بأقلامهم >بأقلامهم
"حليب الكلاب"!
جنوبيات
يُروى في الواقع المعاش حيث طغت عنجهيّة الغدر عند بعض الأوباش أنّ صراخًا علا في بيت المدعوّ "خفيف العطبان" بين زوجته ووالدته المقعدة، حيث أقدمت الزوجة على توجيه أقسى العبارات والكلام الشائن إلى حماتها "الأمّ المصابة بشلل نصفيّ".
على أثرها أخذ "خفيف العطبان" والدته إلى خارج المنزل وأقلّها بسيّارته وذهبا إلى وجهة لا تعلم الأمّ المسكينة عنها شيئًا.
وبعد مسير تجاوز النصف ساعة، أوقف "خفيف" السيّارة جانبًا، وأمسك بيد أمّه وأجلسها على كرسيّها المتحرّك وأدخلها إلى مكان لم تدخله من قبل.
وبلحظات عصيبة جلس "خفيف" على كرسيّ أمام مكتب الدخول وقام بتسجيل بيانات أمّه الحزينة، ثمّ أخرج دفتر الشيكات من جيبه ووقّع على شيك بمبلغ معيّن وأعطاه للمسؤولة عن المركز، وهمّ واقفًا بغية المغادرة.
وبعيون الحيرة، والخوف، والتعجّب سألته (الأمّ المتعبة) قبل أن يغادر: ألن تأخذني معك يا ولدي؟!
أجابها بنظرة اللامبالاة: من اليوم فصاعدًا هذا بيتك يا أمّاه!
وفي ظلّ هذه المشهديّة المبكية جاءت سيّدة في مقتبل الثلاثينات وقالت للعجوز: أهلًا يا خالة، هذا مركز "دار الأمان" ومن اليوم نحن سنقوم بخدمتك وسنتناوب على رعايتك والاهتمام بك.
وبثوان معدودة من زمن الصمت
الغادر تساقطت دموع الأمّ على خدّيها وتوغّلت في دهاليز التجاعيد، وبدأت تتمتم ببعض الكلمات بصوت مجروح من عمق الروح قائلةً: "لو كنت أعلم أنّني سألقى الأمان خارج حضن ابني، لأرضعته حليب الكلاب ليتعلّم الوفاء لحضن لم يسقه إلّا الأمان"!
وعليه، حذارِ عقوق الوالدين، فعقوبة العقوق معجّلة في الدنيا قبل الآخرة.