بأقلامهم >بأقلامهم
"لو دامت لغيرك ما وصلت إليك"
جنوبيات
يُحكى أنّ هارون الرشيد قد بنى قصرًا غاية في الإبداع. فلمّا وقف يسمع مدْحَ الشعراء فيه، مرّ مسكين فقال: يا هارون!
فهمَّ الجند أن يأخذوه تحت ذريعة "كيف ينادي (هارون) هكذا باسمه بغير أمير المؤمنين".
فقال هارون : دعوه، لا يتعرّض له أحد.
ثمّ قال للرجل : ماذا تريد؟
قال هل غضبت أنّي أناديك باسمك؟ إنّي أنادي من هو خير منك باسمه وفي أي وقت فلا يغضب، فأقول يا الله، يا رحمن، يا جبّار.
فقال له هارون: أُدنُ منّي.
فاقترب الرجل. فقال له هارون : عظْني.
فقال الرجل : لو دامت الخلافة لغيرك ما وصلت إليك.
ثمّ قال له: زدْني.
قال : أُنظر هذه قصورهم (وأشار إلى جهة معيّنة). وانظُر إلى الجهة الأُخرى (فتلك قبورهم).
ثمّ أردف قائلًا: "إنّ الدنيا إذا حلت أوحلت. وإذا كست أوكست. وإذا جلت أوجلت. وإذا أينعت نعت. وإذا جفت أوجفت. وكم من قبور تُبنى وما تبنا. وكم من مريض عدنا وما عدنا".
فكم من ملك رُفعت له (علامات). فلمّا (علا) مات.
وكم من من زائف ادّعى (الكرامات).
فلمّا (كرا) مات.
وعاجلًا أم آجلًا، سيموت الصالحون، وسيموت المجرمون، وسيموت المتكبّرون، وسيموت المتواضعون، وسيموت المسؤولون.
وفي بلادي ليس هناك من يتّعظ، ولا من يحزنون.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.