل»، مؤكدة ان المقاومة وفي اطار وعدها بتحقيق المفاجآت في صراعها ضد اسرائيل، لا تتدخر جهدا في سبيل تعزيز قدراتها الردعية ما يجعل تل ابيب تفكر وتعيد حساباتها عشرات المرات قبل الإقدام على أي مغامرة في لبنان، مشيرة الى ان تلك معلومات تكشف عمق القلق الإسرائيلي من التطور الجديد الذي فاق كل ما شهدته إسرائيل حتى الآن من حزب الله، الأمر الذي اذا ما صح سيغير بشكل جوهري توازن القوى الاستراتيجي في المنطقة.
رغم ذلك ، فقد أكدت صحيفة معاريف أنّ طرفي الصراع ، غير معنيين بالتسبب بنشوب حرب ومواجهة عسكرية واسعة،حاليا ، فالحزب يواجه على الجبهة الداخلية اللبنانية بعدما فقد عامل الردع الداخلي وسقطت المحرمات في مواجهته ، فضلا عن انغماسه في الحرب السورية، واسرائيل تواجه الواقع الاكثر تعقيدا منذ انشائها ، حيث يدرك المستوى القيادي جيداً أنّ المعركة المقبلة في الشمال ستكون أكثر قسوة مما سبق، وهي لن تقتصر على الحدود مع لبنان، بل ستشمل أيضاً ردوداً من الساحة السورية، حيث يسيطر الحزب على مواقع استراتيجية مهمة، وما يستتبع ذلك من خطر على الجبهة الداخلية.
غير أن معلقين أمنيين لاحظوا أن إثارة هذه المخاوف جراء تحليلات شكلية لبعض الإعلاميين، لا تنسجم مع واقع عدم توفر معطيات تقود إلى التسخين. فضلاً عن ذلك يستذكر محللون «إستراتيجية الجيش الإسرائيلي»، والتي استخلص منها البعض عدم ميل الجيش للمبادرة بهجمات واسعة خارج الحدود .
وفقا لما تقدّم ،ثمة قراءة لدى صنّاع القرار في الحزب ، تشير إلى أن احتمال اقدام اسرائيل على «مغامرة ما» ربطاً بمعطيات ميدانية وسياسية مختلفة، املا برسم سقف لم تستطع فرضه بالتهويل، ولا بالعمليات الامنية والعسكرية التي شنّتها في الداخل السوري، رغم علمها بقدرات المقاومة المتعاظمة ، سواء على مستوى التجهيز والسلاح الذي يراه «كاسراً للتوازن»، أو لناحية الخبرات التي اكتسبها مقاتلوه خلال الحرب السورية. رغم ان ثمة مخاوف ممن يريد ابقاء التوتر قائما لمختلف الحسابات الداخلية والاقليمية والدولية، ليبقى السؤال الدائم حول ما اذا كانت اسرائيل ستقبل بقواعد اللعبة التي يضعها حزب الله.
فهل ما يجري اعداد وتمهيد لحرب فعلية؟ أم هو مجرد استكمال لاستراتيجية رئيس الاركان غادي ايزينكوت التي تقوم على الحرب النفسية والتهويل، معتمدا على وسائل الاعلام لايصال رسائله؟ بالتاكيد اياً يكن لا احد يملك الجواب اليقين في ظل اقرار كل الاطراف ان اي حدث امني مهما كان صغيرا قد يتحول الى حرب، وربما تكون شاملة ،في لحظة خلط الاوراق الدائرة حاليا على المسرح الشرق اوسطي.

المصدر : ميشال نصر | الديار